تداولت كل الصحف الجزائرية الصادرة يوم الأحد 18 يونيو 2023 بيانا صادرا عن الشرطة الجزائرية. هذه الأخيرة أعلنت أنها تمكنت « من إحباط مخطط يهدف إلى طرح للتداول بالسوق الوطنية أوراقا نقدية مزورة، عشية حلول عيد الأضحى ».
ويتعلق الأمر، بحسب نفس البيان، بمبلغ يقدر بـ »321 مليون سنتيم من فئة 2000 دج ». وقيمة هذه الملايين التي تم ضبطها في سيدي بلعباس تعادل في الإجمال 235 ألف درهم مغربي. ولم يمنع ذلك الشرطة الجزائرية من توجيه أصابع الاتهام إلى المغرب قائلة « إن هذه الشبكة الإجرامية المنظمة تتكون من أربعة أشخاص، يقودها الرأس المدبر انطلاقا من المغرب ».
الأشخاص الأربعة المذكورون جميعهم من الجنسية الجزائرية. أما « الفرد المستقر في المغرب »، فلم تكشف الشرطة الجزائرية هويته ومدينة إقامته، إلا إذا كان من المتوفين المدفونين في مقبرة سيدي بلعباس.. في سلا.
تعود هذه القضية إلى « نهاية الأسبوع الماضي »، أي حوالي عشرة أيام من الآن، وتم الكشف عنها بعد «معلومة مفادها استعداد مجموعة إجرامية لطرح أوراق نقدية مزورة على مستوى ولاية سيدي بلعباس».
«الرأس المدبر مغربي»
يطبع المشتبه به الرئيسي، وفقا للشرطة، نقودا مزورة في منزله وتم القبض عليه متلبسا في « ورشته السرية ». « الرأس المدبر المغربي » استعان « بشخصين (2) ينحدران من مدينة مغنية (تلمسان)، لتهريب الورق ومواد أخرى تستعمل في تزوير العملات النقدية، ثم سلم هذه المواد للمشتبه فيه الرئيسي الذي كلف في مرحلة أولى بتزوير وطبع العملة وطرحها في السوق المحلي، لا سيما على مستوى أسواق المواشي، على أن يتم تعميم العملية في مرحلة ثانية على باقي الولايات الغربية ».
رواية سريالية خاصة وأن المرأة المقيمة في سيدي بلعباس، والتي لم يتم تحديد دورها، هي رابع مشتبه جزائري في هذه القضية، التي وصفت بأنها جريمة عابرة للحدود، على الرغم من أن الحدود بين الجزائر والمغرب مغلقة منذ سنوات وتحت المراقبة الشديدة من الجانبين.
وفي محاولة لإضفاء مظهر الجدية على هذه الرواية الطويلة، ذهبت الشرطة الجزائرية إلى حد الادعاء بأنه « أصبح من الواضح أن الهدف من هذه الشبكة هو إغراق البلاد بالعملة المزيفة، من أجل إسقاط النظام المالي الجزائري ». فهل النظام المالي الجزائري هو بهذه الهشاشة بحيث يمكن أن يتعرض للخطر بمجرد تداول 235 ألف درهم (22 ألف أورو) من الأوراق النقدية المزيفة؟ لا شيء يجب أن يفاجئنا « في البلد الذي يسير على رأسه »، حسب تعبير مؤلفي كتاب « الداء الجزائري ».
هل يريد صاحب مثل هذه الادعاءات إخفاء أزمة جديدة في النظام المالي المحلي، الذي كان دائما ينزف بسبب الفساد واسع النطاق، والذي وصل إلى عشرات المليارات من الدولارات كل عام؟ كيف يمكن للمغرب، بـ « فرد » وحفنة صغيرة من الدنانير المزورة، أن يؤثر على بلد دمر نفسه وعملته لا قيمة لها بسبب عملية طبع الأوراق النقدية بلا توقف منذ الستينيات؟
سعر الصرف الرسمي.. والسعر الحقيقي
الجزائر هي واحدة من البلدان القليلة في العالم التي لا يعتبر فيها البنك المركزي هو المعيار لسعر الصرف، ولكن السوق السوداء. وقد أشار البنك الدولي إلى سعر الصرف المزدوج هذا، في تقرير نشر خلال الشهر الحالي، ويرى فيه مؤشرا على خلل كبير في الاقتصاد الجزائري. في الجزائر، يطلق على هذا السوق الموازي « السكوار » (square)، وهو الاسم الذي يطلق على مكان في الجزائر العاصمة حيث يتم تحديد سعر الصرف الحقيقي. مع العلم أن الفرق بين السعر الرسمي والسعر الموازي يزيد عن 30 ٪. وفي الوقت الدي يساوي فيه سعر الدولار الرسمي 137 دينارا، يتم تبادله في « السكوار » بمبلغ 209 دينارا.
كيف نفسر، أخيرا، خرجة الشرطة الجزائرية هاته وخاصة وأن هذه الأخيرة همشت منذ ظهور « الجزائر الجديدة » التي دعا إليها الثنائي عبد المجيد تبون- سعيد شنقريحة. هذا الأخير قرر أن الجيش هو الذي سيهتم بشكل مباشر من الآن فصاعدا بجميع الشؤون الداخلية للبلاد؟
وهكذا، من أجل خدمة دعاية الطغمة العسكرية سيئة السمعة، قام الجيش، من بين أمور أخرى، بتجريد الشرطة من سلطاتها، من خلال القيام مباشرة باعتقال المعارضين السياسيين، والصحفيين المتمردين، و« الإرهابيين » المزيفين، وتجار المخدرات، بقطع الاتصال بالإنترنت بانتظام...في حين كان من المفترض أن يتكلف فقط بتأمين الحدود. رئيس الشرطة الجزائرية لا يطلب المزيد، فهو الذي يكرس معظم وقته لإدارة فنادقه وأعمال أخرى مثيرة في فرنسا، حيث عقد زواجا أبيضا من أجل الحصول على تصريح إقامة.