أصبح الوضع في المخيمات الصحراويين في تندوف متدهورا، حيث يبدو أن الطلاق بين ساكنة لحمادة وقادة البوليساريو واضحا وجليا.
وأظهر الاجتماع الأخير، الذي كان يهدف إلى «التحسيس» وتقديم نتائج الاجتماع الأخير لـ«الأمانة الوطنية للبوليساريو»، والذي عقد في ما يسمى بـ«ولاية العيون » بحضور بعض أعضاء من قيادة البوليساريو، (أظهر) غضب ساكنة المخيمات من القيادة الانفصالية.
بغضب شديد، انتقدت إحدى القاطنات بالمخيم المذكور بشجاعة تلك القيادة وضربت بقبضتها على الطاولة التي كانت بمثابة منصة لقادة البوليساريو والصراخ في وجههم أن الوقت قد حان لكي «يكفوا عن الكذب والخداع»، وأن حقيقتهم انكشفت للجميع. وقالت لهم بأعلى صوتها: «لستم إلا مجرد أشخاص فاسدين. لقد أخذتم كل شيء وأعطيتم كل شيء لأبنائكم، بينما كان نصيب أبنائنا الظلم والقمع والسجن».
وفي إشارة إلى ما تعرف بـ«وزيرة داخلية» البوليساريو الجزائرية مريم السالك احمادة، نددت هذه المرأة الشجاعة أيضا باستحواذ «أبناء الخارج» على المساعدات الإنسانية الهزيلة المخصصة لساكنة المخيمات.
هذا الفيديو، الذي تم تصويره سرا من قبل أحد الحاضرين، يكشف عن التعتيم التي تفرضه الأجهزة الجزائرية وميليشيات البوليساريو في مخيمات بتندوف.
يشار إلى إنه منذ يناير الماضي، وبعد فرض إبراهيم غالي لولاية ثانية مثيرة للجدل على رأس جبهة البوليساريو و«جمهوريتها» الزائفة، لم يهدأ الغضب في المخيمات.
العديد من الاعتصامات والاحتجاجات
وهكذا، خلال الأشهر السبعة الماضية، تم تنظيم اعتصامات عديدة من طرف صحراويين ساخطين على الوضع أمام مقرات زعيم البوليساريو في الرابوني، بالتوازي مع مظاهرات أمام مقر المكتب المحلي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للمطالبة بحماية المدنيين في المخيمات من القمع الشرس المسلط عليهم. كما تخلل هذه الاحتجاجات القوية العديد من أعمال العنف التي استهدفت بشكل أساسي مواقع ميليشيات البوليساريو، فضلا عن حرق محطات الوقود وسيارات فاخرة وغيرها من المحلات التجارية التابعة للقادة الانفصاليين.
السبب الرئيسي للغضب في مخيمات لحمادة هو بشكل أساسي فقدان الثقة الكامل في البوليساريو، التي لازالت تراكم نكسات دبلوماسية وعسكرية متوالية منذ عام 2020، وكذا راعيها النظام الجزائري، الذي يعتبره الصحراويون غير كفؤ وتجاوزته الأحداث. إن الطرد النهائي لجبهة البوليساريو في نونبر 2020 من منطقة الكركرات والمنطقة العازلة الواقعة على الحدود المغربية الموريتانية، بالإضافة إلى سلسلة الاعترافات بمغربية الصحراء، قد قرع ناقوس جبهة البوليساريو في المخيمات.
وقد تفاقمت هذه النكسة بإعلان البوليساريو من جانب واحد انتهاء وقف إطلاق النار، ولم تتوقف منذ 21 نونبر 2020 عن نشر بيانات عسكرية يومية تتعلق بحرب وهمية لا يراها إلا الإعلام الجزائري الرسمي. كان لهذه الأكاذيب تأثير مدمر على الثقة الضئيلة التي كانت سائدة بين ساكنة المخيمات وقيادة البوليساريو.
لكن معنويات هؤلاء السكان تراجعت مرة أخرى عندما اكتشفوا أن زعيمهم ذهب للعلاج من وباء كوفيد-19 سرا في مستشفى إسباني، تحت اسم مزيف محمد بن بطوش، قبل أن يفر عندما حاول القضاء الإسباني اعتقاله بعد شكاوى عديدة بتهم ارتكاب جرائم حرب وغيرها من الجرائم مثل الاغتصاب والتعذيب.
وهذا ما يفسر عدم استساغة إعادة تعيين إبراهيم غالي كزعيم للبوليساريو، وأدى إلى حالة من التمرد شبه الدائم في المخيمات.
كما أن جبهة البوليساريو نفسها صبت المزيد من الزيت على النار في أبريل الماضي، عندما نشر شاب صحراوي صورا على شبكات التواصل الاجتماعي لشحنة وقود قام قيادي في البوليساريو بسرقتها وكان بصدد نقلها إلى الحدود الموريتانية بهدف إعادة بيعها. وقد تم اختطاف هذا الشاب وسجنه وتعذيبه، مما دفع عشيرته القبلية (الركيبات السواعد) إلى تكثيف التظاهرات والاعتصامات وأعمال العنف للمطالبة بالإفراج عنه.
لا يزال الوضع متوترا للغاية في مخيمات لحمادة لدرجة فرض حصار وتعتيم تام عليها. إن النظام الجزائري نفسه قلق للغاية بشأن هذا الطلاق الكامل بين البوليساريو وساكنة المخيمات، لدرجة أن المجلة الناطقة بلسان الجيش الجزائري، التي كانت تكرس ملفا لجبهة البوليساريو في صفحاتها، لم تشر إليها، ولأول مرة، في عددها الأخير الصادر في يوليوز 2023.