تصنيف البوليساريو منظمة إرهابية: الذعر يهيمن على الجزائر

L'ambassadeur d'Algérie à Washington, Sabri Boukadoum, auditionné par le congressman démocrate Jimmy Panetta, mercredi 23 juillet 2025 à Washington.

السفير الجزائري في واشنطن صبري بوقادوم يدلي بشهادته أمام عضو الكونغرس الديمقراطي جيمي بانيتا يوم الأربعاء 23 يوليوز 2025 في واشنطن.

في 25/07/2025 على الساعة 10:31

تعيش الجزائر حالة من الارتباك الشديد بعد مبادرة غير مسبوقة في الكونغرس الأمريكي تهدف إلى تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية. النظام الجزائري، المستشعر لخطورة الخطوة، أطلق دبلوماسية أزمة في محاولة لاسترضاء إدارة ترامب والتأثير على موقف المشرعين الأمريكيين. يوم الأربعاء 23 يوليوز، أوفد النظام الجزائري سفيره في واشنطن للقاء أحد النائبين الذين تقدموا بمشروع القانون. هذا التحرك العاجل يكشف حجم الارتباك والتناقض الذي يعيشه النظام الجزائري في ملف لطالما ارتبط به وجوديا.

لم يسبق للجزائر أن أبدت هذا القدر من الهلع الدبلوماسي. إعلان مشروع قانون في الكونغرس الأمريكي لتصنيف البوليساريو ضمن قائمة المنظمات الإرهابية كان بمثابة صدمة مدوية في دوائر الحكم بالجزائر. خلف الكواليس، سادت حالة من الذعر، إذ يخشى النظام من أن تفقد دميته الانفصالية آخر ما تبقى لها من شرعية على الساحة الدولية.

وفي محاولة لإخماد الحريق قبل أن يستعر، بادرت الجزائر بإرسال سفيرها لدى واشنطن، صبري بوقادوم، للقاء النائب الديمقراطي جيمي بانيتا، أحد مقدمي المشروع رفقة زميله الجمهوري جو ويلسون، الذي كان قد أودع المقترح في 26 يونيو المنصرم.

لقاء بارد وقلق متزايد

دلالة اللقاء لا تخفى على أحد: الجزائر، التي لا تكف عن اتهام هؤلاء النواب بأنهم « أدوات للوبي المغربي »، تجد نفسها مرغمة على طرق أبوابهم. التغريدة التي نشرها بانيتا على منصة X (تويتر سابقا) عقب اللقاء كشفت برودته، إذ أكد مناقشة العلاقات بين الجزائر وواشنطن، وقضايا الأمن الإقليمي، وملف التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود في إفريقيا. واكتفى بالتعبير عن « تقديره للحوار » مع تمنياته « بمواصلة النقاشات لتعزيز الفهم المتبادل والأمن المشترك »، وهي صيغة دبلوماسية توحي بأن المهمة لم تكن ناجحة.

تصنيف كارثي للبوليساريو

الرهان السياسي والقانوني هنا كبير. تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية من قبل القوة العظمى الأولى في العالم، يعني وصما قانونيا ودبلوماسيا لا رجعة فيه. هذا التصنيف سيفتح الباب أمام سلسلة من العقوبات: تجميد الأصول، تقييد التحركات، مراقبة التحويلات المالية، وفقدان الدعم السياسي في الغرب.

النواب الذين تقدموا بالمشروع استندوا إلى معطيات صلبة يصعب تجاهلها: غموض مصادر تمويل البوليساريو، تورطه في شبكات الجريمة والإرهاب في منطقة الساحل، تداول الأسلحة والمقاتلين في المنطقة العازلة بالصحراء، وصلاته المثبتة بإيران ووكلائها، مثل حزب الله اللبناني ونظام بشار الأسد في سوريا. كلها معطيات طالما وثقها المغرب، واليوم تجد صدى في أمريكا المصممة أكثر من أي وقت مضى على محاربة الإرهاب.

الجزائر في موقف الدفاع المستميت

توقيت الخطوة لم يأتِ من فراغ. فإدارة ترامب كانت قد اعترفت رسميا بسيادة المغرب على الصحراء، ما يعزز احتمال تفاعل البيت الأبيض إيجابيا مع المبادرة. إدارة ترامب، المعروفة بتجاهلها لضغوط اللوبي الموالي للبوليساريو، لم تعد تتأثر بشعارات « تقرير المصير » التي فقدت بريقها. في المقابل، عززت واشنطن تعاونها العسكري مع المغرب عبر اتفاقيات دفاع وشراكة استراتيجية، ما زاد من تهميش البوليساريو في أعين صناع القرار الأمريكي.

الجزائر، التي تجد نفسها في الزاوية، لم يبقَ أمامها سوى تحريك لوبياتها في الكونغرس، وتمويل مكاتب الضغط السياسي بسخاء، وإيفاد سفيرها للعب دور الوسيط، في محاولة يائسة لمنع المشروع من الوصول إلى مراحله النهائية. بل إن السفير بوقادوم أبدى استعداد الجزائر لتقديم تنازلات كبرى، حتى على حساب حليفها الروسي، حيث أبدت الجزائر استعدادا لاقتناء أسلحة أمريكية، في تناقض صارخ مع خطابها الرسمي المعادي لواشنطن. ففي 7 مارس الماضي، اشترت السفارة الجزائرية مقابلة مدفوعة في موقع DefenseScoop لتسويق مذكرة التفاهم العسكري الموقعة مع واشنطن يوم 22 يناير، وفتح الخزينة الجزائرية أمام مشتريات من الأسلحة الأمريكية.

استنجاد بجون بولتون: آخر أوراق الجزائر

ضمن هذه المناورات، لم تتردد الجزائر في إعادة تفعيل دور جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، الذي وصفه دونالد ترامب صراحة بأنه « أحد أكثر الأشخاص غباء في واشنطن ». بولتون، البالغ من العمر 75 سنة، هو أبرز صوت موالٍ للبوليساريو في أمريكا، وكان المهندس الرئيسي لما يعرف بخطة جيمس بيكر الثانية سنة 2003، التي دعت إلى تنظيم استفتاء مستحيل التطبيق وتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وهي خيارات تم التخلي عنها بالكامل لاحقا.

لكن هذه المناورات الدبلوماسية المحمومة تُعد سيفا ذو حدين. إذ من خلال دفاعها العلني عن البوليساريو، تُظهر الجزائر للعيان طبيعة العلاقة العضوية التي تربطها بهذه الجبهة. وبينما تُصر رسميا على أنها تدافع عن « شعب شقيق » من منطلق « مبدئي »، تؤكد ممارساتها أن البوليساريو مجرد أداة استراتيجية لا يمكنها التخلي عنها.

الواقع يتغير.. والجزائر في عزلة

هذه الضجة تعكس قبل كل شيء اعترافا بالعجز. فبعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، انقلب ميزان القوة الدبلوماسية. عواصم مؤثرة مثل واشنطن ومدريد وبرلين، وأخيرًا لشبونة، باتت تتبنى مقاربة واقعية للنزاع، وتعزز من مصداقية مقترح الحكم الذاتي المغربي، في وقت يفقد فيه الطرح الانفصالي زخمه. وفي ظل هذه المتغيرات، سيكون تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية بمثابة ضربة قاضية لجبهة تعاني أصلًا من اختراقات جهادية مشبوهة.

ومع كل تحرك جديد في واشنطن، تعمق الجزائر ارتباطها بمشروع انفصالي عفا عليه الزمن، كلفها كثيرًا ماديا ودبلوماسيا، وأصبح عبئا على أمن المنطقة. وإذا ما تم اعتماد التصنيف الإرهابي رسميا، فإن ذلك سيشكل تحولا تاريخيا ليس فقط بالنسبة للبوليساريو، بل أيضا للجزائر التي ستكون مطالبة أخيرا بتحمل كلفة حساباتها الخاطئة… وأوهامها الضائعة.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 25/07/2025 على الساعة 10:31