رغم انهماك جميلة عناب، أستاذة في « المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما » بتدريس الطلبة والاشتغال على فيلمها الوثائقي الأخير « بيت الحجبة » الذي عُرض ضمن المهرجان الوطني للفيلم في طنجة، إلاّ أنّها تبق متعلقة بالكتابة النقدية وممارساتها. فهي حريصة في كل مرحلة من تجربتها الإبداعية على اصدار كتاب تعطي فيه مساحة كبيرة لأفكارها ومواقفها ومشاهداتها. فعلاقة عناب بالكتابة النقدية جدية وتتّخذ بعداً علمياً، لأنّ كتاباتها أصيلة من حيث المبدأ وتعلم دائماً على التفكير في قضايا تظلّ في حكم اللامفكّر فيه. إذْ نادراً ما نعثر على تجربة إبداعية تُوازي بين الكتابة النقدية والإخراج السينمائي. فهذا النوع من المخرجين يمتلكون وعياًّ دقيقاً بالعملية السينمائية ويرصدون من خلالها سيرة الأفكار من الكتابة إلى الصورة.
وحسب الكتاب يطرح « إشكالا يتمثل في مقاربة التلقي في التحقق الفيلمي اعتماداً على مفاهيم ونماذج نظرية مستمدة من حقول معرفية أخرى، وتحديداً من الأدب واللسانيات والسيميوطيقا وغيرها، ومدى إمكانية توظيف هذا الجهاز المفاهيمي العام في دراسة الجانب السينمائي(الصناعة، الإنتاج، التسويق) وأيضاً في دراسة الجانب الفيلمي باعتباره بعداً خطابياً وبنية حكائية ولغة مركبة، وعلاقات قولية قائمة بيت ناظم الفيلم(المخرج) والمتلقي، أي هل بوسع الدارس أن يقتحم النصّ الفيلمي المركّب بمفاهيم وأدوات غير فيلمية ».
تضيف عناب « تعاملنا مع النظريات المستنبطة من الأدب (التلقي، التأويل، السيميائيات التداولية) ليس باعتبارها مجرّد مواقف نظرية، بل فرضيات منهجية واستراتيجية تحليلية صالحة لمقاربة الأفلام مواضيع الدراسة، خاصة أنها نظريات تتيح أدوات إجرائية تتكيّف مع المعطى الفيلمي، على مستوى مكونات السرد وآلياته، وأيضاً على مستوى العلاقة القائمة بين مستويات الخطاب والقصّة والسرد والمتن الحكائي ».
وخلصت الباحثة في هذا الكتاب أنه هناك ثلاثة أصناف « من الأفلام تصنع ثلاثة أنواع من المتلقين، أفلام الجمهور العريض ذات الإقبال المرتفع، ويمثلها فيلم « الطريق إلى كابول » وأفلام الجمهور المتوسطة الإقبال ويمثلها فيلم « جوق العميين » ثم أفلام النخبة القليلة الإقبال ويمثلها « الصوت الخفي ».