الصحراء: غوتيريش يكرّس الدعم الدولي لمخطط الحكم الذاتي ويحذر من استفزازات البوليساريو

أنطونيو غوتيريش الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة 

أنطونيو غوتيريش الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة  . DR

في 25/08/2025 على الساعة 18:30

في تقريره السنوي حول الوضع في الصحراء الغربية وتطور النزاع، أخذ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش علما بالدعم الأخير الذي عبّرت عنه المملكة المتحدة وفرنسا لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية. وأكد أن التوترات الميدانية، الناجمة عن الأعمال الإرهابية لجبهة البوليساريو، أصبحت مصدر قلق متزايد.

يشمل التقرير الفترة الممتدة من 1 يوليوز 2024 إلى 30 يونيو 2025، ويُعد بمثابة عرض شامل لمختلف جوانب تطور ملف الصحراء. وقد تم توزيعه حديثا على أعضاء مجلس الأمن. وأعرب غوتيريش فيه عن «انشغاله البالغ» إزاء ما آلت إليه دينامية النزاع، داعيا إلى تغيير المسار «دون تأخير».

«تدهور متواصل» ووضع «لا يُحتمل»

قال غوتيريش: «ما زلت قلقا للغاية إزاء تطورات الوضع في الصحراء الغربية. التدهور المستمر مقلق ولا يمكن تحمله، ومن الملح عكس هذا المسار لتجنب أي تصعيد جديد». وأشار إلى أن مبعوثه الشخصي أجرى عدة لقاءات مع مسؤولين جزائريين، داعيا «جميع الأطراف المعنية» إلى تغيير الاتجاه بشكل عاجل.

وأضاف: «مع اقتراب الذكرى الخمسين للنزاع، وفي ظل هذا السياق الصعب، يصبح من الملح أكثر من أي وقت مضى إيجاد حل».

استبعاد نهائي للاستفتاء وتكريس خيار الحكم الذاتي

خلال الصفحات السبع للتقرير، لم يرد أي ذكر لخيار الاستفتاء حول تقرير المصير، الذي دافعت عنه الجزائر والبوليساريو بشدة، وهو ما يعني أن هذا الخيار أُقصي نهائياً. في المقابل، أبرز التقرير الدعم الذي أبدته كل من فرنسا والمملكة المتحدة لمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، معتبراً ذلك أبرز المستجدات خلال الفترة المشمولة.

فقد ذكّر غوتيريش بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعث برسالة إلى الملك محمد السادس بتاريخ 9 يوليوز 2024 يؤكد فيها أن «مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب يمثل اليوم القاعدة الوحيدة للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومتفاوض بشأنه، وفقاً لقرارات مجلس الأمن».

كما أشار إلى أن المملكة المتحدة أعلنت، في فاتح يونيو 2025، أنها تعتبر المخطط المغربي «الأساس الأكثر مصداقية وواقعية وبراغماتية للتوصل إلى تسوية دائمة للنزاع»، معربة عن استعدادها لمساعدة المبعوث الشخصي للأمين العام في بلوغ هذه النتيجة.

كما تطرق التقرير إلى قراري محكمة العدل الأوروبية الصادرين في 4 أكتوبر 2024، واللذين انتقدا الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب المتعلقة بالصيد البحري والمنتجات الزراعية. غير أن التقرير سجل أيضا موقف المغرب الذي أكد أنه «غير معني إطلاقا» بالقرار، معتبراً أنه تضمن «أخطاء قانونية ووقائع مشبوهة».

هجمات البوليساريو مؤكدَة

ميدانيا، تحدث التقرير عن توترات وأعمال عدائية «منخفضة الحدة»، موضحاً أن «معظم الطلقات التي أبلغت بها الأطراف بعثة المينورسو تركزت في شمال الإقليم، قرب المحبس». كما أقرّ التقرير بصحة الهجمات الإرهابية التي شنتها البوليساريو ضد أهداف مدنية غرب الجدار الأمني، حيث رُصدت «آثار قذائف مدفعية متفجرة».

وأشار إلى أن «تبادل إطلاق نار سُجل في 9 نونبر بمدينة المحبس، على مقربة من احتفالات مدنية بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، دون وقوع ضحايا».

وأضاف أن بعثة المينورسو «تحققت من الحادثة في 11 نونبر وعثرت على حطام أربع قذائف صاروخية»، كما تأكدت يوم 27 يونيو من أن «أربع قذائف، سقطت إحداها على بعد 200 متر من قاعدة السمارة، أُطلقت من نقطة تبعد حوالي 40 كيلومتراً شرق الجدار الرملي».

وأكد غوتيريش أن ممثله الخاص وجّه رسائل إلى قيادة البوليساريو يعبر فيها عن «بالغ القلق» ويدعو مجددا إلى وقف الأعمال العدائية. وقد وصف قائد المنطقة الجنوبية للقوات المسلحة الملكية هذه الأفعال بأنها «أعمال عدائية سافرة».

وأوضح التقرير أن الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة أكد، في رسالة بتاريخ 12 نونبر، أن المغرب يحتفظ بحقه في اتخاذ «جميع الإجراءات التي يراها مناسبة» لوقف التهديدات والاعتداءات التي تستهدف مواطنيه السلميين ووحدة أراضيه وسيادته الوطنية، «مع الاحترام التام للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة».

تقليص التمويل في تندوف والجزائر تسد الفراغ

أشار التقرير إلى أن سنة 2025 شهدت تقليصاً في المساعدات الموجهة لمخيمات تندوف بالجزائر من قبل كل من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، إلى جانب منظمات غير حكومية، وذلك بسبب تخفيضات في ميزانيات المانحين.

وأضاف أن هذه التخفيضات «أثرت على مجالات أساسية وحيوية مثل الغذاء، الغاز، التعليم، المياه، الصرف الصحي والنظافة، والتغذية».

وأظهرت النتائج الأولية لمسح التغذية لعام 2025 «تفاقم الوضع، حيث بلغت نسبة انتشار سوء التغذية الحاد نحو 13%، فيما تجاوزت نسبة التقزّم 30%». وفي ظل أزمة معيشية خانقة في الجزائر، أوضح التقرير أن النظام الجزائري ضخ أموالاً لتعويض تقليص بنسبة 30% في الحصص الغذائية التي يوفرها برنامج الأغذية العالمي. وتقدّر الأمم المتحدة أن نحو 103,9 ملايين دولار إضافية ستكون مطلوبة في سنة 2025.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 25/08/2025 على الساعة 18:30