المغرب - إسبانيا: 10 مؤشرات على تعاون مثمر يرسم ملامح جيو-استراتيجية جديدة

الملك محمد السادس يستقبل رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز بالقصر الملكي بالرباط يوم الأربعاء 21 فبراير 2024

في 22/02/2024 على الساعة 19:28

تجسد زيارة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى المغرب يوم 21 فبراير 2024، خطوة حاسمة في تعزيز الروابط الثنائية بين البلدين الجارين، وتأكيدًا على مسار التعاون المتين الذي انطلق منذ زيارته السابقة للمملكة في أبريل 2022. وتُعزز هذه العلاقات بالتزام متبادل وثقة، وتشمل مختلف المجالات، من السياسة والاقتصاد إلى الأمن والثقافة.

ووطدت هذه الزيارة، التي سبقتها زيارات متتالية لمجموعة من أعضاء الحكومة الإسبانية، الشراكة الاستراتيجية طويلة المدى بين البلدين والتي تتجاوز كافة الظروف الطارئة.

وفي ما يلي 10 مؤشرات على نجاح هاته الزيارة في خلق تعاون استراتيجي يرسم ملامح جيو-استراتيجية جديدة بغرب البحر الأبيض المتوسط:

1- علاقات استثنائية مبنية على الاحترام المتبادل

تستند العلاقات المغربية الإسبانية إلى ركائز أساسية، أهمها الاحترام المتبادل والثقة المشتركة والتشاور المنتظم حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية، ويتضمن أيضا المسائل الإقليمية والدولية، الأمر الذي يجدد التأكيد على تقارب المصالح الوطنية والوضوح المشترك في مواجهة القضايا والتحديات المتبادلة بين البلدين.

2- تجاوز الأزمات وتأسيس تحالف قوي

مكنت المرحلة الجديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، وفقا للالتزامات المتبادلة التي تم التعهد بها خلال الإعلان المشترك الصادر في 7 أبريل 2022، من تجاوز الأزمات الدورية، وبناء تفاهم استراتيجي قوي، وتحقيق تحالف دائم.

3- موقف بنّاء بشأن الصحراء

يتميز الموقف الإسباني البناء اتجاه قضية الصحراء المغربية بأهمية استثنائية، حيث تُعتبر مبادرة الحكم الذاتي هي الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع.

ويشهد هذا الموقف من جهة على الدينامية الدولية في البحث عن حل نهائي ودائم لهذا الصراع المفتعل، وينبع من جهة أخرى من طرف قريب من القضية ومدرك لحساسيته.

ويُعتبر هذا التفهم الإيجابي إشارة إلى فعالية الرؤية الملكية، حيث تؤكد المملكة المغربية على رؤيتها وتدافع بحزم عن مصالحها المشروعة، مما يُعزز الاعتراف الدولي بوحدتها الترابية ويُقاوم مساعي أعدائها.

4- شراكة اقتصادية متنامية

من الناحية الاقتصادية، تُعزز هذه الزيارة الشراكة التجارية بين المغرب وإسبانيا، حيث تُعد إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب بحجم مبادلات تجارية وصل 17.4 مليار أورو عام 2023، بزيادة 7% مقارنة بعام 2022. كما تُسلط الزيارة الضوء على الدور البارز للمغرب باعتباره الوجهة الرئيسية الاستثمارات الإسبانية المباشرة الموجهة نحو القارة الإفريقية.

5- دور محوري في القضايا الإقليمية

تلعب كل من إسبانيا والمغرب دورًا محوريًا في معالجة القضايا الإقليمية، بالنظر إلى الاهتمام الكبير الذي يوليه الملك محمد السادس للقضايا الإقليمية، خاصة في إفريقيا والشرق الأوسط ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.

وتُعد مشاريع مثل خط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي أمثلة على هذه الشراكة المثمرة، التي تمثل مجالات رئيسية في العلاقة بين المملكتين.

6- تعاون مثالي في مجال الهجرة

تؤكد زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى المغرب على عمق الشراكة الثنائية بين البلدين، خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود الوطنية، وإدارة تدفقات الهجرة.

فخلال مؤتمر صحفي عقد على هامش هذه الزيارة، وصف سانشيز سياسة المغرب في مجال الهجرة ومكافحة الهجرة غير الشرعية بأنها « إيجابية للغاية »، مضيفا أنه « ليس للمغرب ما يؤاخذ عليه على الإطلاق » في هذا الشأن.

كما أكد رئيس الحكومة الإسباني على أن إدارة تدفقات الهجرة « مجال حاسم » في التعاون الثنائي بين البلدين، واصفا هذا التعاون بـ« المثالي »، مبرزا استمرار حكومتي البلدين في العمل معا في مجالات مثل « الهجرة النظامية »، وهو البرنامج الذي يكتسي طبيعة « رائدة » على المستوى الأوروبي، على حد قوله.

7- التأكيد على حل الدولتين للقضية الفلسطينية

شكل استقبال الملك لرئيس الحكومة الإسبانية خلال هذه الزيارة، مناسبة للتطرق للوضع في الشرق الأوسط، حيث يضع الملك، رئيس لجنة القدس، القضية الفلسطينية والقدس الشريف في صلب اهتماماته.

وهكذا جدد كل من الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية التأكيد على ضرورة تحقيق هدنة عاجلة وملموسة في فلسطين، ووقف إطلاق النار بشكل دائم وموثوق، وضمان حماية المدنيين، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية، والسعي لحل قائم على أساس وجود دولتين، كما اتفق عليه دوليا.

8- تحالف جيو-استراتيجي جديد بغرب المتوسط

تُعد الشراكة بين المغرب وإسبانيا غير مسبوقة بين شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط، وتشكل نموذجًا للتعاون والانسجام بين ثقافتين وقارتين. كما تُعد فرصة استثنائية لتوطيد العلاقات الثنائية ورسم مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا واستدامة.

وشكلت هذه الزيارة فرصة للتأكيد على الأهمية الاستراتيجية التي يكتسيها الفضاء المتوسطي بالنسبة للمغرب وإسبانيا، بصفته نقطة التقاء بين إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، وتنبني هذه النظرة المشتركة على تعزيز الشراكة في مجال الأمن البحري وحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي، وكذا تعزيز التبادلات الاقتصادية والثقافية لمواجهة التحديات المشتركة واستغلال فرص التنمية، بما يجعل من المغرب وإسبانيا تحالفا جيو-استراتيجيا جديدا بمنطقة غرب المتوسط، وما يضمن الازدهار والأمن بضفتي البحر الأبيض المتوسط.

9- كأس العالم 2030: فرصة استثنائية للتعاون

شكلت هاته الزيارة خطوةً هامّةً في مسار التعاون بين المغرب وإسبانيا، خاصةً في ما يتعلق بتنظيم كأس العالم 2030.

فقد أكّد الجانبان على ما سيشكله هذا التنظيم المشترك من فرصة استثنائية لتوطيد العلاقات الثنائية ورسم نموذجٍ يُحتذى به على الصعيد الدولي في التنسيق والتعاون والانسجام بين ثقافتين وقارتين.

وعلى الصعيد الاقتصادي، يُتوقع أن يُحقق تنظيم كأس العالم 2030 فوائد جمةً للبلدين، من حيث خلق فرص العمل، وجذب الاستثمارات، وتطوير البنية التحتية.

كما سيشكل هذا الحدث فرصةً لتعزيز التبادل التجاري والثقافي بين البلدين، وخلق جسورٍ من التواصل بين شعوبهما.

10- تطابق وجهات نظر المملكتين

تشهد زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى المغرب على تطابق وجهات نظر المملكتين والتزامهما بالعمل سويا لتطوير العلاقات الثنائية ومواجهة كل التحديات الإقليمية والدولية، بما يعكس إرادتهما لتحقيق مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا واستدامة.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 22/02/2024 على الساعة 19:28