هناك أدلة لا لبس فيها، ومع مرور الأيام، تشير إلى جهة واحدة، في ما يتعلق بالمقذوفات المتفجرة الأربعة التي طالت الأحياء المدنية ليلة السبت إلى الأحد 29 أكتوبر بمدينة السمارة، في جنوب المغرب. هذه التفجيرات خلفت قتيلا و3 جرحى بينهم اثنان في حالة خطرة، فضلا عن خسائر مادية. هذه الجهة المسؤولة عن التفجيرات هي الجبهة الانفصالية المسلحة، التي تحتضنها وتمولها وتسلحها الجزائر.
وبحسب مصدر مطلع، فهناك مجموعة من الأدلة الموثقة والمتطابقة والدامغة التي تثبت ضلوع البوليساريو في هذه التفجيرات. مع البيانات الصحفية اليومية والأعمال العدائية المسلحة منخفضة الحدة على طول الجدار الدفاعي، لم تعد جبهة البوليساريو تخفي عودتها إلى «العمل المسلح»، منذ أن أعلنت، في 13 نونبر 2020، انتهاء وقف إطلاق النار من جانب واحد، وهو الاتفاق المبرم عام 1991 تحت رعاية الأمم المتحدة. وإذا لم يكن لتهديداتها حتى الآن صدى يذكر، بل وتأثير أقل في الميدان، فيبدو أن الجبهة الانفصالية تريد التصعيد باستهداف هذه المرة المدنيين.
أحد الأدلة التي تشير إلى مسؤولية الانفصاليين عن الهجمات الجبانة ضد المدنيين في السمارة هو على وجه التحديد التبني الرسمي من قبل جبهة البوليساريو نفسها للهجوم من خلال «البلاغ الحربي رقم 901». وتؤكد فيه الميليشيا الانفصالية أنها نفذت هجمات مسلحة على السمارة -ذكرها البلاغ بالاسم- وتسببت في وقوع ضحايا. وهناك عنصر آخر يزكي مسؤولية البوليساريو هو الصمت المطبق للجبهة الانفصالية، في حين تصدر تبنيها لهذا الهجوم عناوين الصحافة العالمية. ونشرت عشرات المقالات معلومات تتعلق بعمليات إطلاق النار هذه وتبنيها. البوليساريو، التي ابتلعت لسانها، لم تحتج على ذلك.
إن الممثل المزعوم للبوليساريو لدى الأمم المتحدة، سيدي عمر، أكد هذا الأمر. فعقب اعتماد مجلس الأمن، يوم الاثنين 30 أكتوبر، القرار 2703 المتعلق بالصحراء، أدخل هذا العضو في جبهة البوليساريو من قبل نائب ممثل جنوب إفريقيا إلى قاعة المؤتمرات بمجلس الأمن، رغم أنه لا يحق له الدخول إليها وعندما سئل عن الهجمات التي استهدفت السكان المدنيين في السمارة، تبنى المدعو سيدي عمر علنا محتوى بلاغ الانفصاليين الشهير رقم 901. وبرر هذا العمل الإجرامي باسم «النضال ضد المحتل».
وما لا يقوله هذا العضو في جبهة البوليساريو، وهو أيضا منسقها مع بعثة المينورسو، هو أن هذه الهجمات استهدفت أحياء مدنية ومحلات سكنية ومنطقة صناعية، وحيث لا توجد منشآت عسكرية أو استراتيجية. وأشار مصدرنا إلى أن «حتى مطار السمارة المدني يبعد عن مكان التفجيرات بأكثر من كيلومترين».
بالنسبة للمغرب، تشكل هذه التصرفات تهديدا واضحا وغير مسبوق للسلم والأمن في المنطقة، وهو ما تعتبره المملكة خطا أحمرا. يتعلق الأمر بمحاولة خرقاء ويائسة للتأثير في قضية الصحراء، قبل يوم من اعتماد قرار مؤيد بشكل واضح للمغرب والذي يقبر مرة أخرى أوهام البوليساريو وأوهام عرابها الجزائر في ما يتعلق بخيار للاستفتاء. والهدف واضح: تحويل الانتباه والضغط على مجلس الأمن الدولي.
وفي الوقت الحالي، فإن المغرب، وفي إطار دولة القانون، يدعو إلى الحكمة وضبط النفس. وقد فتحت النيابة العامة المختصة بالعيون تحقيقا، وتجري التحليلات التقنية والباليستية لتحديد طبيعة المقذوفات ومصدرها بدقة. وتحرص السلطات المغربية على عدم استباق نتائج هذا التحقيق ولا تعلق على المسار القضائي. أوضح مصدرنا قائلا: «سوف تعبر عن موقفها بمجرد الحصول على العناصر الأولية». السلطات المغربية، التي التزمت الهدوء أمام هذه الاستفزازات المتهورة، ستواصل التحقيقات حتى نهايتها، حتى تحديد المسؤوليات ومن ثم تطبيق القانون بصرامة تامة.