إن النظام في الجزائر لا يتوقف أبدا عن مفاجئتنا. ليس فقط من خلال مدى إخفاقاته، ولكن أيضا، وقبل كل شيء، من خلال محاولاته المثيرة للشفقة للتعتيم عليها وإخفائها. وكانت هناك بالطبع محاولة طبل لها لأشهر من أجل الالتحاق بمجموعة بريكس. وردا على الرفض القاطع لطلبها من قبل دول المجموعة، لم يجد الرئيس عبد المجيد تبون، بعد صمت طويل، أفضل من أن يعلن، يوم الثلاثاء 3 أكتوبر، أثناء استقباله مسؤولين من الصحافة الجزائرية، أنه أخيرا « لم تعد بريكس تثير اهتمامي والملف أغلق نهائيا ».
كان هناك أيضا ترشيح الجزائر لاحتضان نسختي 2025 أو 2027 من كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم. وأمام قوة الملف المغربي تراجعت الجزائر. ولكن الأسوأ من ذلك أنها لم تكن لديها الشجاعة للدفاع عن ملفها، بما في ذلك نسخة عام 2027. وهو انسحاب يكشف عن الانهزامية المتجذرة بقوة لدى قادة النظام. لكن ذلك لا يهم. ففي اليوم السابق لإعلان 27 شتنبر، اخترعت « مقاربة جديدة »، ظهرت في البيان الصحفي الصادر عن الاتحاد الجزائري لكرة القدم، والتي تقضي بأن هذا الأخير يرغب « في تركيز جهوده الآن على إعادة تنظيم وتنشيط كرة القدم في الجزائر، مثلما يؤكد من جديد التزامه الثابت بتطوير كرة القدم الأفريقية ».
إن الحلقة الأخيرة من هذه اليويو الجيوسياسية الحقيقية، والتي تسبقها بطبيعة الحال إعلانات صاخبة قبل أن تنتهي بفشل ذريع، هي الوساطة التي أعلنها النظام الجزائري في النيجر. هذه المرة، حتى تأثير الإعلان لم يكتب له النجاح.
بدأ كل شيء يوم الاثنين 2 أكتوبر، عندما نشرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانا رسميا أعلنت فيه قبول النيجر للوساطة الجزائرية. بل ويمكننا أن نقرأ فيه: « تلقت الحكومة الجزائرية عبر وزارة خارجية جمهورية النيجر مراسلة رسمية تفيد بقبول الوساطة الجزائرية الرامية إلى بلورة حل سياسي للأزمة القائمة في هذا البلد ». والأكثر من ذلك، أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، كلف وزير الخارجية أحمد عطاف « بالسفر إلى نيامي في أقرب وقت ممكن، وذلك بهدف الشروع في مناقشات تحضيرية مع كافة الأطراف المعنية حول سبل تفعيل المبادرة الجزائرية »، بحسب نفس المصدر. غير أن ذلك غير صحيح بالمرة!
وكان جواب النيجر سريعا. في المساء نفسه، رفضت نيامي التصريحات الجزائرية رفضا باتا، وأكد أن المنتدى الوطني الشامل، الذي لم يحدد بعد موعده، هو وحده المؤهل لإيجاد حل للأزمة وتحديد مدة الفترة الانتقالية. رفض إذا مقترح الجزائر الذي طرح منذ غشت الماضي والذي يعرض خطة للخروج من الأزمة، على أساس فترة انتقالية مدتها ستة أشهر كحد أقصى، بقيادة شخصية مدنية وقبول جميع الأطراف السياسية.
ولتوضيح التفكير بالتمني الجزائري وقدرة النظام على اعتبار تطلعاته بمثابة إنجازات، فقد زاد الوزير الأول النيجيري، علي الأمين زين، الطين بلة من خلال التصريح علنا بأنه علم بالخطة الجزائرية من خلال « شبكات التواصل الاجتماعي ». وأضاف قائلا: « كان هناك سوء تفاهم مع الجزائر ». وهذا أقل ما يقال. ورد رئيس الحكومة الانتقالية في النيجر أيضا قائلا: « ليس لأننا في وضع صعب يمكن التلاعب بنا ».
هل فهمت الجزائر الدرس وقدمت اعتذارها أم اكتفت ببساطة بالتغاضي عن هذا الفشل الذريع؟ كلا. فقد أتحفتنا الدبلوماسية الجزائرية، أمس الاثنين 9 أكتوبر، ببيان صحفي آخر « توضح فيه » أن الجزائر هي التي قررت إرجاء الشروع في مشاوراتها التحضيرية بخصوص أزمة النيجر، وذلك « إلى حين الحصول على التوضيحات التي تراها ضرورية بشأن تفعيل الوساطة الجزائرية »، وساطة يبدو أن لا أحد طلبها.
وقالت الديبلوماسية الجزائرية أنه « يوم الأربعاء 27 شتنبر أبلغت السلطات النيجيرية الحكومة الجزائرية بقبولها الوساطة الجزائرية في الأزمة السياسية والدستورية والمؤسساتي التي تواجهها النيجر ». بالنسبة للنظام الجزائري، فإن « هذه الاتصالات لم تستجب لما كان ينتظر منها، كما أثارت التصريحات الرسمية والعلنية الصادرة عن السلطات النيجيرية تساؤلات مشروعة حول استعدادها الحقيقي لقبول الوساطة الجزائرية »، وفق ما ورد في البيان.
فيما يتعلق باستراتيجية الهروب إلى الأمام، فمن المؤكد أن هناك أفضل بكثير. لكن هذا المستوى من الهواية في التدخل وعدم الكفاءة في التسيير والرداءة في رد الفعل، هذا أمر نادر، خاصة على مستوى الدبلوماسية ودولة تريد أن تكون مؤثرة و »قوة ضاربة ». إن الرفض بهذه الطريقة من قبل دولة تعيش أزمة مثل النيجر، وما يفترض أن يكون استعراضا للنفوذ الإقليمي، يظهر فقط إلى أي مدى أصبح القادة الجزائريون منفصلون تماما عن الواقع. مؤسف جدا.