نادرا ما يصدق اسم قائد على صاحبه. وهكذا يريد خالد مشعل أن يشعل نار الفتنة في المغرب. وهذا أقل ما يمكن أن نقوله بعد خرجته، عبر الفيديو الذي تم بثه يوم أمس الأحد 19 نونبر أمام نشطاء حزب العدالة والتنمية وذراعه الأيديولوجي، حركة التوحيد والإصلاح، خلال لقاء تضامني مع فلسطين نظم بمسرح محمد الخامس بالرباط.
بلهجة توجيهية، تجرأ رئيس حركة حماس الفلسطينية في الخارج على التوجه مباشرة إلى المغاربة بتحريضهم على العصيان المدني. «أخاطبكم أيها المغاربة، الجماهير والقوى الإسلامية والوطنية، مهما كانت تياراتها السياسية أو الأيديولوجية، يمكنكم أن تخاطبوا قيادة البلد غيرة على المغرب ومصالحه وأمنه وغيرة على فلسطين»، هذا ما صرح به زعيم الحركة الإسلامية الفلسطينية التي تخوض حرباً في مواجهة الجيش الإسرائيلي منذ الهجوم الذي نفذته كتائبه في 7 أكتوبر.
ما الذي يطلبه خالد مشعل وما الذي يمكن أن يفسر مثل هذه الدعوة الحقيقية إلى العصيان؟ «أن يقطع المغرب علاقاته مع إسرائيل، وأن يوقف عملية التطبيع، وأن يطرد السفير (الإسرائيلي) وأن تطوي هذه الصفحة التي جاءت خارج السياق»، يزبد هذا القيادي المقيم منذ عدة سنوات في الدوحة والذي يرفل في النعيم الأميري الذي توفره له قطر، بعيدا جدا عن القصف الإسرائيلي الذي ينهال على غزة وسكانها.
🔴 خالد مشعل يطالب المغاربة بمخاطبة الملك محمد السادس من أجل إلغاء التطبيع مع إسرائيل نصرة لفلسطين.
— ism Elazizi 🇲🇦 عصام العزيزي ✪ (@IsmElazizi) November 20, 2023
ما رأيكم؟ pic.twitter.com/G1J5bexeSv
بالنسبة له، فـ«بالقطيعة بين المغاربة وسلطاتهم العليا، أي المؤسسة الملكية، سيحصل المغرب على «الاحترام»، لأنه «هو السبيل الوحيد لدفع الولايات المتحدة والغرب إلى تغيير موقفهم». وهو يتناسى الدور الذي يمكن أن تلعبه دولة مثل قطر، التي تستضيفه مع ذلك، لكنه لا يجرؤ على تسميتها، ولو بشكل غير مباشر. كما يتحاشى ذكر دولة مثل تركيا، التي يواصل رئيسها رجب طيب أردوغان، رغم ادعائه الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تنتمي إليها حماس، علاقاته كالمعتاد مع الدولة العبرية. لماذا المغرب؟ ببساطة لأن حركة التوحيد والإصلاح، وبالتالي حزب العدالة والتنمية، الذي يدور حول حلقته، يسمحان له بذلك. وإلا فكيف يجرؤ على تجاوز سلطات البلاد لمخاطبة الجماهير بهذه الطريقة؟» يؤكد أحد المحللين.
في محاولته لتصدير مأساة غزة إلى المغرب، يحاول خالد مشعل أيضا الضغط على السلطات العمومية من خلال تأليب السكان. بالنسبة له، يتعلق الأمر بقدرة البلاد على «تصحيح الخطأ»، أي قرار استئناف العلاقات، الذي وقعته يد الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني.
وتجدر الإشارة إلى أن الأمر يتعلق بالزلة الأولى لخالد مشعل في حق المغرب. لقد تصرف بهذه الطريقة في عام 2017 في المغرب، حيث ألقى خطابا توجيهيا مماثلا لقادة الأحزاب التي التقى بها، من الحزب الإسلامي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، مرورا بحزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. مع هذا الفارق وهو أنه نسي شكره آنذاك لجلالة الملك على دعمه اللامشروط للقضية الفلسطينية. ويبدو أنه نسي أيضا أن المغرب كان من بين الدول الأولى التي هبت لمساعدة سكان غزة بعد الرد الإسرائيلي الأخير.