تصاعدت الخلافات بين مصر والجزائر مطلع الأسبوع الجاري في القاهرة، خلال اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية. حقيقة أن القاهرة كانت بالفعل مستاءة للغاية من الجزائر بعد العديد من التصرفات الدبلوماسية، مثل المحاولات العبثية للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وهو الموضوع الذي يعد ملفا مصريا بامتياز، أو حفاوة الاستقبال التي تم تخصيصها على التوالي لسلطات بلد في صراع مع مصر.
وهكذا دعيت الرئيسة الأثيوبية سهلورك زودي في يوليوز الماضي إلى الجزائر العاصمة، واستقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رئيس وزرائها أبي أحمد علي بحفاوة كبيرة.
لكن الزلة الجديدة التي حدثت يوم الاثنين 5 شتنبر في القاهرة تشكل إهانة لمصر. وهكذا، لم يرتكب رمطان لعمامرة فقط حماقة بإعطاء رئيس السلطة الفلسطينية، المتواجد في القاهرة، الدعوة الأولى للمشاركة في القمة العربية في الجزائر، واضعا بالتالي الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في المرتبة الثانية، إذ لم يسلمه الدعوة الثانية إلا في اليوم التالي، لكنه لمح أيضا إلى أن لمحمود عباس الأولوية على جميع رؤساء الدول العربية الآخرين. من خلال التصرف على هذا النحو، امتثالا بطبيعة الحال لدعاية الطغمة العسكرية الجزائرية، الذي يريد بالتالي الإيحاء بأن مصر لا قيمة لها مقارنة بفلسطين، يكون لعمامرة قد طوى تقريبا إمكانية حضور رئيس بلد بارز خلال القمة العربية المقبلة للجزائر: الرئيس المصري.
وسرعان ما أثارت الصحافة الجزائرية الغضب المصري الشديد من هذا الحماقة، إذ أكدت أنه "إذا كان محمود عباس قد أكد على الفور مشاركته في القمة العربية في الجزائر، فقد ظل الرئيس المصري غامضا. قال فقط إنه يعتزم المشاركة في جهود الرئيس عبد المجيد تبون لإنجاح هذه القمة".
كما أن انسحاب الوفد المصري برئاسة وزير الخارجية سامح شكري، احتجاجا على رئاسة اجتماع القاهرة من قبل وزيرة الخارجية الليبية، الذي لا تعترف مصر بحكومتها، ولا من قبل الإمارات العربية المتحدة أو السعودية، يشكل أيضا مصدر قلق للجزائر.
وتعليقا على هذا الموقف المصري، صب دبلوماسي جزائري الزيت على النار بقوله للصحافة إن قمة الجزائر "ستعقد بحضور المصريين أو بدونهم. تم إرسال الدعوات. مصر، التي لم تتقبل انتخاب وزيرة الخارجية الليبية لرئاسة مجلس الوزراء العرب، لم يعد لها نفس التأثير داخل جامعة الدول العربية".
إذا كان من المؤكد، في هذه المرحلة، أن سوريا لن تكون حاضرة في القمة المقبلة، فالنظام الجزائري قد ضحى بها رغم أن ذلك يثير استياء حلفائه الإيرانيين وحزب الله، لتجنب مقاطعة قمة الجزائر، فإن السؤال المطروح هو من هي الحكومة التي ستمثل ليبيا. إذا لم تتم دعوة حكومة بنغازي بأي حال من الأحوال من قبل النظام الجزائري، الذي هو في صراع مفتوح مع المشير خليفة حفتر، فإن حكومة طرابلس غير مرغوب فيها من قبل العديد من الدول العربية، الذين لن يقبلوا الجلوس إلى جانبها في الجزائر.
لذلك من الواضح أن التحدي الكبير الذي تواجهه القمة العربية في الجزائر ليس فقط عدد الدول التي ستحضر، ولكن فوق كل شيء مستوى تمثيل الدول المشاركة.
هذه المعادلة الصعبة هي التي تفسر سبب شروع الجزائر في وقت مبكر جدا في التسليم الرسمي للدعوات إلى رؤساء الدول العربية، بينما كان من المخطط سابقا إرسال هذه الدعوات اعتبارا من شهر أكتوبر المقبل.
كل هذه الشكوك تفسر سبب رضوخ الجزائر للشروط العديدة التي فرضتها جامعة الدول العربية. بالإضافة إلى تخليها عن سوريا، كانت ملزمة بقبول إيفاد وزير سيادة إلى المغرب، الذي قطعت جميع العلاقات معه، لتسليم دعوة رسمية للسلطات العليا بالمملكة بهدف حضور القمة العربية في الجزائر.