هذا الإقليم (الفقيه بنصالح)، الذي يعتبر أحد أهم الأقاليم الفلاحية بالمملكة، والذي لطالما عرف بوفرة الموارد المائية فيه، باتت آثار الجفاف واضحة عليه، بل غيرت ملامحه بعد وقف صبيب الوادي بسبب العجز المسجل على مستوى الحوض نتيجة انحباس الأمطار. وبالرغم من مرور أشهر طويلة على وقف الصبيب الإيكولوجي للوادي، مازالت ساكنة المنطقة، تتحسر على ما آلت إليه الأوضاع، وفق ما وثقته مقاطع فيديو تغزو شبكات التواصل.
يقول أبناء المنطقة، إنه لم يسبق لهم أن رأوا الوادي على هذا الحال، ولا حتى آبائهم أو جدودهم، ما يعكس مؤشرات "الأزمة العميقة" حسب وصفهم.
"كنا نقطن بجانبه، تعلمنا فيه السباحة، وأخذ أرواح الكثيرين من أبناء المنطقة، كان مكان هادئ للهاربين من صخب الحياة والمدينة، لعشاق الصيد، والمناظر الطبيعية، لكن لم نتخيل يوما أنه سيصبح على هذا الحال، أرض جافة تملؤها الأحجار...إنه وضع مؤسف". يضيف أحد أبناء المنطقة في مقطع فيديو منشور على مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا الرجل، ووفق ما ظهر في شريط مدته حوالي 4 دقائق ونصف، انهمرت دموعه تأسفا على ما وصل إليه هذا النهر الذي تربطه علاقة خاصة بساكنة المنطقة، مشيرا إلى أنهم " لم يعودو قادرين على المرور بجانبه، ورؤية هذا المنظر المحزن".
أسباب جفاف الوادي
رشيد شهري، مهندس بوكالة الحوض المائي لأم الربيع، قال في تصريح سابق ل Le360، إن السبب وراء جفاف وادي أم الربيع على مستوى هذه المنطقة راجع إلى وقف صبيبه،بسبب العجز المسجل في الموارد المائية، وذلك في إطار التدابير التي اتخذتها الوكالة لتدبير هذا النقص ولضمان تزويد المواطنين بالماء الشروب.
وأوضح، بأن "السنة الهيدرولوجية 2021-2022 هي السنة الجافة الرابعة على التوالي، حيث سجل الحوض عجزا في الواردات المائية بلغت بنسبته 75% مقارنة مع المعدل السنوي.
مع هذا العجز، يضيف المسؤول بوكالة أم الربيع، "تم توقيف إمدادات سقي مدار بني عمير، وكذلك وقف الصبيب الإيكولوجي أو الصحي الذي كان يفرغ خلال السنوات العادية، رغم دوره البيئي المهم وكذلك أهميته في إرواء الماشية".
وشدد المتحدث على أن الأولوية تعطى دائما للماء الصالح للشرب، وذلك "لكون الخطر الأكبر هو عدم توفير مياه الشرب للمدن المتواجدة في السافلة".
وأشار إلى أن مجموع التساقطات المسجلة بحوض أم الربيع إلى غاية نهاية غشت 2022 هو 198 ملم، في حين أن المعدل هو 421 ملم، أي بنسبة عجز بلغت 53%". كما أن حجم الواردات هذه السنة بلغ 773 مليون متر مكعب فقط، مقارنة مع المعدل السنوي الذي يقدر بحوالي 3054 مليون متر مكعب، أي بنسبة عجز بلغت 75% مقارنة مع المعدل".
حوض أم الربيع الأكثر "تضررا"
عرفت المملكة هذه السنة، عجزا غير مسبوق في الموارد المائية بمختلف أحواضها وسدودها، سيما تلك التي تزود كبريات المدن بالماء الشروب، وذلك بسبب التغيرات المناخية وشح التساقطات المطرية.
وكان حوض أم الربيع الذي يضم 11 سدا، (كان) أكثر الأحواض تضررا من مشكل ندرة المياه.هذا ما دفع الوكالة المسؤولة عن تدبير الحوض إلى اتخاذ تدابير استعجالية لسد الخصاص الكبير في هذه المادة الحيوية، من بينها وقف صبيب وادي أم الربيع.
وقال عادل محفوض، المكلف بتدبير الموارد المائية بوكالة الحوض المائي لأم الربيع، في تصريح سابق لـLe360، إن وكالة الحوض المائي لأم الربيع تسابق الزمن لتدبير هذه الوضعية، وضمان تزويد ساكنة المناطق التابعة لنفوذها بالماء الشروب.
وأوضح المتحدث أنه تم اتخاذ تدابير استعجالية لسد الخصاص الكبير في هذه المادة الحيوية، أبرزها مشروع ربط حوض أبي رقراق بالدار البيضاء لتزويد الساكنة بالماء الشروب، تحويل 80 مليون متر مكعب من سد بين الويدان إلى سد المسيرة، إنجاز مشاريع تحلية مياه البحر لمدن الدار البيضاء وآسفي، وتشديد المراقبة بمجموعة من مقاطع وادي أم الربيع وقنوات الجر في إطار دوريات مشتركة للحد من جلب المياه بطرق غير قانونية إلى جانب تفويت 3 صفقات لإنجاز 120 ثقبا استكشافيا للموارد المائية الجوفية.