القدس: الجامعة العربية توجه صفعة قوية للجزائر بعدما حاولت فرض اسم تبون

صورة مركبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والجنرال سعيد شنقريحة ووزير خارجية البلاد رمطان لعمامرة

صورة مركبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والجنرال سعيد شنقريحة ووزير خارجية البلاد رمطان لعمامرة . DR

في 22/04/2022 على الساعة 21:02

انتهت تصرفات النظام الجزائري ومناوراته بشأن القضية الفلسيطينية بفشل ذريع. فاللجنة الوزارية العربية أكدت على أهمية الدور الذي يقوم به الملك محمد السادس في دعم القدس ولم تذكر اسم تبون. إن المحاولة الجزائرية الأخيرة تكشف عن نظام يجعجع كثيرا، لكنه غير قادر على الفعل.... تحليل.

يفرض الحس السليم أنه عندما لا ينجح تكتيك ما، يكون من الضروري تغييره، لأن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج. فماذا إذن نقول عن نظام يصر على الاستمرار، مهما كانت التكلفة، في استعمال نفس الوسائل، على أمل أن تكون النتائج بقدرة قادر مختلفة؟ هذه الآلية البالية، قامت الجزائر بتفعيلها مرة أخرى في عمان، أمس الخميس 21 أبريل 2022، خلال الاجتماع العاجل للجنة الوزارية العربية المكلفة بالعمل الدولي في مواجهة السياسات الإسرائيلية غير القانونية في القدس.

خلال هذا الاجتماع، الذي مثل فيه وزير الخارجية، ناصر بوريطة، المغرب، حاولت الجزائر عبر ممثلها مرة أخرى توجيه ضربة جبانة ضد المملكة، لكنها محاولتها باءت بالفشل الذريع. وهذه المناورة تذكرنا بتلك التي قادتها الجزائر من أجل عرقلة اتخاذ بيان لمجموعة السفراء العرب لدى الأمم المتحدة في نيويورك بشأن التصعيد الأخير في محيط المسجد الأقصى.

في الأردن، عندما لاحظ أن البيان الختامي لهذه اللجنة، الذي تم اعتماده بالإجماع، تضمن فقرة تؤكد على دور الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس وبيت مال القدس الشريف، في دعمه لهذه المدينة المقدسة ومقاومة سكانها، طالب المندوب الجزائري فجأة بأن يتضمن البيان فقرة أخرى... تشيد بالدور المزعوم للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في دعم هذه القضية.

لكن الإشكال يتمثل في تحديد دور الرئيس الجزائري وأين تجسد دعمه للقضية الفلسطينية. لأنه، باستثناء عن الإعلان، في شهر دجنبر 2021، عن هبة بمبلغ 100 مليون دولار للسلطة الفلسطينية (ولا نعرف ما إذا كانت هذه الأخيرة قد توصلت بهذه الهبة)، فإن الجزائر تميزت في هذا الصدد برغبتها في فرض المماثلة بين القضية الخاسرة للبوليساريو وقضية الفلسطينيين.

وقوبل طلب المندوب الجزائري السخيف والعبثي والخالي من أي مضمون بالتجاهل، إذ ولم ير أي من ممثلي البلدان المشاركة الأخرى في هذا الاجتماع أنه من المفيد الرد عليه. نحن نتحدث عن دول مثل المملكة العربية السعودية والأردن وفلسطين وقطر ومصر وتونس والإمارات العربية المتحدة (عضو حالي غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة): لم يتفاعل أي مندوب منهم مع مثل هذه الوقاحة.

وفي النهاية، تم اعتماد نص البيان الختامي بالإجماع وفق الصيغة التي اقترحته رئاسة اللجنة والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، متضمنا الفقرة المتعلقة بدور الملك محمد السادس. وفضلا عن ذلك، شددت الوثيقة على ضرورة قيام إسرائيل بوضع حد لممارساتها التصعيدية وعدوانها في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

عزلة الجزائر

إن التجاهل الذي قوبلت به المناورة الجزائرية، يؤكد مرة أخرى عزلة الجزائر سواء على الصعيد العربي أو الإقليمي أو الدولي. ولم تجد الرئاسة الجزائرية أفضل من التغطية على هذه الصفعة من اللعب بورقة (صغيرة) أخيرة: مكالمة هاتفية قيل إن الرئيس الجزائري تلقاها من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

"تلقى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، يوم الخميس، مكالمة هاتفية من أخيه رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس شكر فيها الجزائر شعبا ورئيسا وحكومة على الجهود والمساعي التي تبذلها ومواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية"، بحسب ما نقلته، بانتشاء، وكالة الأنباء الجزائرية، التي بدا وكأنها كانت تبحث عما يخفف من حدة الصفعة المهينة التي تلقتها الجزائر في عمان، حيث اتخذ الموقف الحقيقي للدول العربية.

وهذا الموقف العربي الحقيقي قد تم اتخاذه مع إحباط كل المناورات التي تقودها الجزائر التي من المفترض أن تستضيف القمة العربية المقبلة في شهر نونبر. ومع ذلك، فإن الجزائر تواصل اللعب على وتر الانقسام، مستخدمة كل ثقلها لفرض أجندتها المعادية للوحدة الترابية للمملكة المغربية.

وما يثير السخرية حقا هو أن الجزائر -وهذا لا يعد اكتشافا جديدا- لا تتوقف أبدا عن الرغبة في جعل القضية الفلسطينية مشابهة للأطروحات التي تدافع عنها جبهة البوليساريو. إن غياب الخيال لدى إلطغمة العسكرية الحاكمة في الجزائر والتي تتحكم في المليشيات المسلحة في جنوب شرق الجزائر، ليس وليد اليوم، لأن الجنرالات لم يترددوا في استنساخ حتى العلم الفلسطيني، واكتفوا بإضافة هلال ونجمة (التي توجد في العلم الجزائري) لصنع راية جمهورية الوهم.

ويكفي هنا معرفة الأسماء التي كانت وراء هذا "العمل" (يتعلق الأمر بهواري بومدين ومعمر القذافي) للوقوف على وضاعته وخسته، في محاولة، فشلت مرة أخرى، لفرض "القضية الصحراوية" (لاحظوا استعمال عبارة مماثلة) بنفس الحدة البصرية والصوتية باعتبارها قضية عادلة وتحظى بإجماع واسع جدا لدى الرأي العام العربي. ما هي النتائج، في الحالة الأولى كما في الأخرى؟ "والو". إن هذه الجزائر التي تتبجح باستعمال كلمات كبيرة مثل العدالة للشعب الفلسطيني لا تملك حتى سفارة لدى السلطة الفلسطينية. المغرب هي الدولة العربية الوحيدة، إلى جانب مصر، التي لها سفارة في رام الله. وهذا يمنحه قربا من الزعماء الفلسطينيين لا يستطيع أن يدعيه حكام الجزائر المسنين. علاوة على ذلك، لم تنتقد السلطة الفلسطينية أبدا المغرب لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع دولة إسرائيل.

جعجعة بدون طحين

لذلك من الصعب أن نعطي ولو ذرة من المصداقية للتحركات الجزائرية عندما يتعلق الأمر بفلسطين. النقطة المشتركة الوحيدة في الموقف الجزائري، سواء في ملف القضية الفلسطينية أو قضية الانفصاليين، تكمن في رغبتها في إلحاق الأذى بالمغرب والمس بمصالحه فقط، وهي رغبة أصبحت عقيدة للبلد الجار. غير أن النتيجة نعرفها جميعا: صفر نقطة.

مثل ما كان موقفها الأخير في عمان، كانت المعارضة الشرسة والعقيمة للجزائر، يوم السبت 16 أبريل في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، من أجل اعتماد بيان صادر عن المجموعة العربية في الأمم المتحدة حول القدس -فقط لأنه يشيد، مرة أخرى، بدور الملك محمد السادس- أثار حماسة أقل ولكنه أثار بالمقابل المخاوف الجادة بشأن هذا البلد، الذي يبدو بشكل واضح أنه مستعد للتضحية بقضية نبيلة، لمجرد إشباع رغباته في الانتقام من المغرب ومؤسساته. في عددها الصادر يوم 20 أبريل، لم تخطئ صحيفة "العرب" الواسعة الانتشار عندما أعربت عن شكوكها حول النوايا الحقيقية وراء المواقف الجزائرية. لكن بالنسبة لهذه الصحيفة، فإن هذا الموقف لم يكن له أي تأثير، حيث تجاهلته المجموعة العربية في الأمم المتحدة مرة أخرى. ويتساءل المرء، في ضوء هذه الإخفاقات وسياسة الكراهية التي تتبعها تجاه المغرب، هل للجزائر أي شرعية، أو حتى قادرة على إظهار الحياد الضروري والحس السليم، لتنظيم القمة العربية المقبلة.

وردا على سؤال طرحه Le360 بهذا الخصوص، أوضح دبلوماسي مغربي طلب عدم ذكر اسمه أن "النظام الجزائري، بعصبيته وحساباته الضيقة جدا، منع المجموعة العربية في نيويورك من تبني بيان". وأضاف قائلا: "إذاً، ما الذي يجب أن ننتظره من قمة جامعة الدول العربية في الجزائر؟ ستكون بلا شك قمة تكرس الانقسام، بسبب المقاربة المعادية للدولة المضيفة تجاه المملكة المغربية".

وعزز هذا المصدر وجهة نظره بهذه الصورة: "مقاربة الجزائر بنيويورك هي خرقاء، لأن الفلسطيني الجالس في نفس الطاولة مع المجموعة العربية، المكونة من 22 دولة في جامعة الدول العربية، ليس لديه أي اعتراض. ثم يأتي الجزائري ويقول: "لدي مشكلة"...هذا غير معقول".

الخيبات التي يحصدها النظام الجزائري في العالم العربي تنضاف للانتكاسات التي سجلتها الجزائر على الساحة الدولية. وآخرها ليس سوى المنعطف التاريخي التي اتخذته إسبانيا بشأن قضية الصحراء. "عندما نرى بلدا مثل إسبانيا، في خضم تصعيد جزائري ضد المغرب، وفي خضم أزمة طاقية، يغير موقفه في ما يتعلق بالصحراء لصالح المغرب، فذلك لأن روافع الجزائر لم تعد بها أي جدوى"، يعلق دبلوماسي أوروبي معتمد في الرباط.

كلما استمر التصعيد العدواني ضد المغرب، كلما زاد النظام الجزائري في اتخاذ مواقف وقرارات عبثية. منذ عام ونحن نشهد هياجا هستيريا للنظام، لكن بلا فائدة تذكر. اعتقد القادة الجزائريون -عن خطأ- أن المدن المغربية ستحرم من الضوء بعد إغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي، وأن المغرب سيجد نفسه معزولا بعد قرار إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات المغربية، أو أن الحرب مع جبهة البوليساريو ستركع المغرب، إلخ.

إذا وضعنا في جانب عدد البيانات الصحفية والتصريحات المعادية للمملكة، بما في ذلك تلك الصادرة عن الرئيس عبد المجيد تبون ورئيس الأركان سعيد شنقريحة، وفي جانب آخر نحاول قياس تأثير تلك القرارات والتصريحات على المغرب، فإن الحصيلة تافهة وسخيفة.

أمام هذه العدوانية المرضية، عارضها المغرب بالهدوء والحكمة. لقد ترك النظام الجزائري يغرق في مواقفه وتصريحاته الحربية وعمل بصمت من أجل الدفاع عن القضية الوطنية وتحقيق مكتسبات بشأنها. النتيجة: جميع المناورات العدائية للنظام الجزائري فشلت بعد قرار إسبانيا دعم خطة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الأساس الأكثر جدية ومصداقية لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء. عندما تعبر السلطات الجزائرية عن "اندهاشها" مما تسميه "تغيير مفاجئ في الموقف" الإسباني بشأن الصحراء، فإن هذا يبدو وكأنه اعتراف بعجز ديبلوماسية هذا البلد التي لم تستوعب التغيرات الجيوسياسية في المنطقة. كل شيء يوحي بأن السيناريو نفسه سيتكرر بشأن الملف الفلسطيني، حيث سيظل المغرب يلعب الأدوار الكبيرة، بينما ستكتفي الجزائر بالقيام بدور المشوش والمخرب.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 22/04/2022 على الساعة 21:02