التقرير الجديد للأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء أخرس الجزائر وصنيعتها البوليساريو

أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة. . DR

في 04/10/2020 على الساعة 19:00

منذ نشره يوم الجمعة الماضي، لم يجد تقرير أنطونيو غوتيريش الجديد عن الصحراء أدنى صدى له في وسائل الإعلام الرسمية الجزائرية. ومع العلم أنه كانت هذه الأخيرة تسارع في السابق إلى نشر تقارير الأمين العام مع تغيير طبيعتها.

صدر التقرير الجديد للأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء، والموجه إلى مجلس الأمن ليكون بمثابة أساس لقراره المقبل، مساء يوم الجمعة 2 أكتوبر في نيويورك.

بعد يومين من صدور هذا التقرير الأممي، لا زالت وسائل الإعلام الجزائرية تلزم الصمت، وهي التي كانت عادة ما تسارع حتى قبل إصدار هذه الوثيقة السنوية، لنشر لمحتواها من خلال تكهنات حول توجهات التقرير، دائما بطريقة مغلوطة، من أجل دعم الأطروحات الانفصالية.

وهكذا، فإن وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، المعروفة بثرثرتها وميلها بشكل عام إلى التدخل في شؤون الصحراء المغربية أكثر من الاهتمام بالشؤون الجزائرية الداخلية التي تهم الرأي العام الجزائري، تجاهلت تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الصحراء لأول مرة في تاريخها. والأدهى من ذلك، أن مرارة وكالة الأنباء الجزائرية تجاه تقرير الأمم المتحدة الجديد تنعكس بوضوح في رسالة نشرت يوم الأحد 4 أكتوبر بعد الظهر بعنوان: "عودة قضية الصحراء إلى مجلس الأمن خلال الشهر الحالي". بالعودة إلى النقاشات المعتادة حول المينورسو والاستفتاء والتأخر في تعيين مبعوث أممي خاص جديد، لم تخصص هذه الوسيلة الدعائية الرسمية للنظام الجزائري كلمة واحدة لتقرير غوتيريش الأخير.

نتذكر أنه في الماضي القريب، وبمجرد صدور هذا التقرير، تتقاطر قصاصات هذه الوكالة الرسمية الجزائرية، وتسعى إلى اختيار مقتطفات من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة وتحويرها من أجل خدمة الأطروحات المناهضة للمغرب.

بل حتى القصاصات التي خصصتها وكالة الأنباء المغربية، يوم السبت 3 أكتوبر، للتقرير الأخير لأنطونيو غوتيريش، لم ترد عليها وكالة الأنباء الجزائرية التي كانت تسارع إلى الرد على كل ما تكتبه الوكالة المغربية حول الموضوع.

من جهتها، اقتصرت وسيلة إعلامية مقربة من البوليساريو على نشر تقرير الأمم المتحدة بأكمله كما هو دون أدنى تعليق، ولكن بعنوان يبرز شعورا بالإحباط: "الأمين العام للأمم المتحدة يوصي بتمديد ولاية بعثة المينورسو حتى 31 أكتوبر 2021". ضربة موجعة للجزائر وصنيتعها جبهة البوليساريو اللتين دعتا دائما إلى تمديد هذه الولاية لستة أشهر، إن لم يكن أقل، لأنه كلما اقتربت اجتماعات مجلس الأمن كلما استغلوها لنشر دعاياتهم المغرضة.

فكيف يمكن إذاً تفسير هذا الصمت المريب لوسائل الإعلام الجزائرية والانفصالية بشأن حدث مهم مثل إصدار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء؟

السبب الأول هو أن هذا التقرير يندد بالانتهاكات المتكررة لعناصر البوليساريو ويصف الانفصاليين بأنهم خارجون عن القانون. بالإضافة إلى ذلك، يدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى "الحل السياسي" باعتباره السبيل الوحيد لحل نزاع الصحراء ولم يشر ولو مرة واحدة إلى خيار الاستفتاء التي تبين منذ سنوات أنه خيار مستحيل التحقيق على أرض الواقع.

والسبب الثاني هو أن وكالة الأنباء الجزائرية ما زالت مشلولة بسبب التداعيات الكارثية لخبرها الكاذب الأخير، حيث نسبت إلى مكتب الأمم المتحدة في جنيف الرفض الفوري والصريح لشكوى ضد الدولة الجزائرية المتهمة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان إثر سلسلة اعتقالات وسجن للعديد من الصحافيين ونشطاء الحراك. وهكذا فقد سارع مكتب الأمم المتحدة في جنيف إلى نفي الخبر الكاذب الذي نشرته الوكالة الجزائرية وأكد بأن هذه الشكوى لم يتم رفضها وأنه سيتم دعوة الدولة الجزائرية لتوضيح موقفها بشأن مضمون هذه الشكوى. أجبر رد الفعل القوي من مكتب الأمم المتحدة في جنيف وكالة الأنباء الجزائرية على سحب القصاصة المضللة، مما يثبت للعالم افتقارها التام للمصداقية.

لتجنب مثل هذا الفشل، لم تجرؤ وكالة الأنباء الجزائرية هذه المرة على تحوير مضامين تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير وبالتالي تغليط الرأي العام كما كانت تفعل عادة.

السبب الثالث، الذي يرتبط من حيث الجوهر مع السبب الأول، هو أنه في تقريره الأخير، حدد أنطونيو غوتيريش بوضوح ملامح الدور الذي أسند إلى بعثة المينورسو، والذي سعت الجزائر وجبهة البوليساريو دائما إلى تشويهه. بالإضافة إلى كونها العين اليقظة للأمم المتحدة في الصحراء وتسجيل جميع الوقائع والأعمال المتعلقة باحترام أو عدم احترام اتفاقية وقف إطلاق النار لعام 1991 والإبلاغ عنها بشكل حيادي، فإن غوتيريش يعتبر بعثة المينورسو بشكل خاص كأداة قيمة، إذ "يشكل عملها شهادة واضحة ودائمة على التزام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لصالح حل سياسي عادل ودائم ومقبول من قبل طرفي النزاع في الصحراء، وفقا للقرارات 2440 (2018) و2468 (2019) و2494 (2019)".

ميزة هذه التدقيقات من قبل أنطونيو غوتيريش هي أنها واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج إلى تأويل، مثلما هو الأمر بالنسبة للتدقيق الذي قدمه الأمين العام بشأن المهمة الدقيقة للانفصالي سيدي عمر. هذا الأخير هو مجرد ممثل للبوليساريو في نيويورك، وليس في الأمم المتحدة.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 04/10/2020 على الساعة 19:00