واعتبر بوريطة في جوابه الذي تحصل le360 على نسخة منه، أن اتفاقية التبادل الحر القارية الإفريقية، التي تم تبنيها من طرف هياكل الاتحاد الإفريقي سنة 2015، ودخلت حيز التنفيذ سنة 2019، إحدى المشاريع الكبرى لأجندة 2063، والهادفة إلى خلق سوق إفريقية حرة تضم أكثر من مليار مستهلك، مما يجعلها السوق الحرة الأكبر على مستوى العالم، مضيفا أن هذه الاتفاقية التي صادقت عليها، إلى حدود اليوم، 43 دولة إفريقية من أصل 54، تعد إنجازاً ملموساً في مسار يجعل من الاندماج الاقتصادي للقارة الإفريقية هدفه الأسمى.
وأشار رئيس الديبلوماسية المغربية أن إنشاء المجموعة الاقتصادية الإفريقية يمر عبر مراحل، أولها خلق منطقة تجارة حرة، يليها خلق اتحاد جمركي، ثم المرور إلى اتحاد اقتصادي، قبل إتمام مسار الاندماج بخلق اتحاد اقتصادي ونقدي، كما نصت على ذلك معاهدة أبوجا لسنة 1991، مبينا أن مسلسل المفاوضات الخاص بهذه الاتفاقية، بلغ مرحلته الثالثة بعد استيفاء التفاوض حول البروتوكولات الخاصة بالمرحلتين الأولى والثانية.
وبين جواب الوزير أن المرحلة الأولى تُوِّجت بالتوصل إلى تبني البروتوكولات المتعلقة بتجارة السلع وتجارة الخدمات وقواعد وإجراءات تسوية المنازعات، في حين تم تبني البروتوكولات المتعلقة بالاستثمار وحقوق الملكية الفكرية وسياسة المنافسة، كمرحلة ثانية، مضيفا أن المرحلة الثالثة والأخيرة، لا تزال المفاوضات مستمرة من أجل الوصول إلى نصوص متوافق عليها، بخصوص فئتي النساء والشباب في التجارة وكذا التجارة الرقمية، والتي من المنتظر الانتهاء من تحضيرها قصد عرضها على أنظار الأجهزة التقريرية للاتحاد الإفريقي خلال السنة الجارية.
واعتبر بوريطة أنه ونظراً للأهمية الاستراتيجية التي يحيط بها الاتحاد الإفريقي هذه الاتفاقية، ولتسريع عملية تنزيلها، فإن المؤتمر الأخير لرؤساء دول وحكومات المنظمة، قد خلُص إلى جعل التسريع بتنزيل هذه الاتفاقية موضوعاً لسنة 2023، مؤكدا على أنه بالرغم من الفوائد المنتظرة من هذه الاتفاقية، فإن هذا المشروع يواجه عدداً من التحديات، أبرزها النقص القاري على مستوى البنيات التحتية، رغم الجهود المبذولة من طرف الدول الإفريقية للتوفر على بنية تحتية عصرية (الطرق، الموانئ، خطوط السكك الحديدية والمطارات، فضلاً عن شبكات التواصل الرقمية)، وكذا تفشي النزاعات والتهديدات الأمنية، إضافة إلى الحركات الإرهابية والانفصالية في مختلف ربوع القارة، علاوة على ضعف انخراط القطاع الخاص في الدول الإفريقية، والذي لم يبد انخراطا كافيا لحد الآن، حسب المسؤول الحكومي.
وشدد ناصر بوريطة في جوابه، على أنه وإيماناً من المغرب بنفع هذه الاتفاقية على عموم القارة الإفريقية، وأهميتها في مسلسل الاندماج الإفريقي الذي لطالما دعا إليه، قام المغرب بالتوقيع على هذه الاتفاقية بتاريخ 21 مارس 2018، كما قام بالمصادقة عليها بتاريخ 24 فبراير 2022، قبل أن يقوم بإيداع وثائق المصادقة لدى مفوضية الاتحاد الإفريقي بتاريخ 18 أبريل 2022، مبينا أنه ومن أجل إنجاح انخراط بلادنا في تنفيذ هذه الاتفاقية، تعمل مصالح وزارته مع كافة الشركاء من القطاعات الوزارية الأخرى، وكافة المتدخلين من أجل تذليل جميع الصعوبات واستكمال الاستعدادات التنظيمية والإجرائية، لتنزيل الاتفاق على المستوى الوطني، وهو ما يتجلى في العمل المشترك قصد الإسراع بتشكيل اللجنة الوطنية لمنطقة التبادل الحر القارية الإفريقية، وكذا بلورة الاستراتيجية الوطنية وخطة العمل الخاصتين بهذه الاتفاقية.
وأكد جواب الوزير على أن التزام المملكة بتطوير منطقة التجارة الحرة الإفريقية، يأتي إيماناً منها بارتباط مسار التنمية بالدول الإفريقية بعضها ببعض، مبينا أنه تقييم هذه الاتفاقية بعد أكثر من سنتين من دخولها حيز التنفيذ يبقى إيجابياً، لاعتبارات عديدة، كمساهمتها في تحقيق تكامل اقتصادي بين الدول الإفريقية، عبر تحفيز سلاسل الإمدادات، مما سيمكن هذه الدول من تعويض ما ينقصها من مواد أولية لتنشيط التصنيع، وهو ما سيمكن المغرب أيضاً من تقوية أوراشه الصناعية، وكذا باعتبار الحضور الوازن للمغرب في الأسواق الإفريقية كمستثمر وكمصدر للسلع والخدمات، فإن من شأن منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية تعزيز هذا الحضور، وذلك عبر تنشيط صادراته بالخصوص في القطاعات التي تحقق فيها بلادنا ميزة نسبية كالنسيج والصناعات الغذائية، علاوة على تعزيز الروابط الاقتصادية والاستفادة المتبادلة من سلاسل الإيرادات الإفريقية، والذي من شأنه تقوية روابط التعاون بين المغرب وباقي الدول الإفريقية.