الصحراء.. عندما يصبح القرار الأممي 2602 مرجعية بالنسبة للنظام الجزائري

صورة مركبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والجنرال سعيد شنقريحة ووزير خارجية البلاد رمطان لعمامرة

صورة مركبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والجنرال سعيد شنقريحة ووزير خارجية البلاد رمطان لعمامرة . DR

في 17/05/2022 على الساعة 18:35

في الصراع المصطنع الذي اختلقه حول الصحراء المغربية، يبدو أن النظام الجزائري قد تجاوزته الأحداث. لدرجة أن القرار 2602، الذي رفضه قبل ستة أشهر فقط، أصبح في نظره مرجعية أساسية للشرعية الدولية. تحليل.

إن موقف الاتحاد الأوروبي من مسألة الصحراء واضح، ويعزز موقف المغرب، حتى ولو أن المملكة ترغب في أن يذهب شريكها الاستراتيجي الأوروبي إلى أبعد من ذلك ويحذو حذو إسبانيا وألمانيا، من بين دول آخرى.

فوفقا للممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل فونتيليس، فإن "موقف الاتحاد الأوروبي بشأن الصحراء -الذي يعكس الرأي المشترك السائد بين الدول الأعضاء فيه- يدعم تماما الجهود التي تقودها الأمم المتحدة من أجل عملية سياسية بهدف تحقيق حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف لهذا النزاع... في احترام تام لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولا سيما القرار 2602 (2021)". يجب التأكيد هنا على جملة "ولا سيما القرار 2602 (2021)".

هذا التصريح، الذي تم اقتطاعه من الجملة التي تشير إلى القرار 2602، نشرته بكل ابتهاج وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، التي نقلت تصريحات المهرج عمار بلاني الذي أعلن أن هذا الموقف الذي عبر عنه جوزيب بوريل "من شأنه جعل الحملة التي يشنها المغرب لإعادة إحياء مقترحه لعام 2007 محاولة فاشلة للتحايل على الشرعية الدولية وحجبها" (!).

ومع ذلك، عندما قال جوزيب بوريل يوم 27 مارس الماضي نفس الشيء خلال حوار أجرته معه وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي"، التي سألته عن الموقف التاريخي الذي اتخذته إسبانيا في ما يتعلق بمسألة الصحراء المغربية، فقد تهجم عليه بعنف عمار بلاني نفسه.

في هذا الحوار، نفى بوريل بشكل قاطع أن "تغيير سياسة الحكومة الإسبانية بشأن الصحراء يتعارض مع قرارت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي".

وقد رد عليه عمار بلاني، من خلال مقال مجهول، مختفيا وراء عبارة "مصدر دبلوماسي"، ونُشر بموقع كل شيء عن الجزائر (Tout Sur l’Algérie)، قال هذا الدبلوماسي: "الأزمة ثنائية وهي مع إسبانيا وليس مع الاتحاد الأوروبي...أولئك الذين يتحملون المسؤولية المباشرة عن هذه الأزمة هم أولئك الذين يجب أن يتدخلوا ويعملوا على تجاوزها…كما يجب القول إن مدريد لم تطرق الباب الصحيح. جوزيب بوريل، عضو الحزب الاشتراكي الإسباني الذي يقوده بيدرو سانشيز، غير مؤهل بسبب المواقف التي عبر عنها بشأن هذه القضية".

بالأمس تمت مهاجمته، أما اليوم فيتم امتداح بوريل... لأنه قال نفس الشيء. ولسنا في نهاية مفاجآتنا، مع نظام يتأرجح مع التيارات ويظهر عجزا مذهلا عن التمسك بنفس الخط.

في الواقع، في نفس المقابلة التي كانت سببا في الإهانات التي أطلقها كلب الطغمة العسكرية الجزئراية، قال بوريل بالضبط ما يعبر عنه اليوم: "في الاتحاد الأوروبي، ما زلنا نقول نفس الشيء، أي أن الصراع يجب أن يكون له حل في إطار قرارات الأمم المتحدة".

لذلك، لا نفهم سبب ابتهاج الطغمة العسكرية عند سماع جوزيب بوريل يقول إن الاتحاد الأوروبي يحترم قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء، في حين رفضت الجزائر هذه القرارات نفسها، لأنها تدعم حلا للنزاع على أساس تسوية واقعية لا تنفصل عن مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب.

لقد ظن البعض أن جوزيب بوريل تبنى الأطروحات الجزائرية حول الصحراء، في حين أنه لا توجد، في تصريحاته، أي إشارة إلى الاستفتاء أو تقرير المصير. في هذا الصدد، يبدو أن النظام الجزائري قد دفن هذين "المبدأين"، على الأقل دوليا، ويستخدمهما فقط للاستهلاك الداخلي.

بعد ستة أشهر فقط من رفضه في بيان صحفي صادر عن وزارة الخارجية، أصبح قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2602 المعتمد في 30 أكتوبر مرجعية للنظام الجزائري. وهذا دليل قاطع على أن النظام الجزائري نظام معزول، فاقد للبوصلة ويتقهقر. وهذا يعطي فكرة عن السرعة التي يتطور بها ملف الصحراء وكيف أن النظام الجزائري تجاوزته الأحداث. بهذه الوتيرة، لا ينبغي أن نتفاجأ إذا رأينا الجزائر تعتبر قريبا كمرجعية لنزاع الصحراء... مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب!

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 17/05/2022 على الساعة 18:35