بداية الاعتقالات: فرنسا تنهي فزاعة الجالية التي يلوح بها النظام الجزائري

Les "influenceurs" Zazou Youssef et Imad Tintin. Au centre, le ministre français de l'Intérieur, Bruno Retailleau.

صورة مركبة: المؤثرون زازو يوسف وعماد تانتان يتوسطهما وزير الداخلية الفرنسية، برونو ريتايو

في 03/01/2025 على الساعة 18:46

بدأت رؤوس التحريض، التي يحركها النظام الجزائري ضد فرنسا باستعمال التهديدات والدعوات إلى الكراهية والقتل، في التساقط. فزازو يوسف، سيء السمعة والمشهور على منصة تيك توك، تم القبض عليه يوم الجمعة 3 يناير في بريست. كما تم القبض على شخص آخر متهم بارتكاب أعمال مماثلة.

هذه هي بداية النهاية لاستراتيجية التحريض. فقد بدأت السلطات الفرنسية في اتخاذ إجراءات صارمة في بعض أوساط الجالية الجزائرية التي تعمل على زرع الخوف في فرنسا. فقد أكد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو أن التيكتوكر سيء السمعة يوسف زازو، واسمه الحقيقي يوسف أ، البالغ 25 عاما ومن مواليد مستغانم بالجزائر، تم اعتقاله يوم الجمعة 3 يناير في بريست. فهذا الشخص، الذي لديه 400 ألف متابع، قام ببث دعوات للكراهية وارتكاب عمليات في فرنسا.

وكتب وزير الداخلية الفرنسي يوم الجمعة على موقع التواصل الاجتماعي إكس أنه « يتعين على المؤثر الجزائري « زازو يوسف » الذي دعا جاليته لارتكاب اعتداءات في فرنسا، أن يحاسب على أفعاله أمام القضاء. فقد تم القبض عليه هذا الصباح في بريست. شكرا للقضاة والشرطة الذين سمحوا بهذا الاعتقال ». الرسالة واضحة: « لا تساهل في مثل هذه الأمور ». يشار إلى أن الشخص المعني بالأمر قد تجاوز مرارا وتكرارا كل الحدود.

ففي مقطع فيديو نشر مساء 31 دجنبر 2024، دعا المؤثر إلى ارتكاب أعمال إرهابية في فرنسا، ولكن أيضا في الجزائر.

« نحن في حالة حرب. عند أدنى هفوة، فسوف نضاجع أمهاتكم »، هذا ما قاله هذا المؤثر بكل وقاحة وفظاظة وقلة أدب. ثم قام بتصوير نفسه في شوارع بريست وهو يقول بلهجة تهديد: « تعال وواجهنا. إذا كان لديك ما تقوله، فنحن هنا. سوف نضاجعك، ونتبول عليك، وسوف نغتصبك، ثم نضاجع والدتك (...) تحيا الجزائر، سوف أقضي عليك ».

وفي مقطع فيديو آخر نشر قبل أيام قليلة، هدد « زازو » نفسه بارتكاب هجمات ضد الأشخاص الذين يتظاهرون ضد النظام الجزائري ليلة رأس السنة الجديدة. وقال أمام الكاميرا: « سنفعل بكم ما فعلناه في التسعينات، وسنطلق النار عليك (...) هل تريد الخروج في الأول من يناير؟ أطلقوا النار عليهم، علينا أن نجعل البارود يتكلم. الرئيس تبون أطلق النار عليهم، إنهم يريدون الفوضى ».

إن عينة مثل زازو يوسف وحدها تلخص معايير « الوطنية » التي يطلبها النظام الجزائري فيما يشبه حملة إرهاب يشنها على الأراضي الفرنسية أشخاص مؤيدون للنظام الجزائري ومقربون منه. وكان هذا التيكتوكر المعروف لدى الشرطة بارتكاب جرائم الحق العام (عمليات السرقة والإضرار بالممتلكات)، خاضعا لمسطرة الإلزام بمغادرة الأراضي الفرنسية والصادرة في أبريل الماضي.

وكأنهم يتبعون أوامر محددة، ازدهرت عينات مماثلة داخل الجالية الجزائرية في فرنسا في الأيام الأخيرة على شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. أحدهم يحمل اسما مستعارا « عماد تانتان » (Imadtintin) ويعيش في غرونوبل، يدعو إلى حرق حيا وقتل واغتصاب أي شخص على الأراضي الفرنسية يعارض النظام الجزائري.

ولم يتورع عن التعبير عن تضامنه مع زازو يوسف. على تيك توك، حصد أحد مقاطع الفيديو الخاصة به أكثر من 800 ألف مشاهدة.

ومن خلال تأكيدها الآن على « عدم التساهل »، تتبنى السلطات الفرنسية موقفا حازما ضد آفة حقيقية مستعرة حاليا في فرنسا. لأن العديد من الأشخاص داخل الجالية الجزائرية قد تم تجنيدهم من قبل النظام الحاكم في الجزائر. ولازالت الذاكرة تحتفظ بالحملة المصغرة التي تم تنفيذها في دجنبر الماضي على شبكة الإنترنت، وتتمثل في إعداد نص قصير لتشجيع الرئيس عبد المجيد تبون وتهديد ضد أي صوت معارض، وجعل أكبر عدد ممكن من الجزائريين في فرنسا يرددونه. ويشار أيضا إلى التلاعب الصارخ بإرهابي مزيف تائب ادعى أنه تم تجنيده من قبل المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية لتشكيل مجموعات إرهابية وتنفيذ عمليات لزعزعة الاستقرار في الجزائر. وتمت الدعاية لذلك على نطاق واسع، سواء من قبل التلفزيون العمومي الجزائري أو وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، وكذلك من قبل الأبواق الإعلامية الخاضعة لأوامر السلطة.

المناورة كانت واضحة وأهدافها متعددة. يبدو النظام الجزائري، الخائف من سقوطه، يطلب ود فرنسا لمساعدته بكل الوسائل المتاحة له، بما في ذلك الإرهاب. والرسالة واضحة : إذا غرق « النظام »، فإنه لن يغرق وحده. ولذلك فإن فرنسا سيكون لها كل المصلحة في الحفاظ على النظام المحتضر إذا كانت لا تريد أن تعاني من عواقب انهياره. بمعنى آخر: إذا انفجر النظام الجزائري، فسوف تتضرر فرنسا حتما.

والهدف الآخر هو أيضا جعل باريس تعيد النظر في توجهها الذي لا رجعة نحو المغرب. فبعد سنوات من المحاولات لاسترضاء نظام أصابه الجنون، سئمت باريس. وبفضل الدعم التاريخي لمغربية الصحراء، اختار الإليزيه التقارب مع الرباط أكثر من أي وقت مضى. وقد ساعدته الجزائر كثيرا في ذلك: من خلال عدم استقراره، بالمعنى النفسي للكلمة، وتصرفاته الصبيانية واستغلاله لريع الذاكرة.

وينضاف إلى هذا هدف آخر: إخراس جميع الأصوات الجزائرية المقيمة في فرنسا، وعلى نطاق أوسع في أوروبا، والمعارضة للنظام الجزائري. ففي دراسة أعدها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وكشف فيها أساليب النظام الجزائري لقمع النشطاء في المنفى أو أي صوت معارض في الخارج.

« بعد الإغلاق التدريجي لجميع مساحات الاحتجاج في الجزائر، منذ قمع انتفاضة الحراك الشعبي في عام 2020، وسعت السلطات نطاق عملها القمعي، وتستهدف الآن المعارضين المقيمين في الخارج. وهذا التوسيع يعكس رغبة النظام في إخراس المعارضة والحفاظ على سيطرتها بغض النظر عن الحدود الجغرافية »، بحسب ما جاء في التقرير. ومن بين المستهدفين بهذه الأساليب نشطاء بارزين وأعضاء معروفين في الحراك لعام 2019، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يدينون علنا الفساد الحكومي وانتهاكات حقوق الإنسان أو الذين يعبرون عن انتقادات أخرى للمسؤولين الجزائريين.

كما أن الإجراءات التي تتجاوز الحدود، والتي تستخدم فيها الجالية كأداة، تساعد النظام الجزائري على الترويج لخطاب مغلوط، مفاده أن البلاد تواجه شبكة من الكيانات الإجرامية والإرهابية التي تعمل داخل الجزائر وخارجها والتي من شأنها تقويض الأمن و وحدة الدولة. وهنا تندرج قضية بوعلام صنصال، وإذا تمكن النظام من اعتقاله في الجزائر وسجنه، فليس من المؤكد أنه سينجح مع كل المنشقين الآخرين الذين يعدون بالآلاف. إلا إذا تم استعمال أصحاب السوابق والمجرمين لـ« معاقبتهم »...ومن هنا نفهم صرامة السلطات الفرنسية في مواجهة تصدير العنف من قبل نظام بلطجي.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 03/01/2025 على الساعة 18:46