وجاء تعيين رحمة بورقية على رأس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تتويجا لمسار أكاديمي غني ومسيرة مهنية حافلة بالعطاء في مجالات التعليم العالي والتقييم الأكاديمي. فهي تعد واحدة من أبرز الباحثات المغربيات في علم الاجتماع، ومن الرائدات في مجال التعليم والبحث العلمي.
مسار أكاديمي بارز
كرست رحمة بورقية، التي رأت النور بمدينة الخميسات عام 1949، مسيرتها الأكاديمية للبحث والتدريس، حيث حصلت على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع، وأصبحت أستاذة بجامعة محمد الخامس بالرباط.
وبرزت كأول امرأة تتولى رئاسة جامعة في المغرب، عندما عينت على رأس جامعة الحسن الثاني بالمحمدية، ما شكل سابقة في تاريخ التعليم العالي المغربي.
لم يقتصر دورها على التدريس والإدارة الجامعية، بل شغلت منصب مديرة الهيئة الوطنية للتقييم التابعة للمجلس الأعلى للتعليم، حيث ساهمت في تطوير آليات تقييم أداء المؤسسات التعليمية.
كما كانت عضوا في اللجنة الوطنية لاعتماد وتقييم البرامج في وزارة التعليم العالي، ما أتاح لها فرصة الإشراف على تحسين جودة التكوينات الجامعية.
إسهامات وطنية ودولية
لم تكن رحمة بورقية فاعلة فقط على المستوى الوطني، بل امتد تأثيرها إلى الساحة الدولية، حيث عملت أستاذة زائرة ومحاضرة في العديد من الجامعات الأوروبية والعربية والأمريكية. كما قدمت استشارات علمية لعدد من المنظمات الدولية، وكانت منسقة برامج بحثية داخل المغرب وخارجه، مما عزز مكانتها كباحثة مرموقة.
في المجال التشريعي، ساهمت بورقية في مراجعة وتحديث القوانين الاجتماعية، حيث كانت عضوا في اللجنة الاستشارية لمراجعة قانون الأحوال الشخصية، التي شكلت نواة الإصلاحات القانونية المتعلقة بحقوق المرأة والأسرة في المغرب. كما شاركت لاحقا في لجنة إصلاح العدالة، مما أظهر اهتمامها العميق بالقضايا المجتمعية الكبرى.
كاتبة وباحثة في قضايا المجتمع
أنتجت رحمة بورقية العديد من الأبحاث والمقالات حول تاريخ وثقافة المجتمع المغربي، ونشرت دراساتها باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، مما جعل أعمالها مرجعًا أساسياً في الدراسات السوسيولوجية المغربية.
وقد ساهمت كتاباتها في إلقاء الضوء على تحولات المجتمع المغربي، وتحدياته التنموية، ودور المرأة في صنع التغيير.
مهمة جديدة ومسؤولية كبرى
يأتي تعيينها رئيسةً للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، كخطوة تعكس ثقة ملكية في قدرتها على قيادة إصلاحات كبرى في قطاع التعليم.
فالمجلس، باعتباره هيئة استشارية مستقلة، يضطلع بدور محوري في تقييم السياسات العمومية المتعلقة بالتربية والتكوين والبحث العلمي، وهو ما يجعل المهمة الملقاة على عاتقها ذات أهمية استراتيجية.
هذا التعيين يعكس أيضا حرص المغرب على تعزيز مبدأ المناصفة، وإشراك الكفاءات النسائية في صناعة القرار، خاصة في قطاع حيوي كالتعليم، الذي يعد حجر الأساس لتنمية الرأسمال البشري وتحقيق التنمية المستدامة.
من خلال خبرتها الواسعة، ينتظر أن تقود رحمة بورقية مرحلة جديدة من الإصلاحات، تسهم في الارتقاء بجودة التعليم وتشجيع البحث العلمي، بما يواكب تطلعات المغرب في بناء مجتمع المعرفة، وتعزيز تنافسية منظومته التربوية على المستويين الوطني والدولي.
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا