إدانة بوعلام صنصال بالسجن تشعل الغضب الحقوقي والدولي: «وصمة عار» في جبين النظام الجزائري

الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال. AFP or licensors

في 27/03/2025 على الساعة 12:20

أثار الحكم الصادر بحق الكاتب الجزائري بوعلام صنصال، والقاضي بسجنه خمس سنوات نافذة، موجة إدانة دولية واسعة، وسط استنكار منظمات حقوقية اعتبرته دليلًا جديدًا على تصعيد النظام الجزائري لحملته القمعية ضد الأصوات المعارضة. فرغم المطالبات الملحّة للإفراج عنه، خصوصًا في ظل تدهور حالته الصحية جراء إصابته بالسرطان، أصرّت السلطات الجزائرية على المضي في محاكمته وإدانته، متجاهلة كل النداءات الحقوقية. هذا الحكم، الذي وصفته جهات دولية بأنه « وصمة عار » في سجل الجزائر الحقوقي، يعكس نهج السلطة في إسكات المعارضين وتحدي الضغوط الخارجية، ما يفاقم عزلة البلاد ويعزز سمعتها كنظام منغلق على نفسه.

الحكم، الذي جاء بعد أزيد من 4 أشهر من الاحتجاز، اعتُبر من قبل حقوقيين ومنظمات دولية «ضربة قاسية لحرية التعبير»، حيث أدانت منظمة العفو الدولية الحكم، واصفة إياه بـ«وصمة عار في جبين النظام الجزائري»، بينما وصفت منظمة «شعاع» لحقوق الإنسان القرار بأنه «تصفية حسابات مع كاتب رفض الصمت».

وجاء هذا الحكم عقب محاكمته يوم 20 مارس 2025، على خلفية تهم تتعلق بالمساس بوحدة الوطن، إهانة هيئة نظامية، القيام بممارسات من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني، إضافة إلى حيازة فيديوهات ومنشورات تُهدد الأمن والاستقرار الوطني.

وكان وكيل الجمهورية قد التمس في البداية عقوبة أشد، مطالبا بسجنه عشر سنوات وغرامة مليون دينار جزائري، ما يشير إلى رغبة السلطة في جعله « عبرة لكل من يتجرأ على انتقاد النظام ».

وخلال المحاكمة، أنكر صنصال جميع التهم المنسوبة إليه، وفق ما أوردته وسائل إعلام جزائرية، مؤكدا أنه لم يسع أبدا للإضرار بالوطن أو مؤسساته.

قضية تتجاوز حدود الجزائر

لم تقتصر تداعيات القضية على الداخل الجزائري، بل امتدت إلى العلاقات الدبلوماسية المتوترة بين الجزائر وباريس. فقبل النطق بالحكم، كان بعض المحللين يعتقدون أن السلطات الجزائرية قد تلجأ إلى إصدار حكم مخفف أو مع وقف التنفيذ كجزء من محاولة تهدئة الأزمة مع فرنسا. لكن الحكم بالسجن النافذ يعكس تشددا واضحا من طرف النظام، الذي يبدو أنه اختار التصعيد بدل المصالحة.

وفي رد فعل فوري، هدد وزير الداخلية الفرنسي برونو روتاليو، المقرب من صنصال، بـ«رد متدرج» على الحكم، ما يعكس تصاعد التوتر بين البلدين.

حملة قمع واسعة ضد الأصوات الحرة

قضية صنصال ليست سوى واحدة من بين عشرات القضايا المشابهة في الجزائر، حيث يقبع أكثر من 200 معتقل رأي خلف القضبان بسبب مواقفهم السياسية المعارضة للنظام العسكري المستولي على الحكم.

وكتب الموقع الفرنسي « ميديا بارت » مقالا تحت عنوان: « الجزائر.. أكثر من 200 معتقل رأي طي النسيان »، يؤكد فيه أنه، إضافة إلى بوعلام صنصال، هناك مئات الأشخاص المسجونين في الجزائر بسبب تعبيرهم الحر، أو تأييدهم لحراك عام 2019، أو دفاعهم عن حقوق الإنسان.

وأوضح الموقع أنه بخلاف قضية صنصال، التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة منذ اعتقاله، فإن هناك أكثر من مئتي معتقل رأي (غالبيتهم رجال وقلة من النساء)، نادرا ما يُذكرون، ويقبعون في السجون في ظروف قاسية في انتظار عفو رئاسي محتمل، وكان آخر عفو في نوفمبر 2024، وشمل نحو عشرة منهم.

اليوم، يضيف موقع ميديا بارت، من الصعب العثور في الجزائر على شهود يوثقون القمع السائد. فقد تم إسكات أولئك الذين كانوا يوثقون انتهاكات حقوق الإنسان والاعتقالات التعسفية ويحاولون تنبيه العالم إلى تجاوزات نظام أصبح أكثر استبدادا. فقد تم حلّ الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (LADDH) في عام 2023، إلى جانب العديد من المنظمات غير الحكومية الأخرى المتخصصة في حقوق الإنسان، ما دفع قادتها إلى المنفى، لا سيّما في فرنسا وبلجيكا.

كما اختفت جمعيات ثقافية واجتماعية صغيرة. وتم إغلاق هذه الجمعيات، ووضعت أختام على مقراتها فجأة، بعد اتهامها بتلقي تمويل أجنبي من الاتحاد الأوروبي، بحجة « التدخل الخارجي ».

مصير مجهول ومستقبل قاتم

يؤكد الحكم القاسي ضد بوعلام صنصال أن النظام الجزائري ماض في نهجه القمعي، متجاهلا كل النداءات الدولية التي تطالب باحترام حرية التعبير وحقوق الإنسان. فبدلا من نهج سياسة الحوار، يواصل تشديد الخناق على المعارضين، متوهما أن القمع يمكن أن يسكت الأصوات الحرة. بيد أن هذا التعنت لا يؤدي سوى إلى تعميق عزلة الجزائر دوليا، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى انفتاح اقتصادي وسياسي للخروج من أزماتها المتفاقمة.

وبينما يدفع المواطن الجزائري ثمن هذه السياسات من حريته ومعيشته، يزداد الخناق الداخلي يوما بعد يوم، تاركا البلاد والعباد في مواجهة مستقبل غامض ومفتوح على مزيد من التوترات.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 27/03/2025 على الساعة 12:20

مرحبا بكم في فضاء التعليق

نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.

اقرأ ميثاقنا

تعليقاتكم

0/800