لقد سبق وأن دعت « مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان » الحكومة الجزائرية إلى الامتناع عن طرد المهاجرين طردا جماعيا، إلا أن الجزائر تمادت في أعمالها التعسفية ضد المهاجرين، بل وضربهم والتنكيل بهم، وفي مناسبات عدة، سرقت هواتفهم وحاجياتهم الشخصية، كما أدت عمليات الطرد إلى فصل العائلات..!!.
يحدث هذا والجزائر ياللغرابة طرف في «الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم» التي تحضر الطرد الجماعي للعمال المهاجرين وعائلاتهم وتشترط فحص كل طرد محتمل بشكل فردي، وهذه الاتفاقية تنطبق على جميع المهاجرين وأسرهم، بغض النظر عن وضعهم القانوني أو عملهم.
ونجد أن القانون رقم 11.08 الصادر في 25 يونيو 2008 بشأن شروط الدخول والإقامة وحركة الأجانب في الجزائر يمنح السلطات صلاحية طرد الأجانب الذين دخلوا الأراضي الجزائرية بصورة غير شرعية، أو انتهت صلاحية تأشيرات دخولهم، لكنه يطلب منها إبلاغ الشخص أن لديه 48 ساعة و15 يوما لمغادرة الإقليم، حيث يمنح الشخص خمسة أيام للطعن في القرار أمام قاضي الأمور المستعجلة في المحكمة الإدارية، الذي أمامه عشرين يوما لاتخاذ قرار بشأن مشروعية القرار، إلا أن منظمة » هيومن رايتس ووتش » أكدت أن السلطات الجزائرية لم تتبع هذا الإجراء في الحالات الموثقة.
وبصفتها طرفا في «الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين» لعام 1951 و«اتفاقية مناهضة التعذيب» وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية لعام 1987، يحظر على الجزائر ترحيل أي لاجئ أو طالب لجوء قسرا إلى مكان يواجه فيه خطر التعرض للاضطهاد، أو أي شيء آخر إلى مكان قد يتعرض فيه للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية والمهنية، إلا أن بلاد القوة الضاربة تضرب بكل القوانين عرض الحائط، بل تتمادى في خرق مواثيق القانون الدولي، حيث تنص المادة 23 من اتفاقية العمال المهاجرين على أن «يتمتع العمال المهاجرون وأفراد أسرهم بالحق في اللجوء إلى الحماية والمساعدة من السلطات القنصلية أو الديبلوماسية لدولة منشئهم أو للدولة التي تمثل مصالح تلك الدولة، كلما حدث مساس بالحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية، وبصفة خاصة، يخطر الشخص المعني في حالة الطرد بهذا الحق دون إبطاء، وتيسر سلطات الدولة القائمة بالطرد ممارسة هذا الحق».
وتنص المادة 15 من اتفاقية العمال المهاجرين، والجزائر للإشارة طرف فيها على أن «لا يحرم العامل أو المهاجر أو أي فرد من أسرته تعسفا من ممتلكاته، سواء أكانت مملوكة ملكية فردية أو بالاشتراك مع الغير».
ونجد أن الكراغلة لم يطبقوا هذه المواثيق الدولية وكذا المبادئ التوجيهية قبل ترحيل طالبي اللجوء في الحالات التي تم توثيقها من قبل المنظمات الدولية والهيئات الحقوقية، حيث انتقدت منظمة » أطباء بلا حدود » مؤخرا » الممارسات غير الإنسانية " التي يتعرض لها الأفارقة جنوب الصحراء.
واليوم دعت هذه المنظمة، المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، أخذ المتعين في حق آلاف المهاجرين الذين تم ترحيلهم من الجزائر وتركهم في صحراء شمال النيجر، حيث تقطعت بهم السبل، وباتوا بلا مأوى أو رعاية صحية أو حماية، ولا تتوفر لهم حتى الضروريات الأساسية.
ونجد أن «مكة الثوار» و «قبلة الحرائر»، التي تدعي عبر أبواقها الإعلامية، أنها بلاد لم الشمل العربي، مازالت تواصل طرد المهاجرين السوريين والفلسطينيين واليمنيين، وترحيلهم إلى النيجر، رغم أنهم لم يدخلوا الأراضي الجزائرية من النيجر، بل إن جوازاتهم تحمل التأشيرة الليبية، وكثيرا ما يتحدث المتضررون إلى وسائل الإعلام الدولية أو منظمات الإغاثة وحقوق الإنسان العاملة في النيجر حول احتجازهم وتعرضهم للضرب وأشكال أخرى من استخدام العنف على أيدي أفراد قوات الأمن الجزائرية، وقد أصدرت منظمة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة» الحقوقية، تقريرا وثقت فيه ترحيل السلطات الجزائرية للمئات من طالبي لجوء سوريين إلى مناطق صحراوية نائية لا تتوفر فيها مقومات الحياة، ورافق عمليات الترحيل -تؤكد المنظمة-ارتكاب الشرطة الجزائرية تجاوزات بحق طالبي اللجوء، تمثلت في سلبهم معظم مقتنياتهم الشخصية ذات القيمة، ومعاملتهم بقسوة خلال الترحيل وسط غياب الإجراءات الواجبة للاعتراض على الترحيل.
«أساماكا» بلدة حدودية صغيرة توجد في منطقة أغاديز شمال النيجر، إسمها بات مقرونا بالخوف والدم والرعب والدموع.. من طرف مهاجرين مغلوبين على أمرهم، حيث يرمون إليها حفاة عراة جياع... «أساماكا» سجن كبير، ووشم في الذاكرة الإفريقية الجريحة، يروي غطرسة عساكر جزائريين، استقووا على عزل مهاجرين، ذنبهم أنهم صدقوا يوما أن أرض الكراغلة مزرعة خبز إفريقيا وحاضنة أحلامهم البئيسة... وأنها بلد المليون شعار، ونفخ في الهواء...