برنارد لوغان يكتب: نظام الجزائر يكرر سيناريو أوجاق الإنكشاريين في تدمير نفسه

Bernard Lugan.

المؤرخ الفرنسي برنارد لوغان

في 30/09/2025 على الساعة 11:00

مقال رأيالواقع أن نظام المرادية بات على وشك أن تجرفه الحرب الضارية التي تخوضها الأجنحة العسكرية فيما بينها. مشهد يعيد إلى الأذهان الصراعات الدموية بين الفصائل التي كانت، قبل عام 1830، تمزق مكونات أوجاق الإنكشاريين. والعادات الموروثة عن ذلك الماضي الاستعماري التركي، الذي تتجاهله عمدا الرواية الرسمية لتاريخ الجزائر، تبدو وكأنها تشكل الإطار الذي تأسس عليه النظام العسكري الجزائري الحالي.

كما عنونت صحيفة لوموند: «المأساة النفسية حول فرار الرئيس السابق للمديرية العامة للأمن الداخلي ناصر الجن، الموضوع تحت الإقامة الجبرية، تكشف صراعات الفصائل داخل النظام الجزائري». بالفعل، فإن هروب هذا المسؤول الأمني البارز يعكس الأزمة العميقة التي يعيشها النظام المنبثق عن انقلاب 1962. دعونا نتأمل هذا: 155 ضابطا رفيعا في الجيش الجزائري يقبعون حاليا في سجن البليدة العسكري، من بينهم 60 جنرالا، و10 جنرالات كبار، و85 كولونيل. هذا فضلا عن عشرات وربما مئات الضباط الصغار أو ضباط الصف... وضعية فريدة في العالم، يمكن أن تذكر على أقصى تقدير بتطهير الجيش السوفياتي في الحقبة الستالينية قبيل الحرب العالمية الثانية.

الواقع أن نظام المرادية بات على وشك أن تجرفه الحرب الضارية بين الأجنحة العسكرية. مشهد يعيد إلى الأذهان الصراعات الدموية بين الفصائل التي كانت، قبل 1830، تمزق مكونات أوجاق الإنكشاريين. والعادات الموروثة عن ذلك الماضي الاستعماري التركي، الذي تتجاهله عمدا الرواية الرسمية لتاريخ الجزائر، تبدو وكأنها تشكل الإطار الذي تأسس عليه النظام العسكري الجزائري الحالي.

طوال ثلاثة قرون من الاستعمار العثماني لما يعرف اليوم بالجزائر، امتلأت صفحات التاريخ بتصفيات، ومجازر، وحروب دموية شرسة بين فصائل أوجاق الإنكشاريين. تصفيات الأمس واليوم تشهد عليها شعوب ظلت رهينة لمصالح أجنحة عسكرية لا تتوقف عن تدمير بعضها البعض.

«في ذلك اليوم، اغتيل الداي الحاج أحمد شابان على يد ميليشيا الإنكشاريين. ثم جرى تعيين سبعة مرشحين للسلطة تباعا، لكنهم جميعا ذُبحوا في اليوم نفسه داخل قصر الجنانة»

—  برنارد لوغان

نظرة سريعة إلى الوراء تظهر أن القرون تتغير لكن العادات تبقى. خلال فترة البيلربايات (1544-1587)، أُلقي بالبيلرباي حسن كورسو حيا فوق خطاطيف جدار قلعة باب حزن، وفي عام 1557 ذُبح محمد كردغلي.

أما فترة الآغوات (1659-1671) فبدأت عام 1659 بانتفاضة الإنكشاريين ضد الباشا إبراهيم، الذي استولى مباشرة على الأموال المرسلة من السلطان والمخصصة لتسليح الأسطول الجزائري المنضم إلى الأسطول العثماني. وخلال هذه الفترة، مات كل الآغوات ميتة عنيفة.

الفترة التالية، وهي فترة الدايات، امتدت من 1671 إلى 1830، تاريخ وصول الفرنسيين. تعاقب خلالها 22 دايا، قُتل 12 منهم، خاصة خلال اليوم الدموي المذهل في 15 غشت 1695. في ذلك اليوم، اغتيل الداي الحاج أحمد شابان على يد ميليشيا الإنكشاريين. ثم جرى تعيين سبعة مرشحين للسلطة تباعا، لكنهم جميعا ذُبحوا في اليوم نفسه داخل قصر الجنانة. في النهاية، قام كبير الطهاة في القصر بتسليح المساعدين والصبية، وقتل المتآمرين واحدا تلو الآخر.

في السنوات اللاحقة، اغتيل الحاج مصطفى داي، فيما قُتل محمد بغدادش على يد الحشود في 22 مارس 1710. كما اغتيل الداي دالي إبراهيم ومحمد بن حسن. وفي عام 1748، تم تسميم إبراهيم كوتشوك داي، وفي ديسمبر 1754 قُتل محمد بن بكير داي على يد أوزون علي الذي أعلن نفسه دايا، لكنه قُتل في اليوم نفسه. أما مصطفى داي فقد ذُبح عام 1805، بينما قُطع رأس أحمد داي على يد الإنكشاريين في 7 نوفمبر 1808. وأخيرا، خُنق الحاج علي داي وعمر آغا أو ذُبحا على التوالي في 7 أبريل 1809 و8 أكتوبر 1816...

تحرير من طرف برنارد لوغان
في 30/09/2025 على الساعة 11:00