الجزائر: رواية سيئة الإخراج لتاجر مخدرات مغربي مزعوم

عبد الغني الشنا، مهرب المخدرات المزعوم الذي اعتقلته السلطات الجزائرية

في 15/02/2024 على الساعة 16:00, تحديث بتاريخ 15/02/2024 على الساعة 16:00

في طقس أصبح مقدسا كل يوم أربعاء، قدمت وسائل الإعلام الجزائرية، وعلى رأسها التلفزة العمومية، صور اعتقال « عدة عصابات إجرامية مغربية خطيرة » من تجار « الكيف المعالج ». هذه المرة، أظهروا إل تشابو الذي قدم كعالم اجتماع، وأحيانا كمعارض سياسي للمخزن الشرير. تصوروا نيلسون مانديلا، وبابلو إسكوبار، وعبد الكريم الخطابي، مجتمعين في شخص واحد وسترون الشخصية ستنتج عن هذا الخليط العجيب. إليكم المكونات الثمينة.

هو موجود في الصفحة الأولى لجميع الصحف الجزائرية. وخصص التلفزيون العمومي حلقة خاصة، وفي مكاتب التحرير في جميع أنحاء البلاد، لا يتم الحديث إلا عن كيفية معالجة الموضوع، من خلال تقطيع المقتطفات، والبحث عن زوايا أكثر إثارة، وعن العبارات المثيرة والقاتلة. فرصة ذهبية لصحافة خاضعة للأوامر، وتفتقر إلى مواضيع الساعة « الحقيقية » في ظل نظام لم يعد يمكن إلا التغني بأمجاد القادة الكبار والشجعان، خاصة « عمي » تبون، رئيس الجمهورية الديمقراطية للغاية والشعبية للغاية، وقرينه، القائد الأبدي للجيش الذي تخشاه الأرض كلها وتحترمه.

ولكن بمن يتعلق الأمر؟ سيكون الأمر طويلا بعض الشيء، لكن اصبروا معنا. هل يتعلق الأمر برجل العناية الإلهية الذي وجد أخيرا الحل الذي سيجعل من الجزائر القوة الضاربة التي كانت تدعي دائما أنها كذلك؟ هل يتعلق الأمر بإيلون ماسك أو ببيل غيتس الجزائري، الذي قرر التبرع بمليارات الدولارات لضمان حصول الجزائريين على الحليب المجفف والعدسات البلاستيكية المحرومين منها؟ أو بأوبنهايمر المحلي الذي سيحمي، مرة واحدة وإلى الأبد، « الجزائر الحبيبة » من المؤامرة المغربية الإسرائيلية الأمريكية الإماراتية؟ لا ثم لا! إذن هل هو نبي العصر الحديث الذي سيقول الحقيقة أخيرا للعوام، ويخرجهم من الظلامات التي يغرقون فيها إلى النور؟ لا نبالغ في أي شيء.

الموضوع في الجزائر، والذي أصبح مقدسا كل يوم الأربعاء مثل صلاة الجمعة أو قداس يوم الأحد، ليس سوى اعتقال لا واحد، ولا اثنين، ولا حتى ثلاثة أو أربعة، بل 35 من تجار المخدرات (من بينهم مغربي)، الذين كانوا يستعدون لإفساد الشعب الجزائري النقي البريء. تم الإعلان مثل كل يوم أربعاء، وبالتالي، ليس من قبل الشرطة، ولا حتى من قبل قوات الدرك، وحتى أقل من قبل مصالح الجمارك. لكن من قبل وزارة الدفاع نفسها، أي الوزارة التي تشرف عليها رئاسة وقيادة الجيش الوطني الشعبي. ومع هذا الابتكار الكبير: لم يعد النظام يكتفي بوضع المجرمين في صف واحد أمام الشحنة الضخمة والخطيرة من الحشيش المضبوط، محاطين بجنود ملثمين ومسلحين برشاشات كلاشنيكوف.

قصة مفعمة بالحشيش

يأتي الإلهام مباشرة من الأفلام السيئة لنيتفليكس. يتعلق الأمر بعبد الغاني شنة، الذي أُلقي القبض عليه بمدينة بشار على الحدود بين المغرب والجارة الشرقية وبحوزته 207 كيلوغرامات من « الكيف المعالج ». اكتشفوا ماذا يعني هذا المصطلح. وقبل كل شيء، وبكل صراحة، 207 كلغ هي كمية قليلة جدا.

خاصة إذا علمنا أن الجمارك المغربية الصغيرة والضعيفة اعترضت، الأحد الماضي 11 فبراير، شحنة تزيد عن 3.2 طن من الشيرا في ميناء طنجة المتوسط (مهجور الآن بسبب المقاطعة الجزائرية)، لاحظوا الفرق الشاسع بين الرقمين.

نعم، كان بحوزته مسدس أيضا. مهم جدا هذا السلاح الناري فقط لإضفاء الإثارة على هذه القصة.

عبد الغاني شنة هو المذنب المثالي، وقابل للعرض على التلفاز. وهو الذي تم عرضه على التلفزيون العمومي الجزائري، وقامت وسائل إعلام أخرى أحيانا ببثه كاملا، وأحيانا مختصرا أو مجزأ. لديكم الآن جميع الصلصات، الجزائرية بطبيعة الحال.

ولكن أكثر من مجرد مهرب عادي، حيث أن بلد المخزن يضم مئات الآلاف وفقا لآخر إحصاء رسمي جزائري، فإن عبد الغاني شنة هو عالم اجتماع جيد. ويوضح، بلهجة لا تتوافق مع أي لهجة مغربية، أنه إذا ذهب هو وأمثاله إلى حد المخاطرة بحياتهم البائسة في مثل هذا العمل البغيض، فمن الواضح أن ذلك بسبب المخزن.

الجوع، وحتى المجاعة، والبطالة التي تضرب جميع الشباب والسكان الذين تحولوا إلى العبودية. هل تريدون المزيد؟ المخزن نفسه متورط في نقل المخدرات إلى الجزائر. مصالح الشرطة والمخابرات وحتى شواش الملحقة الإدارية لمقاطعة الحي المحمدي عين السبع، كلهم منخرطون في هذا المشروع الضخم، حيث شنة ورفاقه ليسوا سوى وقود للمدافع. يأخذون الغلة ويسبون الملة، كما في أغنية الراي السيئة.


تاجر مخدرات، نعم! لكن مطبع، أستعفر الله!

كل هذا لا يجب أن يتم بدون المرور عبر العلاقات المغربية الإسرائيلية. في هذا الموضوع، كل شيء مباح. وهنا، يتحول المهرب الشاب المسكين إلى جيوستراتيجي رغم أنفه، ويبدأ في شرح خلفيات تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب. أستغفر الله. وبين رحلتين، وجد تاجر المخدرات وقتا للتظاهر ضد هذه البدعة وتم القبض عليه. والله. وقال: « كل من يتظاهر يتعرض للضرب والسجن ». وبدون مقدمات يضيف: « يوجد من بين جيراني ضباطا في صفوف الجيش الملكي أكدوا أنهم ضد هذا التطبيع، وسيهربون لو أتيحت لهم الفرصة لذلك ».

هذه الخرجة الإعلامية المدوية، التي ستهز بلا شك الجغرافيا السياسية للمنطقة، بل وحتى خارجها، يأتي في الوقت الذي تحدثت نفس وزارة الدفاع ووسائل الإعلام الجزائرية بشكل مقتضب ومخجل عن إلغاء الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها وزير الشؤون الخارجية الإسبانية خوسي مانويل ألباريس يوم الاثنين 12 فبراير إلى الجزائر. هزيمة مدوية لنظام كان يعول على تغيير مستحيل في موقف إسبانيا فيما يتعلق بدعم مغربية الصحراء.

وتأتي أيضا في الوقت الذي عاد فيه قائد الجيش، سعيد شنقريحة، إلى الجزائر بخفي حنين، منكسرا ومهانا، من المملكة العربية السعودية حيث ظل طويلا على أمل أن يستقبله ولي العهد والرجل القوي للمملكة، محمد بن سلمان. محمد بن سلمان نفسه « لم يفكر في الأمر حتى »، كما يقول الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي. وبالمناسبة، رفض الجنرال أداء العمرة حتى يتقرب من الله، وخاصة وأن عمره (78 عاما) وأصبح يقترب يوما بعد من اللحد.

ولصرف انتباه الشعب عن كل هذه الأسئلة والعديد من المصائب الأخرى التي حلت بالنظام والبلاد والعباد، تفضل وسائل الإعلام الجزائرية تسليط كل أضواءها على تاجر صغير لـ »الكيف المعالج ».

تحرير من طرف طارق قطاب
في 15/02/2024 على الساعة 16:00, تحديث بتاريخ 15/02/2024 على الساعة 16:00