زلزال المغرب: ماكرون يتجاوز الملك محمد السادس ويخاطب المغاربة مباشرة

Sur son compte X (anciennement Twitter, le président français Emmanuel Macron s'est adressé directement au peuple marocain, le 12 septembre 2023.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

في 13/09/2023 على الساعة 11:08

في فيديو تم تصويره وبثه على حسابه على منصة « إكس » (تويتر سابقا) في الساعة السابعة من مساء الثلاثاء 12 شتنبر، خاطب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، « المغاربة » مباشرة، متجاوزا بذلك البروتوكول، وهو ما أثار غضب المغاربة وعزز سمعته كأكبر عدو لفرنسا في الخارج.


«أيها المغاربة. نحن بجانبكم»، هذا ما أعلنه إيمانويل ماكرون في هذا الفيديو الذي يقول فيه إنه يريد « مخاطبتهم مباشرة »... إنها سابقة غريبة لأن مثل هذا النوع من الخطاب، الذي يوجهه زعيم دولة مباشرة إلى الناس من بلد آخر ليس أمرا معتادا. لكن إذا أوضح الرئيس الفرنسي للشعب المغربي أنه « أراد أن يقول له إن فرنسا متأثرة مما حدث ليلة الجمعة-السبت، بسبب هذا الزلزال المروع »، فإن المغاربة عبروا على شبكات التواصل الاجتماعي عن استغرابهم من هذه الخرجة المتمثلة في مخاطبة شعب دولة ذات سيادة بشكل مباشر وتجاوز رئيس الدولة، الملك محمد السادس.

« من فضلك تحدث مباشرة إلى ملكنا. هناك بروتوكول يجب احترامه »، هذا ما كتبه مغربي على شبكة التواصل الاجتماعي، والذي رأى في هذا التدخل تعبيرا عن « نزعة استعمارية عفا عليها الزمن ». ورد آخر بنفس النبرة: « منذ متى تخاطب المغاربة مباشرة؟ إنها وقاحة وعجرفة ومناورة أن تخاطب شعب دولة رفض ملكها عرضك. هل تعتقد أنك رئيس أفريقيا؟ ».

وفي نفس الفيديو قال ماكرون: « من الواضح أن قلوبنا مع المفقودين وعائلاتهم والجرحى، وعندما أقول لكم هذا، أفكر بوضوح في جميع العائلات التي تتقاسم حياتها بين فرنسا والمغرب وهذه المصائر المرتبطة ».

إن توقيت هذا الخطاب الموجه إلى ضحايا الزلزال الذي ضرب المغرب يتزامن مع حملات بعض وسائل الإعلام الفرنسية التي تستهدف على السلطات المغربية، وخاصة الملك محمد السادس، وتعمل أيضا، على خلاف الصحافة الأنجلوسكسونية على سبيل المثال، على تجاهل التدبير الممتاز للأزمة التي يشرف عليها الملك شخصيا وروح التضامن الرائعة التي أبان عليها المغاربة.

«فرنسا متضامنة معكم، فرنسا تقف إلى جانبكم»، هكذا يتابع إيمانويل ماكرون، في وقت لم تتخلص فيه العديد من وسائل الإعلام الفرنسية من هوسها المتمثل في أن المغرب لم يستجب بعد لاقتراح المساعدة الإنسانية المقدم من فرنسا، مفضلا في الوقت الحالي اقتراح إسبانيا وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة.

لكن لماذا مخاطبة المغاربة مباشرة لإثارة جدل يحتدم في وسائل الإعلام الفرنسية؟ لماذا لا تتحدث مباشرة إلى صحافة بلدك، وهي نفس الصحافة التي فضلت تسييس الدراما الإنسانية بدلا من دعم الزخم الوطني للتضامن في المغرب والعمل الرائع الذي أنجزته على الأرض عناصر الإغاثة والقوات المسلحة الملكية؟

إن هذه الطريقة تفتح الباب أمام تفسيرات متعددة، أبرزها محاولة غير مقبولة للتدخل، أو حتى ممارسة أبوية مفتية. إن إيمانويل ماكرون، بإصراره بهذه الطريقة على اقتراح المساعدة التي قدمتها فرنسا، منذ اليوم الأول، يرمي الكرة مرة أخرى في ملعب السلطات المغربية التي لم تقبلها بعد، وبالتالي فهو يسير في نفس توجه الحملة التي تشنها بعض وسائل الإعلام الفرنسية، وهي الحملة التي استنكرها المغاربة على وجه التحديد.

وبخصوص هذا الموضوع، رد الرئيس الفرنسي على هذا الجدل وأعلن أنه يريد « أن يكون لديه كلمات بسيطة »، « في هذه اللحظة، التي من الواضح أنها لحظة ألم، ولكنها أيضا لحظة فعل وتضامن ». وشدد الرئيس الفرنسي على أن هذه « الجدالات لا مبرر لها ». وأضاف: « أود أن تكون كل الجدالات التي تفرق وتعقد الأمور في هذه اللحظة المأساوية أن تتوقف احتراما للجميع ». ومع ذلك، إذا كان الهدف المحدد لمداخلته هو إزالة هذه الجدالات، فإن الطريقة التي اتبعها لن تؤدي إلا إلى تفاقمها.

قال الرئيس الفرنسي في منتصف مداخلته: « من الواضح أن الأمر متروك لجلالة الملك وحكومة المغرب، بطريقة سيادية، لتنظيم المساعدة الدولية، وبالتالي نحن تحت تصرف اختياراتهم السيادية ». لكن تراتبية عناصر تدخله، من خلال إخضاع رئيس الدولة والمؤسسات المغربية لـ « أناه » النرجسية، سيكون لها أثر عكسي، إذا كان هذا الرئيس، الذي يعد السبب في تراجع دور فرنسا بشكل غير مسبوق في الخارج، قد فعل ذلك حقيقة من أجل طي صفحة الخلافات واحترام حداد المغاربة.

لأنه منذ أن ترأس ماكرون فرنسا، تراجع نفوذها في العالم. وحتى حلفاؤها الغربيون، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، وجهوا لها أقسى ضربة تتلقاها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث نسجوا وراء ظهرها اتفاقا جديدا بشأن شراء حكومة كانبرا للغواصات لتحل محل العقد المبرم بين فرنسا وأستراليا.

وفي أفريقيا، ساهم إيمانويل ماكرون بشكل كبير في تزايد المشاعر المعادية لفرنسا. إنه لا يفهم الحقائق الإفريقية ويلقي خطابات متعالية لا تتماشى مع الحقائق الجديدة وتطور المجتمعات في القارة الأفريقية. ومع ذلك، تعد فرنسا أرضا خصبة بالخبراء الذين لهم دراية بالقارة الأفريقية. لكن ماكرون لا يهتم بكلام الخبراء. ومن الواضح أنه الوحيد الذي يعرف كل شيء.

والنتيجة: في غضون خمس سنوات، أصبحت فرنسا عدوا لشعوب وحكومات بوركينا فاسو وغينيا ومالي والنيجر. وباستخدام لهجة آمرة في أزمة النيجر (« سيكون بازوم رئيسا وإلا لن يكون هناك غيره »)، أصبح إيمانويل ماكرون أفضل عدو للرئيس النيجيري المخلوع، من خلال خلق إجماع شعبي حول السلطة الجديدة، مما أدى إلى تعقيد حتى التدخل العسكري من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

وفي المغرب العربي، راهن إيمانويل ماكرون على الجزائر. إن انحيازه للجزائر، على حساب المغرب، عوقب بفشل مزدوج. وبدلا من الذهاب إلى باريس، قام الرئيس الجزائري بزيارة فلاديمير بوتين. وبالنظر إلى الهجمات اليومية ضد فرنسا في الصحافة الجزائرية، يمكننا أن نستنتج أن ماكرون فقد حليفا قديما وموثوقا لفرنسا دون أي مكاسب جزائرية في المقابل.

وحتى الصحفي الفرنسي جورج مالبرونو، الذي يصعب الاشتباه في تعاطفه مع المغرب، تحدث عن مدى الضرر الذي سببه ماكرون في العلاقات بين باريس والرباط.

العلاقات بين المغرب وفرنسا متينة ومتعددة الأبعاد ولا ترتبط بإيمانويل ماكرون، الذي، على أي حال، سيزيد من تدهور مكانة فرنسا دوليا، لمدة ثلاث سنوات أخرى، ثم يرحل.

تحرير من طرف زينب ابن زاهير
في 13/09/2023 على الساعة 11:08