المغرب يترأس مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة: خلفيات الهزيمة المزدوجة للجزائر وبريتوريا

وزير الخارجية ناصر بوريطة والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا

في 11/01/2024 على الساعة 10:30, تحديث بتاريخ 11/01/2024 على الساعة 10:30

بالرغم من مناورات الجزائر التي حشدت بشكل هستيري ديبلوماسيتها وأذرعها الإعلامية ضد ترشح المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تمكن المغرب من إلحاق هزيمة نكراء بجنوب أفريقيا. وإذا كان النظام الجزائري قد أبان عن نشاط هستيري كما هي عادته، فإن هزيمته بريتوريا أمام المغرب لها تداعيات مهمة. تحليل.

منذ أكثر من شهر، عبأت الجزائر كل طاقاتها للوقوف في وجه ترشح المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لسنة 2024: حشد بعثاتها الديبلوماسية، وإطلاق العنان لأذرعها الإعلامية، وهجمات البوليساريو، ومناورات فجة وراء الكواليس... تم استعمال كل الوسائل. والهدف تجنب أسوأ السيناريوهات الممكنة: هزيمة جنوب أفريقيا، أكبر الداعمين لها في القارة الأفريقية ضد المغرب. يكفي فقط رؤية عدد المقالات والافتتاحيات المخصصة لهذا الموضوع في الصحافة الجزائرية في الأسابيع الأخيرة لإدراك هذا الأمر.

وأمام التحركات الهستيرية للجارة الشرقية، التزمت المملكة المغربية الهدوء وعملت في صمت وهدوء. وفي نهاية المطاف، انتصر العمل الجاد على الثرثرة والخطابات الفارغة.

وانتهت المواجهة المباشرة بين جنوب أفريقيا والمغرب يوم الأربعاء 10 يناير بفوز المملكة بسهولة في جنيف وانتخبت لرئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لسنة 2024.

كانت النتيجة واضحة: المملكة حصلت على 30 صوتا من أصل 47 في هذه المنظمة الأممية. وضد من؟ ضد جنوب أفريقيا، التي لم تحصل إلا 17 صوتا. وإذا كان من الطبيعي أن تذهب الرئاسة الدورية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى أفريقيا، فإن المغرب وجنوب أفريقيا كانا يتنافسان لخلافة التشيك.

وأمام عمر زنيبر، سفير المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة بجنيف، ترشح الجنوب إفريقي مكسوليسي نكوسي. والطريف في الأمر ولكن كان له دلالة رمزية أيضا: غياب صندوق الاقتراع المخصص للتصويت، في ذلك الصباح، والعثور عليه متضررا، ولكن ذلك لم يغير من الأمر شيئا. وكان على الأعضاء أن يقدموا أصواتهم مباشرة إلى موظفي الأمم المتحدة.

إنها سابقة تاريخية للمملكة، والتي تمت مكافأتها على خيارها الذي لا رجعة فيه بإرساء سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. لكن قبل كل شيء، إنها هزيمة قاسية للجزائر، التي لم يؤد ضجيجها إلا إلى الإذلال. فمن ناحية، المغرب الذي يعمل في صمت، ويقوي بناءه الديمقراطي، والذي يكتسب عمله الخارجي الثقة والمصداقية على الساحة الدولية وفي النظام المتعدد الأطراف. ومن ناحية أخرى، مناورات بئيسة من جانب الجزائر التي تفضل، ردا على الأزمات الداخلية، مهاجمة جارتها، وتتلاعب كما تشاء بكل من وكيلها، جبهة البوليساريو، ومظلتها الدولية، جنوب أفريقيا.

« بتكريس المقاربة الإرادوية والبناءة التي اتبعها المغرب في مجال حقوق الإنسان، والذي يخضع أيضا لتقييمات منتظمة واستعراضات دورية تؤكد أهميته، فإن هذه الانتخابات تشكل في حد ذاتها ردا لاذعا على الاتهامات التي وجهتها الجزائر وجنوب أفريقيا بشأن وضعية حقوق الإنسان في المغرب، وفي الصحراء على وجه الخصوص »، يؤكد المحلل السياسي مصطفى السحيمي العارف بخبايا هذا الموضوع. وأشار كدليل على ذلك النتيجة الكبيرة التي حصل عليها المغرب بتصويت بلدان تمثل عدة قارات. وأوضح قائلا إن « هذا يدل على أن جميع الحجج التي يقدمها خصوم المغرب غير مقبولة ».

مخاوف هستيرية

إن هياج النظام الجزائري له اسم آخر: الخوف الهستيري. لقد كانت الطغمة العسكرية تخشى بشدة أن ترى المغرب، في حالة انتصاره على جنوب أفريقيا، يصل إلى الملفات، وهي كثيرة، عن انتهاكات النظام الجزائري لحقوق الإنسان. وذلك منذ العشرية السوداء، التي ارتكبت خلالها أسوأ الفظائع وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ضد السكان المدنيين، وحتى الاعتقالات وأحكام الإعدام الأخرى التي لا تزال هي القاعدة ضد كل الأصوات المعارضة. فضلا عن العقوبات الإدارية التي تطال ما تبقى من المجتمع المدني الذي ينتقد « النظام ». يخشى النظام الجزائري من أن تنكشف فضائحه العديدة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان للمغرب في حال توليه رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يكون الوضع الإنساني الكارثي في مخيمات تندوف في قلب تحركات المغرب. ففي أكتوبر الماضي، ندد عمر زنيبر بـ« عسكرة » المخيمات أمام اللجنة التنفيذية لبرنامج المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مشيرا إلى رفض الدولة المضيفة إجراء حتى مجرد إحصاء للسكان المحتجزين والمحرومين من أبسط حقوقهم، بدءا بحرية التنقل.

لكن ما يفسر قبل كل شيء الهيجان الهستيري للنظام الجزائري بشأن النصر المحتمل للمغرب هو هوية البلد الذي كان في سباق ضد المملكة. وتعتبر الجزائر جنوب أفريقيا أفضل دعم لها ضد الوحدة الترابية للمغرب. ولا تزال هذه القوة القارية بمثابة أداة للطغمة العسكرية لمواجهة الإنجازات الدبلوماسية التي حققها المغرب بشأن قضية الصحراء الغربية. ومع ذلك، فإن رؤية الغول الجنوب أفريقي وهو يهزم أمام المغرب هو أمر لا يطاق بالنسبة للنظام الجزائري. وهذا يعني أن المغرب لا يلحق الانتكاسات بالنظام الجزائري فحسب، بل أيضا بالقوة التي يستخدمها لإحراج المملكة ومعاكستها. إلا أن هذه القوة منيت بهزيمة مهينة، بنتيجة واضحة: 30 مقابل 17 صوت. ومن المؤكد أن هذه الانتكاسة ستكون لها تداعيات على المستوى القاري، وهي بالفعل تنذر بنتيجة معركة أخرى، معركة رهانها الأكبر هو طرد الجمهورية الصحراوية الوهمية من الاتحاد الأفريقي.

ويتعين على بريتوريا، التي لم تكن معتادة حتى الآن على تلقي الضربات من المغرب، أن تتعامل مع واقع جديد: وهو أن عداءها الصارخ للوحدة الترابية للمملكة له تأثير سيء على أجندتها الدولية.

وللتهرب من مسؤولياتها، راهنت الجزائر بشكل كامل على ترشيح جنوب أفريقيا، وأحد « الأسباب » النادرة المشتركة مع الطغمة العسكرية هو الدعم الواضح لميليشيا البوليساريو. إن المحاولة فشلت هذه المرة « تماما كما فشلت المحاولات الأخرى الرامية إلى إعطاء مكان للبوليساريو في المحافل الدولية، وكما ضاع مشروع انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس، التي كانت ستكون منصة لإطلاق أطروحات هذا البلد. دليل جديد، إذا كانت هناك حاجة إلى أي دليل، على أن دبلوماسية تسير على غير هدى »، يختم مصطفى السحيمي.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 11/01/2024 على الساعة 10:30, تحديث بتاريخ 11/01/2024 على الساعة 10:30