الجزائر ترد بمرارة على القرار 2654 الصادر عن مجلس الأمن حول الصحراء

مجلس الأمن الدولي

مجلس الأمن الدولي . DR

في 30/10/2022 على الساعة 16:47

في تصريح صدر الليلة الماضية، ردت وزارة الخارجية الجزائرية على قرار مجلس الأمن رقم 2654 الخاص بالصحراء، الذي اتخذ الخميس الماضي. تصريح مليء بالمرارة ولا يجيب على أي نقطة من النقاط التي أثارها القرار السنوي الجديد للهيئة التنفيذية للأمم المتحدة.

في البيان الذي صدر العام الماضي في 31 أكتوبر 2021، رفضت الجزائر علنا قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2602 بشأن الصحراء، على أساس أنه "غير متوازن" و"منحاز".

رفض يتكرر هذا العام مرة أخرى. بعد اعتماد قرار مجلس الأمن الدولي الجديد رقم 2654 بشأن الصحراء قبل ثلاثة أيام، وبالضبط يوم 27 أكتوبر 2022، بنفس عدد الأصوات (15 مصوت) كما في العام الماضي (13 صوتا لصالح القرار، وامتناع دولتين عن التصويت)، انتظرت الجزائر هذه المرة أكثر من يومين قبل الرد، إن تغاضينا عن رد الفعل الذي صدر يوم الخميس الماضي، والذي نسبته الجزائر مرة أخرى إلى صنيعتها البوليساريو، التي رفضت هذا القرار علنا.

يوم السبت 29 أكتوبر، وزارة الخارجية الجزائرية، التي من المفترض أن تكون مشغولة للغاية بمهمتها، كرئيسة لأشغال اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة الـ31 لجامعة الدول العربية، وجدت أخيرا الوقت للرد على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2654، والذي يهم بالأساس الجزائر.

ويأتي رد الفعل هذا من الجزائر في نفس الوقت الذي وصل فيه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة -الذي لا تكن له الطغمة العسكرية الود- إلى الجزائر.

واعتبر وزير الشؤون الخارجية الجزائري، في تصريح له ردا على قرار الأمم المتحدة، أن "اللائحة 2654 المصادق عليها في 27 أكتوبر الجاري على غرار سابقاتها من اللوائح (...) تنم عن مسار إعداد صعب يفتقر لأي نية لتوجيه أو تحفيز الجهود المبذولة بهدف الإبقاء على طبيعة قضية الصحراء ومعالجتها بناء على عقيدة الأمم المتحدة وممارساتها الحسنة في مجال تصفية الاستعمار". من المضحك أن نلاحظ أن النظام الجزائري يعتبر أحد أكثر قرارات مجلس الأمن "صعوبة" بشأن الصحراء، مع أنه من أكثر قرارات مجلس الأمن سلاسة.

إن النظام الجزائري، الذي يشعر بخيبة أمل كبيرة بعد اعتماد هذا القرار، "يشيد بالموقف الذي اتخذته روسيا وكينيا"، مضيفا أن "مجلس الأمن كان ليكسب لو اتبعه للقيام بدور مفيد". لا شك أن الدول الثلاث عشرة التي صوتت لصالح القرار 2654 ستقبل أن يُملى عليها ما ينبغي عمله.

في الوقت الذي جدد فيه مجلس الأمن الدولي الدعوة إلى حل سياسي وواقعي وتوافقي، من خلال استئناف مسلسل الموائد المستديرة التي تضم الجزائر والمغرب وموريتانيا وجبهة البوليساريو، فإن الطغمة العسكرية في تصريحها المنشور يوم السبت، تتظاهر بأنها غير معنية. بل إنها تطلب من الأمم المتحدة "ضمان نفس المستوى من التعاون من كلا الطرفين، المملكة المغربية وجبهة البوليساريو". وهو أمر عبثي وسريالي.

والأدهى من ذلك، أن الجزائر تدعو إلى العودة إلى الوضع الذي كان سائدا منذ أكثر من ثلاثة عقود. إما الاستفتاء (الذي نص عليه القرار 690 لعام 1991) أو العودة إلى حالة الحرب: هذا هو التهديد الجزائري.

وأضاف التصريح، الذي حمل لهجة حربية مستترة، "أن الجزائر التي تحركها روح عالية بمسؤولياتها، سواء تجاه شعب الصحراء أو تجاه المنطقة ككل، وكذلك في ما يتعلق بفعالية الأمم المتحدة، تسجل بأسف خطر جدي لتشويه وتآكل المسار الذي من شأنه الإضرار بالسلام والاستقرار والأمن الإقليميين".

ومع ذلك، من خلال المطالبة باحترام وقف إطلاق النار الساري في المنطقة منذ عام 1991، فإن القرار 2654 موجه بشكل مباشر إلى الجزائر التي، كما يعلم الجميع، تسلح وتمول وتؤوي انفصالي البوليساريو، الذين يقولون إنهم لم يعودوا ملزمين باتفاق وقف إطلاق النار.

لكن الشيء الأكثر أهمية هو أنه على عكس العام الماضي، فإن وزير الخارجية الجزائري حريص هذه المرة على الخوض في مسألة مشاركة بلاده في الموائد المستديرة.

لكن في 22 أكتوبر 2021، بعد أن علم بالقرار 2602 الذي كان مجلس الأمن يستعد لاعتماده، كتب رئيس البعثة الجزائرية لدى الأمم المتحدة رسالة موجهة إلى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإبلاغ أعضائه أن الجزائر لن تشارك بعد الآن في "ما يسمى بالموائد المستديرة". كما حرص النظام الجزائري على عدم الرفض الواضح للقرار 2654 كما فعل العام الماضي. فإذا كان نفس الخطاب المفعم بالتباكي التشكي المعتاد، فإن الوصفين "غير متوازن" و"منحاز" اللذين استخدما العام الماضي، اختفيا في تصريح وزارة الخارجية هذا العام. ما الذي يمكن أن يفسر هذا التناقض في سلوكهم؟ التوبة على الوقوف في وجه المجتمع الدولي العام الماضي؟ أم العزلة الصارخة المتزايدة للجزائر؟

على أي حال، إذا كان رد الفعل الجزائري مفعما بالمرارة، فإن غياب قرار أو إجابة واضحة على مضمون القرار الذي تم اعتماده يوم الخميس الماضي بشأن الصحراء أمر واضح. بالإضافة إلى عدم الرد على الأمر بالمشاركة في الموائد المستديرة، يتجنب النظام الجزائري أيضا الحديث عن تعداد الصحراويين في مخيمات لحمادة، والذي يدعو إليه القرار 2654 بإلحاح.

من خلال التهرب من جميع النقاط الأساسية الواردة في قرار مجلس الأمن الدولي 2654، يبدو أن النظام الجزائري، المعزول والمنبوذ بشكل متزايد من قبل المجتمع الدولي، تجاوزته تطورات هذا الملف، وبالتالي يثبت أنه غير قادر على الحفاظ على انسجام مواقفه وسلوكه.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 30/10/2022 على الساعة 16:47