إليكم الأسباب التي جعلت الرئيس التونسي يُدبّر مؤامرة استقبال زعيم البوليساريو

الرئيس التونسي قيس سعيد يستقبل زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي . DR

في 28/08/2022 على الساعة 15:00

الوقائع العنيدة تظهر بوضوح أن الرئيس التونسي دبر عن قصد مؤامرة الاستقبال الذي خص به زعيم البوليساريو. بهذا الفعل غير المسؤول، يقوض مصداقية تونس بشأن قدرتها على تنظيم اجتماعات دولية كبيرة.

هل تم الكذب على قيس سعيد من خلال إيهامه بأنه في الطائرة الرئاسية الجزائرية التي هبطت في مطار تونس قرطاج يوم الجمعة الماضي 26 غشت 2022، كان يوجد رئيس دولة بوروندي والوفد الجزائري ثم وفد جبهة البوليساريو؟

على أي حال، حتى وصول زعيم البوليساريو إلى مدرج المطار، كان المعلق المباشر للتلفزيون التونسي العمومي يتحدث فقط عن الوفد الجزائري، دون أن يذكر هوية الشخصية التي يترأسه.

إذا كان يوجد على متن الطائرة الجزائرية الرسمية وزير التجارة الجزائري ووفد من بوروندي، فقد كان الراكب إبراهيم غالي هو الذي لفت الانتباه. أما البقية فالكل يعرفها.

تجدر الإشارة إلى أنه ثبت الآن أن رئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا، والرئيس التونسي، قيس سعيد، هما من وقعا الدعوات المرسلة إلى المشاركين في المنتدى الإفريقي الياباني الثامن (تيكاد 8). وفضلا عن ذلك، تؤكد وثيقة للبعثة اليابانية لدى الاتحاد الإفريقي، مؤرخة بـ19 غشت 2022، أن البوليساريو لم تتم دعوتها إلى هذه التظاهرة في تونس، لأن اليابان لا تعترف بالكيان الوهمي، ورفضت دائما دعوته إلى هذا المنتدى.

© Copyright : DR

لذلك من الواضح، على عكس ما تدعيه الدبلوماسية التونسية، أن الاتحاد الإفريقي ليس هو من يتحمل مسؤولية وجود انفصاليي البوليساريو في تونس، وليس بسبب ما يسمى بـ"ثقل الجزائر"، والذي كان من شأنه أن يكون الدافع وراء هذا القرار، الذي ينسب عمدا إلى المنظمة الإفريقية. بل الحقيقة هي أن قيس سعيد ليس بهذا الغباء، وهو يعرف جيدا بالفعل أن الجزائر لا تمثل شيئًا داخل الاتحاد الإفريقي، كما يتضح مما حدث في 15 يوليوز الماضي عندما صوتت الدول الإفريقية ضد الجزائر التي كانت ترغب في استضافة وكالة الأدوية الإفريقية الجديدة بأي ثمن. إن هزيمة الجزائر، التي لم تحصد إلا 8 أصوات فقط (بما في ذلك أصوتها وصوت صنيعتها البوليساريو و...صوت تونس) مقابل 47 صوتا لرواندا، هو دليل على عزلتها الكاملة في القارة، وضعف نفوذ هذا البلد في المنظمة الإفريقية.

وحتى لو سلمنا بأن الاتحاد الإفريقي هو الذي دعا إبراهيم غالي إلى تيكاد 8، فلماذا إذاً، في هذه الحالة، أتى قيس سعيد شخصيا إلى مطار تونس قرطاج من أجل استقبال بـ"حفاوة" زعيم البوليساريو، مع العلم أن الرئيس التونسي يعرف أن مثل هذا الفعل غير الودي تجاه المملكة المغربية من شأنه أن يؤدي حتما إلى أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين تونس والرباط؟

خاصة وأنّه لا يمكن تصور أن يتجاهل قيس سعيد، باعتباره رئيس دولة، مجريات الاجتماعات السابقة لـ"تيكاد"، حيث كانت البوليساريو تعتبر دائما كيانا غير مرغوب فيه. كما أنه لا يجهل أنه خلال جميع الاجتماعات السابقة للمنتدى الإفريقي الياباني، لم يوافق المغرب على الجلوس لثانية واحدة مع انفصاليي البوليساريو.

من الواضح أن هذا دليل على تواطؤ أعلى هرم النظامين الجزائري والتونسي أدى إلى هذا الاستقبال المسرحي الذي خصص لزعيم الانفصاليين في تونس.

لكن رد الفعل الحازم للمغرب، الذي أعلن انسحابه من منتدى "تيكاد 8"، ورافقه القرار القوي بالاستدعاء الفوري للسفير المغربي في تونس للتشاور، هز الاتحاد الإفريقي، الذي يجد نفسه الآن مضطرا لتوضيح قواعد مشاركة أعضائه بشكل نهائي في اجتماعات الشراكة المقبلة (اليابان، الصين، الاتحاد الأوروبي، إلخ). يجب على الاتحاد الأوروبي واليابان، اللذان لا يعترفان بالبوليساريو، أن يسيروا على خطى الصين، التي لا تقبل في منتدياتها مع إفريقيا سوى الدول ذات السيادة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.

قيس سعيد، الذي يقدم عموما على أنه أكبر فقيه دستوري في بلاده، لا يجهل بالتأكيد أن تونس تعرضت ذات يوم من مارس 1980 لمؤامرة دبرتها الجزائر وليبيا بشكل مشترك. في أعقاب هذه الحادثة، التي يحفظها التاريخ تحت اسم "أحداث قفصة"، والتي حاول خلالها كومندو عسكري الإطاحة بنظام الحبيب بورقيبة، صرح الملك الراحل الحسن الثاني بوضوح أن المغرب مستعد للتدخل عسكريا إذا لزم الأمر لدعم الشعب التونسي. قال الملك الراحل حينها: "لقد اتخذ المغرب ترتيبات ليكون إلى جانب الشعب التونسي، في حالة تعرض تونس للهجوم".

لكن يتبين اليوم أن ولاء قيس سعيد للطغمة العسكرية الجزائرية يجعله مستعدا لتقويض السياسة الدبلوماسية التي اتبعتها بلاده على مدى 66 عاما ويرتمي في أحضان معسكر خاسر.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 28/08/2022 على الساعة 15:00