المؤرخ برنارد لوغان يكتب: عندما كانت تلمسان مغربية

Bernard Lugan.

Bernard Lugan.

في 07/05/2024 على الساعة 15:52

مقال رأيفي عهد المرابطين، ستصبح تلمسان العاصمة الثانية للإمبراطورية المغربية بعد مراكش.


من 790 إلى 1554، أي لما يقرب من ثمانية قرون، مع فترة فاصلة في نهاية القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر، كانت تلمسان خاضعة للنفوذ المغربي. قبل الغزو التركي عام 1553 (أو 1555)، شهدت تلمسان أربع فترات مغربية: الفترة الإدريسية (790-931) والفترة المرابطية (1078-1143) والفترة الموحدية (1143-1236) ثم الفترة المرينية (1337-1358).

وقد تمت أسلمة تلمسان في نهاية القرن الثاني عشر قبل أن تصبح لمدة قصيرة جدا مركزا لإمارة خارجية بقيادة أبو قرة. وفي القرن التالي، أصبحت المدينة تحت سيطرة الأدارسة في فاس، مؤسسي الدولة المغربية الأولى. وكانت فترة الأدارسة، التي استمرت 139 سنة، أي من 790 إلى 931، أول حلقة في الوجود المغربي.

في سنة 931، طرد الأدارسة من تلمسان من قبل الفاطميين الذين احتفظوا بالمدينة لمدة 24 عاما، حتى سنة 955، عندما استولى الخليفة الأموي بقرطبة، عبد الرحمن الثالث، على المدينة التي عهد بها إلى اليفرني يحيى بن محمد. وبعد فترة وجيزة قُتل هذا الأخير على يد الفاطميين.

بعد ذلك، بدأ قرن من الفوضى التي استمرت حتى عام 1078، وهو تاريخ وصول المرابطين الذين شكلوا الفترة المغربية الثانية لتلمسان، واحتلوا المدينة حتى عام 1146. وكان المرابطون هم من بنوا قلب المدينة الحالي وبنوا الجامع الكبير هناك بأمر من علي بن يوسف (1083-1143). في عهد المرابطين، أصبحت تلمسان العاصمة الثانية للإمبراطورية المغربية بعد مراكش.

وبدأت الفترة المغربية الثالثة عام 1143 (أو 1144 أو 1145)، عندما استولى السلطان الموحدي عبد المؤمن (1130-1163) على تلمسان. عهد الموحدون بالمدينة إلى ولاة من قبيلة الزيانيين (أو بنو عبد الواد) البربرية. في عام 1236، أعلن الوالي يغمراسن بن زيان (1236-1283) استقلاله عن المغرب وأسس مملكة ظلت سلالته تحكمها حتى الفتح التركي.

في عهد أبو سعيد عثمان الزياني (1283-1304)، وفي عهد خليفته أبو زيان الأول (1304-1308)، تعرضت تلمسان لحصار دام ثماني سنوات، من 1299 إلى 1307، وخلال الحصار قام السلطان المريني أبو يعقوب يوسف (1286-1307) ببناء حصن المنصورة من أجل الاستيلاء على المدينة. وشيئا فشيئا، تم الاستيلاء على جميع الأراضي بني زيان من قبل المرينيين: وهران ومنطقتها عام 1300، والجزائر وضواحيها عام 1301-1302، ثم جبال الونشريس. لم يتبق للمغاربة إلا مدينة تلمسان للاستيلاء عليها، لكن السلطان أبو يعقوب يوسف اغتيل في المنصورة عام 1307. وقرر حفيده أبو ثابت (1307-1308) الذي خلفه، رفع الحصار.

ثم استعادت تلمسان استقلالها لفترة وجيزة مع أبو موسى الأول الزياني (1308-1318)، الذي اغتيل. وفي عام 1334، وفي عهد أبو تاشفين الأول (1318-1337)، اندلعت حرب جديدة مع السلطان المريني أبو الحسن (1331-1351). وفي 13 أبريل 1337، استولى هذا الأخير على تلمسان، وخلال الهجوم قتل أبو تاشفين الأول وثلاثة من أبنائه.

بعد أن استقلت مرة أخرى في عام 1350، تم احتلال تلمسان من جديد في عام 1351 من قبل السلطان المغربي أبو عنان فارس (1351-1358). وبعد وفاته، استعادت تلمسان استقلالها مرة أخرى. وفي عهد أبو حمو موسى الثاني الزياني (1359-1388)، شهدت المدينة ازدهارا كبيرا، يتضح من التطور المعماري والثقافي الذي جعل منها مدينة العلماء والفنانين المشهورين.

ثم دخلت المملكة فترة طويلة من الانحطاط، وتأرجحت عدة مرات بين سيدين متعاقبين، بني مرين في الغرب والحفصيين « التونسيين » في الشرق. لكن، بمجرد توقف الاندفاع المريني أو الحفصي، أعادت تلمسان تطوير ديناميتها التجارية، خاصة مع إسبانيا المسيحية والدولة النصرية (غرناطة).

في عام 1411، تولى أبو مالك (1411-1424) السلطة لفترة حكم أولى، وذلك بفضل دعم السلطان المريني أبو سعيد الثالث (1398-1420)، ثم انقلب على حليفه المغربي، بل واستولى على فاس. وأثارت إعادة بناء السلطة التلمسانية قلق الحفصيين في تونس الذين أثاروا ثورة من خلال دعم عم أبي سعيد الثالث الذي اعترفوا به سلطانا عام 1424 والذي حكم لأول مرة تحت اسم أبو عبد الله محمد (1424-1428).

ثم حدث تحول جديد في عام 1428 عندما تصالح أبو مالك، الذي أزيح عن الحكم في 1424، مع الحفصيين، واستعاد تلمسان بفضل مساعدتهم. ثم أصبح سلطانا مرة أخرى لفترة حكم ثانية استمرت من عام 1428 إلى عام 1430، عندما أطاح به سلفه أبو عبد الله محمد وقتله. ومع ذلك، لم يستمر الأخير في الحكم إلا لمدة عام واحد فقط لأنه في عام 1431، استولى سلطان تونس الحفصي، أبو فارس المتوكل (1394-1434)، على تلمسان حيث تم القبض على أبو عبد الله محمد وتم إعدامه.

وفي عام 1432 أو 1433، استعاد الزيانيون السلطة في تلمسان، مستفيدين من رحيل أبو فارس المتوكل، لكن المدينة مرت بأوقات عصيبة تميزت بالصراعات العشائرية المميتة.

في عام 1512، توفي السلطان التلمساني أبو عبد الله دون وريث، مما تسبب في صراعات عائلية متعددة. ثم وصل أبو زيان، الأخ الأكبر للمتوفى، إلى السلطة بالتحالف مع الإسبان، الذي استولوا على وهران منذ عام 1509. وفي عام 1517، استولى عروج بربروس على تلمسان، حيث أعدم أبو زيان. لكن الإسبان بقيادة دييغو دي كوردوبا شنوا هجوما انتهى بمقتل عروج بربروس في عام 1518.

ومنذ ذلك الحين، لم يعد لتلمسان مصير مستقل. وقد انتقلت إلى الحكم العثماني الذي بدأ عام 1553 (أو 1555)، عندما استولى صالح رايس، باشا الجزائر التركي، على المدينة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت تلمسان مجرد مدينة واحدة من بين مدن إيالة الجزائر التركية.

تحرير من طرف برنارد لوغان
في 07/05/2024 على الساعة 15:52