برنارد لوغان يكتب: الجزائر.. بلد يحكمه العسكر

برنارد لوغان، مؤرخ فرنسي متخصص في التاريخ الإفريقي

برنارد لوغان، مؤرخ فرنسي متخصص في التاريخ الإفريقي . DR

في 25/10/2022 على الساعة 19:01

الجيش الجزائري هو وريث جزء من جيش التحرير الوطني، وهو الجزء المعروف باسم "جيش الحدود". هذا الأخير الذي كان متمركزا في تونس والمغرب إبان حرب التحرير الجزائرية، لم يحارب الفرنسيين على عكس جيش التحرير في الداخل الذي كان يقود عمليات في الجبال والذي أبيد في ما بعد.

لعقود من الزمن، كانت الجزائر ملكية للطغمة العسكرية، حيث كان يحكم البلاد بضع مئات من الجنرالات الذين يشكلون المستوى الأعلى من النمونكلاتورا الوطنية.

سيطر الجيش على الدولة بأكملها من خلال زبائن أو من خلال واجهة مدنية. كان انتخاب عبد العزيز بوتفليقة عام 1999 بمثابة تراجع مؤقت لنفوذ الجيش.

إن الجيش الجزائري، الذي طالما ظل "دولة داخل الدولة"، هو نتاج تاريخ معقد. وهو وريث جزء من جيش التحرير الوطني، وهو الجزء المعروف باسم "جيش الحدود". هذا الأخير الذي كان متمركزا في تونس والمغرب إبان حرب التحرير الجزائرية، لم يحارب الفرنسيين على عكس جيش التحرير في الداخل الذي كان يقود عمليات في الجبال والذي أبيد على إثر مخطط شال وعمليات "المنظار" و"الأحجار الكريمة".

ومع ذلك، فإن جيش التحرير الخارج هو الذي استفاد من الاستقلال. هذا الجيش، الذي كان طيعة في يد زعيمها العقيد هواري بومدين، استولى رسميا على السلطة عام 1965 بعد الإطاحة بأحمد بن بلة، ثم مارسها بشكل مباشر أو غير مباشر حتى عام 1999 مع انتخاب عبد العزيز بوتفليقة.

كان الجيش الجزائري، الذي يكون متجانسا عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالحه، منقسما لفترة طويلة إلى تيارين رئيسيين:

- التيار الأول مكون من ضباط الجيش الفرنسي الذين فروا منه للانضمام إلى جبهة التحرير الوطني عندما أصبح واضحا أن فرنسا سوف تعترف باستقلال الجزائر.

هؤلاء الرجال الذين لم تكن لهم شرعية "وطنية" في نظر مقاتلي الداخل "استقطبهم" العقيد بومدين الذي جلبوا إليه خبراتهم مقابل حمايته. لقد كانوا أكثر مؤيديه ولاء، مما سمح له بإحكام سلطته بعد إزاحة الأطر الباقين المشكلة من مقاتلي الداخل. ومن أكثر الممثلين نفوذا لهذا التيار هو الجنرال المتقاعد خالد نزار.

- تشكل التيار الرئيسي الثاني من الضباط المدربين في الدول العربية والذين كانوا، مثل ما كان يحدث في مصر أو سوريا في ذلك الوقت، من أنصار الخط المتشدد تجاه الغرب. كانوا من المدافعين عن القومية العربية وجسدوا تيارا ثوريا.

واليوم، أصبحت هاتان المجموعتان "متقدمتين في السن"، لكن ورثتهما ما زالوا يشكلون عشائر قبلية أو سياسية جيدة التنظيم داخل جيش جزائري مقسم إلى مجموعات ذات مصالح اقتصادية متباينة. يقتسم الجميع ثمار السلطة و"الصفقات"، مع الحرص الشديد على عدم إلحاق الضرر بالجماعات المنافسة. بينما يعاني الجزائريون، يحصل الجنود وعائلاتهم على إمداداتهم في متاجر مخصصة لهم، وحيث يمكن لهم الحصول على سلع بأسعار تفضيلية لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر في البلاد، ويعيشون في إقامات آمنة ويقضون عطلاتهم في النوادي التي هي ملك للجيش.

غالبا ما كان الرؤساء الجزائريون المتعاقبون مجرد وكلاء للعشائر العسكرية ودورهم يقتصر في الواقع على التحكيم التوافقي بينهم.

تحرير من طرف برنارد لوغان
في 25/10/2022 على الساعة 19:01