قضية أمينة بوراوي: النظام الجزائري يحمل المغرب مسؤولية تدهور علاقاته مع فرنسا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون ، في 25 غشت 2022 في قصر المرادية، الجزائر العاصمة.. AFP or licensors

في 10/02/2023 على الساعة 15:00

في الوقت الذي مازالت الطغمة العسكرية في الجزائر مصدومة من المساعدة التي قدمتها السلطات الفرنسية، من قلب تونس، للناشطة أميرة بوراوي، فإن وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية للغاية لم تجد أفضل من توجيه الاتهام علنا.. إلى المغرب. إنها ذروة البارانويا.

نادرا ما نقرأ مثل هذا الخليط من البارانويا والافتراءات مركزة في كلمات قليلة جدا. فردا على الصفعة الحقيقية التي وجهتها مصالح الاستخبارات الفرنسية - التي تمكنت ببراعة، يوم الإثنين 6 فبراير 2023، من تهريب الصحفية الفرنسية - الجزائرية، أميرة بوراوي، من قلب تونس، وهي الصحفية التي كان محظورا عليها مغادرة الأراضي الجزائرية- أتحفتنا وكالة الأنباء الجزائرية بقصاصة عجيبة. في حين أن القضية هي فرنسية-جزائرية بحتة، فإن وكالة الأنباء الرسمية للغاية، التي من المفترض أن تتحلى بحد أدنى من الصرامة وضبط النفس، بدأت في التهجم على.. المغرب.

ففي قصاصة قصيرة للغاية، لكنها سريالية، قصاصة من 189 كلمة فقط نشرت يوم الخميس 9 فبراير، قامت وكالة الأنباء الجزائرية بتوجيه الإهانات إلى أميرة بوراوي، «وهي ليست صحفية ولا ناشطة، وهي لا شيء على الإطلاق»، واتهامات ضد « الخبارجي» الفرنسي، وبالطبع ضد المغرب. والسبب هو أن «بعض المسؤولين على مستوى الإدارة العامة للأمن الخارجي في فرنسا، ووزارة الخارجية وبعض المستشارين الفرنسيين-الجزائريين (الذين) لا يخفون حبهم وتبجيلهم للمخزن هم من يقفون وراء هذه القضية»، بحسب ما كتبته وكالة الأنباء الجزائرية. هذا، في حين أن المملكة ليست معنية لا من قريب ولا من بعيد بقضية لها على الأقل ميزة إظهار الهشاشة الكبيرة لنظام حتى تابعه التونسي لا يتردد في «خيانته».

وقارنت وكالة الأنباء الجزائرية، عملية هروب بسيطة (وإن كانت بارعة) لمواطنة فرنسية بعملية « الإنزال في خليج الخنازير»، أي محاولة الغزو العسكري لكوبا من قبل المنفيين الكوبيين بدعم من الولايات المتحدة في أبريل 1961. وتعلن، بالتالي، نهاية شهر العسل بين باريس والجزائر عندما تقول: « من المحزن أن كل ما تم بناؤه بين الرئيسين تبون وماكرون، لفتح صفحة جديدة بين البلدين، يتداعى ولا يبدو أن القطيعة بعيدة».

إن الوقائع تؤكد الحزن الجزائري، وتقوم الطغمة العسكرية، وهي وحدها التي تعرف كيف تفعل ذلك، بتراجع جذري عن كل الجهود الأخيرة للتقارب بين البلدين. وهكذا نقرأ في مقال نشرته أفريكا إنتليجنس، أن رئيس المخابرات الجزائرية مهنا جبار ألغى لقاء مع نظيره الفرنسي برنار إيميي، رئيس المديرية العامة للأمن الداخلي. كان من المقرر أن يعقد يوم أمس الخميس في باريس.

وفي اليوم نفسه، عاد السفير الجزائري في فرنسا، سعيد موسي، إلى الجزائر العاصمة منذ أن تم استدعاؤه في اليوم السابق « من أجل التشاور ». كما أن زيارة الدولة التي كان من المقرر أن يقوم بها الرئيس عبد المجيد تبون لفرنسا في ماي المقبل، وفق الاتفاق مع « صديقه » الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أصبحت غير مؤكدة.

الجزائر ترغب الآن في تعليق تعاونها العسكري والاقتصادي مع فرنسا، كما تخبرنا أفريكا إنتليجنس. بداية، استبعد اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة الفرنسية-الجزائرية (كوميفا)، التي كان مقررا عقدها يوم 16 فبراير وأجلت إلى شهر مارس، من أجندة البلدين.

نفس الشيء بالنسبة لزيارة رئيس أرباب العمل الجزائريين إلى فرنسا التي كان من المقرر إبرام اتفاق خلال هذا الربع الأول من عام 2023 مع جمعية أرباب العمل في فرنسا.

المشاريع الاقتصادية والعسكرية الكبرى، مثل منح حقول النفط والغاز الجديدة لشركة « طوطال إينرجيز » الفرنسية، أصبحت مهددة الآن. نفس الشيء بالنسبة للمفاوضات المتعلقة باستغلال المجموعات الفرنسية للخام الاستراتيجي. ويمكن القول إن القصر من ورق للعلاقات الجديدة بين باريس والجزائر لم يصمد طويلا. هكذا تسير الجزائر، التي يحكمها شيوخ عاجزين ومصابين بجنون العظمة.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 10/02/2023 على الساعة 15:00