أن تكون مثليا، مغربيا ومسلما، يعني معادلة تستعصي على الحل، ولعل ما حدث في قضية الشابين المثليين بتمارة يؤكد ذلك، فهذان الشابان لم يحاكما فقط من طرف القانون بسبب مثليتهم، بل من المجتمع أيضا، الذي ينهل من المرجعية الإسلامية من أجل "إدانتهم".
هذا الطابو الذي نادرا ما نتحدث عنه بشكل جمعي، ليس بالضرورة اختيارا لجنس الفرد، بل هو مسألة اختيار حياة، فإما أن تكون مثليا، وإما أن تكون مغربيا مسلما، ولا مجال للجمع بين الاختيارين.
“منذ عشر سنوات، وأنا لا أعتبر نفسي مسلما" يقول مثلي مغربي سنسميه (ت. ح)، مع الإشارة أنه إذا كان هذا المثلي قد فضل التحدث بدون كشف هويته، فليس لإخفاء مثليته، فلعدم استعداده للحديث عن الموضوع بوجه وهوية مكشوفين، ويضيف ت.ح ل Le360 “ كل محيطي يعرف أنني مثلي، حتى في عملي، فقط الأناس العاديون في الشارع من لا يعلمون ذلك"، و حالة ت.ح ليست الوحيدة في هذا الصدد.
المثلية والدين؟
الكثير من المثليين المغاربة يصنفون أنفسهم كمؤمنين غير منتمين لأي ديانة "كيف يمكنني الاستمرار في الانخراط في ديانة لا تقبل بنا" يكشف ت.ح، ولعل هذا الرأي الذي يعبر عنه هذا المثلي يعيد وضع المثلية في سياق النقاش حول الحريات الفردية، وهو المعطى الذي جعل منظمة حكومية تأخذ البادرة في محاولة إطلاق عملية "حرروا الطابوهات"، الأمر يتعلق بالحركة البديلة من أجل الحريات الفردية (مالي)، ففي 17 ماي الماضي، نادت هذه الحركة بمسيرة تزامنا مع اليوم العالمي لمحاربة رهاب المثلية ومتحولي الجنس، ولهذا الغرض أطلقت عريضة على الشبكة العنكبوتية " في غضون أيام قليلة، أصبحنا نستقبل ما معدله ثلاثون توقيعا يوميا" يشرح لنا (ت.ح)، مع تسجيل أن 90 في المائة من التوقيعات كانت تأتي من الخارج.
المغاربة إذن بدؤوا تدريجيا في الحديث عن الموضوع، لكن الحديث عن حملة قائمة الذات مازال بعيدا، "أشك في أن مجتمعنا ناضج بما فيه الكفاية من أجل القيام بمثل هذه الخطوة"، يشرح محدثنا.
النت يجمعهم
هل يمكننا الحديث عن "تنظيمات مثلية" بالمغرب؟ بالنسبة لـمحدثنا فهو لا يظن ذلك، فخارج منتديات النقاش في مواقع كـgbtmaroc.com، لا يمكننا الحديث عن تجمعات مثلية مغربية، ويضيف (ت. ح) “عند إنشائنا للموقع كنا حوالي 20 إلى 30 شخصا نتبادل أطراف النقاش دوريا على النت، وكنا نلتقي بين الفينة والأخرى، بيد أن هذا الأمر ظل غير منظم، إلى الحد الذي خفتت فيه هذه اللقاءات بسبب التزاماتنا المهنية”.
اليوم، تواصل التنظيمات على النت لم شمل هؤلاء المثليين للنقاش حول مواضيع مثل الدين والسياسة والمجتمع، "النت فضاء يتيح لنا مناقشة المواضيع بكل حرية، صحيح أني محظوظ كون المقربين مني يتقبلوني كما أنا، لكن هذا ليس متاحا للجميع، فالنقص في التواصل يُشيطن المثلية، فيصبح الجميع يراها كأنها مرض". يعبر (ت.ح) بكل حسرة، قبل أن يستطرد "عندما يكتشف شاب حقيقة جنسانيته، فليس له أي ملاذ لإيجاد آذان صاغية"، ورغم هذا الوضع يصر محدثنا على النظر إلى النصف المملوء من الكأس، "رغم كل هذا، فرهاب المثلية في الجيل الحالي أقل مما كان عليه الحال من قبل في جيل آبائنا"، هو إذن تطور حاصل في العقليات في انتظار أن يأخذ النقاش أبعادا جديدة أكثر نضجا.