القرار شكل صدمة قوية للبوليساريو التي لا تتوقف عن التحرك من أجل إعاقة كل تطور في علاقات المغرب مع شركائه من البلدان الأخرى، وذلك فيما يتعلق بأقاليمه الجنوبية. غير أنه من الآن فصاعدا، أعيدت هذه المنظمة الانفصالية إلى حجمها الحقيقي، وهي أنها مجرد مليشيا في خدمة أجندة جنرالات الجزائر وليست لها أية شرعية. وهكذا، فيومه الخميس 25 ماي، رفضت محكمة الاستئناف بلندن بشكل نهائي طلب الاستئناف الذي تقدمت به البوليساريو، من خلال منظمة غير حكومية تدعى « Western Sahara Campaign-WSCUK »، وهي المنظمة التي تتبنى الرواية الانفصالية، ضد قرار سابق للمحكمة الإدارية الذي أصدرته يوم 5 دجنبر الماضي والذي رفض طلبها القاضي بإلغاء اتفاقية الشراكة الذي يربط المغرب بالمملكة المتحدة.
هذا الطعن تم تقديمه من قبل من مؤيدين للبوليساريو بالمملكة المتحدة بدعوى أن اتفاقية الشراكة تم إبرامها « بدون مواقفة الشعب الصحراوي ». وفي معرض رده، قال القاضي إن المبررات التي قدمها ممثلو البوليساريو ليس لها فرصة للنجاح وأن الطعن في حد ذاته لن تكون له أية فائدة منه.
ويتعلق الأمر بثالث صعفة التي تتلقى المنظمة الانفصالية وداعميها على الواجهة القضائية، إذ ينضاف لها القرار القضائي السابق الصادر في المرحلة الابتدائية عن المحكمة البريطانية العليا (High Court britannique)، وكذا القرار الصادر عن المحكمة العليا بنيوزيلاندا يوم 15 مارس 2021 والذي رفض النظر في طلب تقدمت به البوليساريو وممثل نفس المنظمة غير الحكومية البريطانية ضد « New Zealand Superfund ».
ويقوي القرار الجديد اتفاقية الشراكة بين المغرب والمملكة المتحدة، بعد أن أكد القضاء البريطاني، في دجنبر الماضي، أن الاتفاقيات بين المملكتين تتوافق تماما مع القانون الدولي. كما رحبت الحكومة البريطانية بهذا القرار، وأعلنت أنها تنوي مواصلة « العمل في تعاون وثيق مع المغرب من أجل تعزيز التبادلات التجارية ». وسيشكل بلا شك أساسا للإجراءات المستقبلية الهادفة إلى مواجهة المناورات القانونية للانفصاليين في مناطق أخرى من العالم.
إن هذه الاستنتاجات الجديدة، الحكيمة والمسؤولة، هي مصدر ارتياح للمغرب لأنها تؤكد حقيقة ثابتة وحق المغرب المشروع في ممارسة سيادته الكاملة على صحرائه، التي تستفيد ساكنتها بالدرجة الأولى من تثمين مواردها الطبيعية. ويتماشى الحكم القضائي مع الموقف الذي أعرب عنه المغرب دائما فيما يتعلق بقانونية الاتفاقات المبرمة مع المملكة المتحدة التي لا جدال فيها والحاجة إلى تحصينها قانونيا.
البوليساريو من جهتها، والقضاء البريطاني هو الذي يقول ذلك، لا حق لها في إبداء أي رأي فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية للأقاليم الجنوبية، والعلاقات التجارية بين المغرب والمملكة المتحدة لا تهم إلا هذين البلدين.
وفضلا عن ذلك، لم تشر محكمة الاستئناف البريطانية إلى المسائل السياسية للنزاع الإقليمي حول الصحراء، والتي تقع حصريا ضمن اختصاص مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وبهذا الحكم، فإن البوليساريو قد أعيدت إلى حجمها الحقيقي: لا يمكنها الادعاء بأنها تمثل سكان الصحراء.
في غضون ذلك، القافلة تسير. يؤكد قرار القضاء البريطاني على الأهمية التي توليها المملكة المتحدة لشراكتها الاستراتيجية مع المغرب. شراكة تقوم على أسس متينة تحافظ على مصالح الطرفين. منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، تم إنجازها وفق مقاربة تضمن النفع المتبادل، حيث تم تكريس التشاور والحوار وتقريب المواقف بين الفاعلين المغاربة والبريطانيين.