حصيلة «عهد»: أفضل عشر درر وأكاذيب أخرى لتبون

Le président algérien Abdelmadjid Tebboune lors de sa vite de trois jours à Moscou en juin 2023.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال زيارته لموسكو في يونيو 2023

في 27/03/2024 على الساعة 21:05

فيديوكان عبد المجيد تبون، رئيس الوعود الخمسين الكاذبة، طوال فترة ولايته الرئاسية للجزائر، ملك التباهي والأكاذيب الخالدة. بدءا من المشاريع التي تم تقديمها (تقريبا) وكأنها أنجزت إلى أكثر الإعلانات غير الواقعية، فإن الرايس الجزائري أتحفنا وأمتعنا حقا. وهناك فرص قوية في أن يستمر هذا الأمر. وإذا كان من المستحيل أن يكون هذا الجرد شاملا نظرا لكثرة لغزارة ترهات هذه الشخصية في هذا المجال، فإن بعض الخرجات الإعلامية والإعلانات الأخرى قد دخلت التاريخ من بابه الواسع. وفيما يلي جرد لأهمها.

1. « ليست لدينا مشكلة مع المغرب »

تم التصريح بهذه العبارة مع بداية « عهد » عبد المجيد تبون على رأس « الجزائر الجديدة ». « ليس لدينا مشكلة مع أخوتنا المغاربة » و »الحكمة كانت دائما هي السائدة » في العلاقات بين البلدين. يوم السبت 4 يوليوز 2020، وأمام كاميرات فرانس 24، تبون متأكد من ذلك. والتوترات بين المغرب والجزائر؟ « سيتوقف الأمر »، متمنيا بهذه المناسبة « السعادة و التطور للشعب المغربي الشقيق ». وسوف يسجل التاريخ أن العلاقات بين البلدين ـ التي قطعتها الجزائر من جانب واحد ـ لم تكن قط بمثل هذا القدر من الكراهية. بسبب من؟

2. «الجزائر ستنتج 1.3 مليار متر مكعب من الماء الصالح للشرب يوميا بفضل تحلية مياه البحر»

هذه العبارة هي بلا شك الأفضل. تفوه بها يوم الثلاثاء 19 دجنبر 2023، بمقر الأمم المتحدة بنيويورك. ربما لم يصدق عيناه وجوده في هذا المقر المهيب -على الرغم من أن القاعة كانت شبه فارغة- شعر الرئيس الجزائري بفائض الإلهام. وفي الوقت الذي يعتبر فيه نقص المياه هو القاعدة في الجزائر العاصمة ووهران، حتى لا نذكر إلا المدن الكبرى، فإن خياله جمح بعيدا وقال بنوع من الفخفخة « بحلول نهاية عام 2024″، أي مغ قرب انتهاء ولايته الرئاسية الأولى، « ستنتج الجزائر 1.3 مليار متر مكعب من الماء الصالح للشرب يوميا بفضل تحلية مياه البحر. هذا فقط! وهذا يأتي ليؤكد تصريحا سابقا صدر يوم 5 غشت من نفس العام لوسائل الإعلام الجزائرية، تحدث فيه تبون عن إنتاج 1.4 مليار متر مكعب من الماء الصالح للشرب يوميا.

المشكلة: من المستحيل ببساطة تحقيق هذا الحجم. بالآلة الحاسبة، 1.3 مليار متر مكعب في اليوم –رقم أممي- أي 474.5 مليار متر مكعب في السنة، أو ثلاثة أضعاف البحر الميت، وأربعة أضعاف بحيرة نيكاراغوا وما يعادل بحيرة خوفسغول، أعمق بحيرة في منغوليا. والأكثر من ذلك أن الرئيس الجزائري من خلال إعلانه أكد أنه يستطيع إنتاج أكثر من 11 مرة من إنتاج العالم فيما يخص تحلية المياه. في نهاية عام 2024، وإذا سارت الأمور على ما يرام. ومنذ ذلك الحين، اختفى هذا الالتزام، ومن عظمة الجزائر، لا نحتفظ إلا الأرقام الخيالية.

3. الحبوب: الجزائر بإمكانها إطعام المغرب وتونس ومصر وإفريقيا كلها

يوم الأربعاء 30 مارس 2022، الجزائر العاصمة. تلقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن درسا حقيقيا في الخيال العلمي عندما استقبله عبد المجيد تبون في قصر المرادية. وخلال هذا اللقاء، أكد هذه الأخير دون أن يرف له جفن أن الجزائر تمتلك القدرة على إطعام القارة الإفريقية بأكملها. ولا بد أن الجزائريين، الذين يستيقظون عند الفجر ويقفون في طوابير لا نهاية لها على أمل شراء كيس من الحليب أو كيس من السميد، قدروا ذلك.

« مع وجود دولة بمساحة كبيرة جدا، يمكننا مساعدة إفريقيا في ما يتعلق بإمدادات الحبوب. نستطيع فعل ذلك. من الممكن تقنيا الوصول إلى إنتاج 30 مليون طن. نحتاج 9 ملايين طن ويمكننا تصدير 21 مليون طن للمغرب وتونس ومصر دون أية مشكلة »، هذا أكده في تصريح وفق التقرير الذي أعدته وزارة الخارجية الأمريكية. وفي انتظار تحقيق ذلك، تعد الجزائر واحدة من أكبر مستوردي الحبوب في العالم. وبسبب الصراع الروسي الأوكراني، لم تعد البلاد قادرة حتى على الحصول على هذه المادة. بعد أقل من شهر من خرجته أمام وزير الخارجية الأمريكي، في 23 أبريل 2023، أكد تبون أن طموحه يقتصر... على تقليص الواردات الجزائرية لخفضها إلى معدل سنوي يتراوح بين 2 و2.5 مليون طن، التي تنقذه من المجاعة.

4. عندما تم منح الأمير عبد القادر مسدسين من قبل جورج واشنطن.. بفارق قرن من الزمن

عبد المجيد تبون يحلق خياله أيضا في المكان والزمان. يوم الأحد 10 أكتوبر 2021، أخرج إحدى جزعبلاته من أجل توضيح عمق العلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة الأمريكية والجزائر، إذ رأى الرئيس الجزائري أنه من المناسب أن يؤكد خلال مقابلة بثتها القناة العمومية، أن الأمير عبد القادر البطل الكبير للمقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، هدية مرموقة عبارة عن مسدسين، من أحد الآباء المؤسسين للأمة الأمريكية، جورج واشنطن، أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية.

والحال أن جورج واشنطن ولد في 22 فبراير 1732، وتوفي في 14 دجنبر 1799. في حين ولد الأمير عبد القادر في شتنبر 1808 وتوفي يوم 26 ماي 1883 في دمشق. لذلك ليست هناك إمكانية لالتقاء الشخصيتين. على الأقل في العلم السفلي. أما عن تبادل الود والهدايا الأخرى، فمن المؤكد أنه لن يحدث على هذه الأرض الزائلة ولا في بعدنا الزماني المكاني.

5. نيكولا الثاني وألكسندر الثاني، هما سيان

خلال زيارة دولة إلى موسكو استمرت ثلاثة أيام، التقى خلالها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 15 يونيو 2023، أتحف عبد المجيد تبون العالم بخطأ فادح، وأظهر مرة أخرى عدم إلمامه بالتاريخ.

وخلال ندوة صحفية مشتركة مع مضيفه، وأمام عدد كبير من الصحفيين وممثلي حكومتي البلدين، أراد الرئيس الجزائري يعطي درسا في التاريخ، مذكرا بأنه « في زمن القياصرة »، تم توشيح الأمير عبد القادر يوسام النسر الأبيض من قبل القيصر نيكولا الثاني. والحال أن هذا الأخير لم يكن قد بدأ حكمه بعد (حكم من 1894 إلى 1917) عندما توفي عبد القادر عام 1883. وربما تقلب عبد القادر في قبره عندما ثرثرة وهذيان تبون. ومع ذلك، كان يكفي الاستماع بعناية إلى فلاديمير بوتين في ذلك اليوم لفهم أن المبادرة جاءت من القيصر ألكسندر الثاني.

6. إسبانيا عرضت الصحراء على الجزائر

خلال مروره بقناة الجزيرة القطرية يوم 22 مارس 2923، أكد عبد المجيد تبون أمام مواطنته خديجة بن قنة، أن حاكم إسبانيا السابق فرانسيسكو فرانكو اقترح عام 1964 التنازل للجزائر عن الصحراء الغربية,

عينة من الهراء والأكاذيب الكثيرة التي أدلى بها الرئيس الجزائري خلال 26 دقيقة من مقابلته. وكلها من وحي خياله. لم نسمع أي مؤرخ، لا في الجزائر ولا في أي مكان آخر، أن الزعيم الإسباني السابق اقترح ضم الصحراء الأطلسية إلى الجزائر.

ويضاف إلى ذلك تصريحه أن « الحدود – بين المغرب والجزائر- مغلقة منذ 43 عاما ». والحال أن الحدود البرية المغربية الجزائرية أُغلقت عام 1994، وليس عام 1980. أراد تبون أن يوضح أن المغرب والجزائر لم يعرفا قط علاقات جيدة « منذ استقلالهما ».

7. استرداد الأموال القذرة: 20، 22، 30 مليار دولار.. من يقدم الأفضل؟

إن المبالغ المعلن عنها كبيرة للغاية، لكنها مع ذلك تقدم بشكل اعتباطي. يتعلق الأمر بمبالغ مالية وممتلكات غير مشروعة، تعود لقادة ورجال أعمال سابقين في عهد بوتفليقة، وعد عبد المجيد تبون باستعادتها. وخلال مقابلة أجريت في دجنبر 2022 مع صحفيين جزائريين، أشار ساكن قصر المرادية إلى أن الدولة استعادت في ذلك التاريخ ما يعادل 20 مليار دولار.

وبعد خمسة أشهر، في ماي 2023، قدم رقم 22 مليار دولار تم استردادها. وأخيرا، أعلن عبد المجيد تبون، خلال الخطاب الذي ألقاه في دجنبر 2023 أمام مجلسي البرلمان، عن استرداد ما يعادل 30 مليار دولار.

كيف ارتفع هذا المبلغ من 20 إلى 30 مليار دولار في ظرف عام واحد؟ هل يعود الأمر إلى التضخم على الطريقة الجزائرية؟ وكيف قامت الحكومة الحالية بإعادة الأموال؟ وأين هذه الأموال حاليا؟ لغز محير حقا.

8. الجزائر ستنتج الفوسفاط أكثر من المغرب

الخميس 16 نوفمبر 2023، أمام رجال أعمال جزائريين، وعد الرئيس عبد المجيد تبون هذه المرة برفع الجزائر إلى المرتبة الأولى أو الثانية أو الثالثة (بعد أن تعثر لسانه على المنصة) في إنتاج الفوسفاط في العالم والمنتج الأول، دون تردد هذه المرة، في أفريقيا. وقال: « ستصبح بلادنا قريبا منتجا قويا للفوسفاط وستصعد إلى المركز الأول في أفريقيا، وحتى في العالم حيث ضمنت احتلال المركز الثاني أو الثالث على الأقل ».

فكيف يمكن للجزائر، التي لا تملك سوى 2 مليار طن من احتياطي صخور الفوسفاط، والذي لا يتجاوز محتواه الخام 10 % (أي لا قيمة له)، أن تنافس المغرب، الذي يمتلك 50 مليار طن من احتياطي الفوسفاط ذي النوعية الجيدة جدا، مع محتوى خام يبلغ حوالي 30 %؟

كان طموح السلطة التنفيذية الجزائرية السابقة هو الانتقال من إنتاج بضع مئات الآلاف من الأطنان من الفوسفاط إلى 10 ملايين طن في عام 2022. ومع ذلك، في ذلك العام، اقترب إنتاج الفوسفاط الجزائري بالكاد من مليون طن، أي أقل بعشر مرات من المتوقع.. وأقل 40 مرة من الإنتاج المغربي.

9. مناطق التجارة الحرة في المغرب الكبير ومنطقة الساحل.. لكن ما الفائدة منها؟

بالنسبة لعبد المجيد تبون، كانت الفرصة مثالية، يوم الثلاثاء 13 فبراير 2024: الاجتماع الحادي والأربعون للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا (نيباد)، التي من المفترض أن تكون الإطار الرئيسي لتنمية القارة. أعلن الرئيس الجزائري، عبر تقنية الفيديو، عن الانفتاح السريع لمناطق التجارة الحرة بين الجزائر والدول المجاورة لها (باستثناء المغرب بالطبع). وقال: « أعلن لزملائي الرؤساء أن الجزائر ستشهد سنة 2024 إحداث مناطق تجارة حرة مع الدول الشقيقة، بدءا بموريتانيا، ثم دول الساحل ومالي والنيجر، بالإضافة إلى تونس وليبيا »، وفق ما ورد في بيان للرئاسة الجزائرية.

ولكن ما هي الاستعدادات التي تمت؟ لا شيء على الإطلاق. وقبل كل شيء، مناطق للتجارة الحرة لتبادل ماذا؟ لأن القيمة الحالية للتجارة بين الجزائر وجميع البلدان المعنية تبلغ حوالي 600 مليون دولار سنويا وتتعلق بشكل خاص بالمواد الهيدروكربونية.

أضف إلى ذلك أن المشاريع التي أعلنت عنها الجزائر، بعضها يعود إلى فترة السبعينيات، والتي لم تتجاوز قط حالة المخطط (الطريق العابر للصحراء الذي يربط ستة بلدان إفريقية، وشبكة الألياف الضوئية المحورية عبر الصحراء في منطقة الساحل، وخط أنابيب الغاز العابر للصحراء بين نيجيريا والجزائر...)، وبالتالي تتوفر لديكم صورة دقيقة عن الطابع السريالي لمثل هذه الإعلانات.

10. الانتخابات الرئاسية ستجرى « في موعدها »

بأسلوب لا يليق البتة بوكالة أنباء رسمية، نشرت وكالة الأنباء الجزائرية، يوم 27 فبراير، قصاصة فريدة من نوعها وتحمل بوضوح توقيع الرئاسة. الموضوع الذي عانى القارئ لإيجاده هو: تاريخ الانتخابات الرئاسية.

وجاء في نص القصاصة أن " الانتخابات ستُجرى في موعدها المنصوص عليه في الدستور احتراما للدستور وللشعب الجزائري الوحيد صاحب السيادة »، مع الإمعان في سب والتهجم على كل من يشكك في تاريخ إجرائها.

وبينما توقع البعض تأجيل الانتخابات الرئاسية الجزائرية، التي كان من المقرر إجراؤها مبدئيا في دجنبر 2024، أعلن بلاغ لقصر المرادية، الخميس 21 مارس، عن تقديم هذه الانتخابات لمدة ثلاثة أشهر. ومن المقرر أن تنعقد الهيئة الانتخابية في يونيو المقبل، على أن تجرى الانتخابات الرئاسية في 7 شتنبر، أي قبل أكثر من ثلاثة أشهر من النهاية القانونية لولاية عبد المجيد تبون. ويثير هذا القرار غير المتوقع المزيد من التساؤلات حول أسباب عدم احترام الموعد الانتخابي، ويكشف عن دولة تسير على غير هدى.

وباستثناء مفاجأة كبيرة، سيعاد انتخاب عبد المجيد تبون لولاية ثانية كرئيس، وهي الولاية التي ستكون بلا شك غنية جدا بتبونياته.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 27/03/2024 على الساعة 21:05