المؤرخ بيرنار لوغان يكشف كيف تم اقتطاع أراضي مغربية وضمها للجزائر

برنارد لوغان، مؤرخ فرنسي متخصص في التاريخ الإفريقي . DR

في 19/07/2022 على الساعة 15:32

في يوليوز 1962، سمحت فرنسا، خلال فترة استقلال الجزائر، لجيش التحرير الوطني الجزائري بالاستقرار في تندوف بدلا من الجيش المغربي. وهكذا أصبحت تندوف، وهي مدينة مغربية، جزائرية.

يتعين على الجزائر أن تشكر فرنسا لأنها اقتطعت أراضٍ من المغرب وضمتها للجزائر. سياسة تمت على ثلاث مراحل رئيسية:

1) في 14 غشت 1844، انتصر الجيش الفرنسي في معركة إيسلي على الجيش المغربي. لوضع حد للصراع، تم التوقيع على معاهدة طنجة في 16 شتنبر 1844 وفي 18 مارس 1845 حددت معاهدة للامغنية نظريا الحدود الجزائرية المغربية، وأصبحت أجزاء من التراب المغربي مرتبطة فعليا بالجزائر.

2) كانت إحدى نتائج هذه المعاهدة أن فرنسا ألحقت تندوف لاحقا بالجزائر في حين كانت الإدارة المغربية تمارس نفوذها دائما على وادي درعة وتندوف، التي كانت تابعة لخليفة تافيلالت وكان قيادها يعينون بظهير لسلطان المغرب. وهكذا فإن الأرشيف المغربي يحتفظ بالعديد من الوثائق الإدارية التي تؤكد هذا الواقع التاريخي.

في عام 1956، أي تاريخ استقلال المغرب، كانت تندوف تابعة إداريا لمنطقة أكادير المغربية، مثل فور ترينكي (المعروفة الآن ببير مغرين) في موريتانيا. ومع ذلك، في يوليوز 1962، سمحت فرنسا، خلال فترة استقلال الجزائر، لجيش التحرير الوطني الجزائري بالاستقرار في تندوف بدلا من الجيش المغربي. وهكذا أصبحت تندوف، وهي مدينة مغربية، جزائرية.

3) يعود الاقتطاع الثاني لأجزاء من التراب المغربي إلى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين عندما قاد غزو الجزائر تدريجيا القوات الفرنسية نحو "الجنوب الكبير": الساورة وقورارة وتوات وتيديكلت، إلخ.

في عامي 1884 و1886، طالبت فرنسا بتوات وتيديكلت، بينما كان سكانها دائما يبايعون السلطان المغربي، وفي فكيك كان يقيم "قايد" يمثل السلطان في واحات توات.

في 5 غشت 1890، وبموجب اتفاقية سرية، وافقت فرنسا وبريطانيا على ترسيم مناطق نفوذهما في إفريقيا. وهكذا، مقابل الاعتراف بالحماية البريطانية على جزيرتي زنجبار وبمبا في المحيط الهندي، اعترف لباريس بإمكانية احتلال غرب وسط الصحراء لامتلاك ممر إلى الجنوب، إلى النيجر وبحيرة تشاد، من أجل إقامة امتداد ترابي بين الجزائر ومنطقة الساحل.

كان لدى فرنسا بالفعل في ذلك الوقت مشروع كبير وهو عبارة عن خط سكة حديد عابر للصحراء يمر بتوات وقورارة وكذا اٍقلي في وادي الساورة. ومع ذلك، بالرغم من أن هذه المناطق مغربية، سمحت لندن بموجب هذه الاتفاقية السرية لفرنسا باحتلالها، أي إلحاقها بالجزائر.

تم اتخاذ قرار احتلال واحات توات في نهاية دجنبر 1899، عندما تمت مهاجمة بعثة طبوغرافية فرنسية بقيادة عالم جيولوجي فلاماني. وصدت الحراسة بقيادة النقيب باين المهاجمين، ثم طاردتهم واستولت على عين صالح في 29 دجنبر. ثم أمرت الحكومة الفرنسية باحتلال واحات وتيديكلت وقورارة وتوات.

ثم تم التوصل إلى تسوية مع المغرب وكانت الاتفاقيات الموقعة في ماي 1902 التي تنص على نوع من السيادة الفرنسية المغربية المشتركة على المنطقة.

في أكتوبر 1903، تم احتلال بشار في الأراضي المغربية. هذا الموقع الاستراتيجي جعل من الممكن السيطرة على قير وواحات توات وطرق السودان. ستكون فيما بعد كولومب بشار، واليوم بشار مرة أخرى، وهي منطقة مغربية ألحقت بالجزائر من طرق الاستعمار الفرنسي.

4) وقع الاقتطاع الثالث لأجزاء من التراب المغربي في 27 يونيو 1900، عندما تم التوقيع على اتفاقية تحدد وتفصل الممتلكات الفرنسية التي ستصبح فيما بعد موريتانيا والصحراء الإسبانية المستقبلية.

لذلك قامت فرنسا بتثبيت الحدود الصحراوية لصالح الجزائر، التي ورثت بذلك الجزء الأكبر من الصحراء التي لم تمارس عليها أدنى سيادة. وبعد استقلالها، اعتبرت الجزائر أنها الوريثة لفرنسا، رافضة الاعتراف بأن المغرب، الدولة التي كانت موجودة منذ القرن الثامن، قد بترت أجزاء من ترابه من قبل القوة الاستعمارية السابقة لصالح دولة الجزائر التي رأت النور في فاتح يوليوز 1962، أي بعد ألف ومائتي سنة من ولادته.

تحرير من طرف برنارد لوغان
في 19/07/2022 على الساعة 15:32