ميزة هذه الخرجة أنها تشكل أول رد فعل رسمي من أحد أعضاء الحكومة المغربية بشأن الهجمات التي استهدفت مدينة السمارة بمباركة ودعم الطغمة العسكرية الجزائرية، مشيرا إلى طبيعتها الإرهابية.
ويذكر أنه في ليلة 28 إلى 29 أكتوبر الماضي، أصابت أربعة قذائف أحياء مدنية في السمارة، جنوب المغرب، مما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 3 آخرين، بينهم إصابتان خطيرتان، فضلا عن الخسائر المادية.
إذا كانت مجموعة من الأدلة الموثوقة والمتطابقة والدامغة قد أثبتت منذ ذلك الحين مسؤولية جبهة البوليساريو، وهي ميليشيا انفصالية تنشط انطلاقا من تندوف في الجزائر التي تحتضنها وتمولها وتسلحها، فقد أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي هذا الأسبوع بشكل رسمي الطبيعة الإجرامية والإرهابية الواضحة لهذه التفجيرات التي تشكل عملا من أعمال الحرب.
كان ذلك يومي الأربعاء والخميس الماضيين، في جنيف، في إطار مداخلته أمام الدورة الـ111 للجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، بمناسبة الفحص الجامع للتقارير الدورية 19 و20 و21 بشأن إعمال الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
إقرأ أيضا : هجمات السمارة: الأدلة الدامغة الدالّة على ضلوع البوليساريو.. كيف سيكون رد المغرب؟
وتوجه عبد اللطيف وهبي، الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة (أغلبية حكومية)، بالخطاب إلى الجزائري نور الدين أمير، عضو اللجنة المذكورة، قائلا: « كيف يمكن أن نكيف بعض التصرفات من طرف الجارة الجزائر فيما يخص الأمن والسلم الدوليين، والصواريخ التي خرجت من المناطق الجزائرية إلى أراضينا ألا تعتبر إرهابا؟ ألم ننتقل من إرهاب الأشخاص إلى إرهاب الدولة؟ عندما أكيف الأشياء أجد أنكم (الجزائر، ملاحظة المحرر) في موقف ضعف أكثر من موقف القوة » لإعطاء الدروس. وكان الوزير المغربي يرد على الاستفزاز الجزائري الجديد بشأن تعريف مبدأ تقرير المصير.
«حتى أنت يا بروتوس»
وتحدث عبد اللطيف وهبي عن طعنات الخيانة. وقال « الجغرافيا ظلمتنا حينما وضعتنا جنبا إلى جنب، ونحن لا نملك سلطة على الجغرافيا، ولكن للتاريخ دماؤنا وعائلاتنا المختلطة وتاريخنا المشترك ألا يكفي أن نعيش في سلم وأمن دوليين. إلى من وصفني بأني أخوه أقول لك هذه العبارة الشهيرة: « حتى أنت يا بروتوس »، في إشارة إلى العبارة التي قالها الإمبراطور الرومانى يوليوس قيصر وهو يحتضر، لصديقه وحليفه ماركوس جونيوس بروتوس الذي غدر به وتحالف مع أعدائه الذين اغتالوه.
وفي الوقت الحالي، اختار المغرب، في إطار سيادة القانون، الحكمة وضبط النفس. فقد فتحت النيابة العامة المختصة بالعيون تحقيقا، وتجري حاليا التحليلات التقنية والباليستية لتحديد طبيعة القذائف وأصلها. وفي أثناء ذلك، تحرص السلطات على عدم استباق نتائج هذا التحقيق ولا تعلق على العملية القضائية. وأوضح مصدر مطلع أنها « ستخبر بها بمجرد الحصول على العناصر الأولية ». كما أن السلطات، التي التزمت الهدوء أمام هذه الاستفزازات المتهورة، سيواصل التحقيقات حتى نهايتها، حتى تحديد المسؤوليات ومن ثم تطبيق القانون بكل صرامة.
إقرأ أيضا : بالفيديو - سقوط قذائف على السمارة: جنازة مهيبة للشاب حمزة الجعايفري الذي قتل من طرف مرتزقة البوليساريو
وفي إطار التحقيقات حول هجمات السمارة، توجه فريق من بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو)، بقيادة رئيسها ألكسندر إيفانكو، إلى الرباط. وأعد تقريرا تم إرساله إلى مقر الأمم المتحدة قبل يعرض على أعضاء مجلس الأمن.
تمكنت بعثة المينورسو، التي أخبرت من طرف السلطات مباشرة بعد الانفجارات، من تحديد موقعها الدقيق: منطقة السلام، حيث وقع انفجاران، ومنطقة الوحدة، التي تعرضت لانفجار، والمنطقة الصناعية بضواحي المدينة. « لقد لاحظوا عدم وجود منشآت عسكرية في هذه الأحياء أو حولها. لقد تأكدوا من أن كل الضحايا هو مدنيون أبرياء »، وفق ما قال عمر هلال، سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، يوم 30 أكتوبر الماضي بمقر المنظمة بنيويورك، عقب اعتماد مجلس الأمن للقرار 2703 بخصوص الصحراء.