وبعثت زيارة رئيس الدبلوماسية الإسبانية للملكة المغربية ومباحثاته مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي ومغاربة العالم، ناصر بوريطة (بعثت) رسائل بليغة للمهتمين، والمنشغلين على حد سواء.
وفضلا عن المديح الذي كاله وزيرا خارجية المغرب وإسبانيا لعلاقات التي تربط المغرب والجارة الشمالية، خلال المؤتمر الصحفي المشترك بالرباط، وصفت الخارجية الإسبانية لرئيس الدبلوماسية للمغرب بـ« المثمرة ».
جاء ذلك في رسالة نشرتها الوزارة يوم الجمعة 15 يناير 2023 على صفحتها بمنصة إكس (تويتر سابقا).
وأوضحت الرسالة المذكورة « زيارة مثمرة للوزير ألباريس إلى المغرب على مدى يومين »، وأن مدريد والرباط جددتا تأكيدهما، بهذه المناسبة، على « علاقات الصداقة والجوار والتعاون القوية القائمة بينهما ». /
وعلى رأس الرسائل التي بعثتها الزيارة احتفاظ إسبانيا بموقفها من قضية الوحدة الترابية للمغرب رغم ان حزب سوموس الذي كان يعادي المصالح المغربية أصبح ضمن الأغلبية الحكومية وعن ذلك يقول أحمد نورالدين، الخبير في العلاقات الدولية، عضو المجلس المغربي للشؤون الخارجية: إن علاقات إسبانيا مع المغرب وصلت إلى ما يعرف « بعلاقات دولة ».
وأوضح أن ذلك « هذا راجع إلى عدة اسباب، على رأسها حجم وعمق العلاقات الاقتصادية والتجارية، إذ تجاوز حجم المبادلات عتبة 20 مليار أورو، وهو ما لا يمكن أن تقفز عليه أي حكومة ».
ويرى نورالدين أنه من هذا المنطلق لا تتأثر علاقات البلدين إلا هامشيا بتغيير لون الحزب أو تركيبة الائتلاف الحاكم. وأضاف: « إن الطبيعة الاستراتيجية والأمنية للملفات التي تربط بين البلدين ومنها محاربة الإرهاب والهجرة غير النظامية والحدود البحرية واستغلال الجرف القاري، وتحرير الجيوب والجزر المحتلة، والصيد البحري، كلها ملفات حساسة تجعل أن إسبانيا هي الخاسر الأكبر من توتر العلاقات بين البلدين. وقد جربت مدريد خلال ازمة « ابن بطوش »، جزء بسيطا من تداعيات وقف التنسيق وآثارها الكارثية على القطاعات الاقتصادية والأمنية ».
وكان خوسيه مانويل ألباريس، جدد يوم الخميس الماضي في الرباط، التأكيد على أن « موقف إسبانيا المتعلق بقضية الصحراء لم يتغير، وهو الموقف الذي سبق التعبير عنه في الإعلان المشترك الذي تمت المصادقة عليه في 7 أبريل 2022، والإعلان الذي توج الدورة 12 للاجتماع رفيع المستوى المغرب - إسبانيا المنعقد في فبراير 2023″. وكان الإعلان المشترك المصادق عليه في 7 أبريل 2022، خلال اللقاء بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، ينص على أن « إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي تم تقديمها سنة 2007 الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لتسوية هذا النزاع ».
وردا على سؤال حول معنى تأكيد اسبانيا موقفها الإيجابي بخصوص قضية الصحراء المغربية يقول الخبير أحمد نور الدين:
« أولا هناك تيار دولي واسع في أوروبا وأمريكا وعبر العالم يدعم الشرعية التاريخية للمغرب على اقاليمه الجنوبية، ومدريد ليست استثناء وقد لعب خطاب الحزم للعاهل المغربي دورا في ذلك، وأعني به ربط العلاقات الخارجية والتعاون الاقتصادي بالموقف من الصحراء المغربية.
ثانيا، الجزائر بسحبها لسفيرها من مدريد وتجميدها لاتفاقيات التعاون والشراكة مع إسبانيا بسبب الموقف السيادي لإسبانيا الداعم للمغرب، دقت آخر إسفين في المشروع الانفصالي.
ثالثا، مدريد اخذت وقتا كافيا، سنة كاملة، خلال الأزمة التي تسبب فيها استقبال زعيم الانفصاليين، خلسة وبهوية مزورة وبتآمر مع اعداء المغرب، كي تعيد تقييم ما ستخسره وما ستربحه مع المغرب. وأكيد أنها فهمت الدرس ».
ومضى أحمد نورالدين يقول « لا يجب أن ننسى أن مدريد باعترافها بمغربية الصحراء، إنما تصحح الخطأ التاريخي الذي تتحمله في خلق المشكل من أساسه.
في تقديري المتواضع هذه العوامل كلها دفعت مدريد إلى مراجعة موقفها باتجاه اعتراف شبه تام بسيادة المغرب على صحرائه، كما ورد في رسالة 18مارس وفي خارطة الطريق 7 ابريل ».
جاء ما سلف ليعزز المكانة المتميزة التي يحظى بها المغرب ضمن السياسة الخارجية لإسبانيا. ويأتي تخصيص المغرب، يقول أحمد نور الدين: « بأول زيارة لوزير الخارجية الإسباني تُعبر عن الاهتمام والثقل الذي يحظى بهما المغرب في السياسة الخارجية الإسبانية، وهو ما أكده الوزير الإسباني نفسه في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، إذ قال بأن « المغرب يمثل أولوية الأولويات في السياسة الخارجية الإسبانية ».
وهو ما يتماشى مع ما قاله الملك فيليبي السادس سنة 2022 بأن العلاقات التي سينسجها مع الرباط ستكون الأقوى والأصلب وجديرة بالقرن 21″.
جاءت زيارة ألباريس لتضفي طابعا خاصا على الأجواء التي تميز في الوقت الراهن علاقات البلدين، كما حملت معها رسائل تنبئ بالمستقبل، وعن الدروس المستفادة منها تحدث نورالدين عن « آفاق مستقبلية رحبة للتعاون تبعث على التفاؤل، نذكر منها تعاون في تمويل وإنجاز بنيات تحتية ضخمة منها أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، خط القطار فائق السرعة الدار البيضاء/مراكش، إعادة تشغيل أنبوب الغاز الحالي بين المغرب وإسبانيا، مشروع الربط القاري عبر نفق تحت البحر المتوسط، ومشاريع أخرى كثيرة مرتبط بتنظيم كأس العالم 2030، وتهم على الخصوص البنيات التحتية والنقل والسياحة ».