واصلت السلطات الجزائرية –طيلة شهر مارس- استهداف النشطاء والصحفيين الذين أبدوا دعمهم لحملة « #مانيش_راضي »، عبر موجة جديدة من الاعتقالات والمحاكمات الجائرة. النظام القمعي الذي فشل في تقليص انتشار الحملة من خلال السجون، قرر العودة إلى أساليب الترهيب والترويع، مستفيدا من « خبرته القمعية » في سنوات العشرية السوداء.
مجزرة الأخضرية
في تطور مأساوي، اهتزت بلدية الأخضرية بولاية البويرة على وقع جريمة بشعة راح ضحيتها أستاذ متقاعد معروف بمواقفه المعارضة للنظام، إلى جانب أفراد من أسرته.
ونقلت صحيفة «ألجيريا تايمز» أن ملثمين مجهولين اقتحموا منزل الأستاذ، الذي كان من أوائل الداعين لحملة « #مانيش_راضي »، ونفذوا مجزرة مروعة أودت بحياته وحياة زوجته وثلاثة من أبنائه، فيما نُقل اثنان آخران إلى المستشفى في حالة حرجة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجناة لم يرتكبوا الجريمة بدافع السرقة، بل كعمل انتقامي بسبب آخر تدوينة كتبها الضحية على حسابه في « فيسبوك »، حيث انتقد فيها أزمة الانقطاع المتكرر للمياه في المنطقة، والتي فجرت موجة احتجاجات شعبية. وأكدت الصحيفة أن مرتكبي الجريمة، الذين وصفتهم بالمنتمين للمخابرات العسكرية، لم يكتفوا بذلك، بل اعتدوا على طبيب بالسلاح الأبيض ما أدى إلى وفاته، قبل أن يقتلوا زوجته وثلاثًا من بناته بطريقة وحشية ويضرموا النار في المنزل، في مشهد يعيد إلى الأذهان المذابح الدموية خلال العشرية السوداء.
إقرأ أيضا : حراك الجزائر 2025: جولة جديدة من المواجهة بين الشعب والنظام العسكري
الحادثة أثارت موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات بفتح تحقيق شفاف لكشف ملابسات الجريمة ومحاسبة الجناة.
أساليب قمع متجددة
لم يقتصر القمع على الاعتقالات والمحاكمات، بل سخّر النظام العسكري وسائل الإعلام لتشويه صورة النشطاء ومؤيدي حملة « #مانيش_راضي »، ووصمهم بأنهم « عملاء » أو « مدفوعون من جهات أجنبية »، في محاولة لتشويه الحراك الشعبي. إلى جانب ذلك، لجأت السلطات إلى تقييد الوصول إلى الإنترنت، عبر تقليل سرعة الصبيب خلال أوقات الذروة وحجب منصات التواصل الاجتماعي مثل « فيسبوك » و » « Xفي مسعى لإحباط التنسيق بين النشطاء.
كما كثفت السلطات من ملاحقة النشطاء عبر القضاء، حيث فتحت تحقيقات ضد شخصيات بارزة بتهم فضفاضة مثل « التحريض على التجمهر » و »المساس بأمن الدولة »، ما أسفر عن أحكام سجن وصفتها منظمات حقوقية بالجائرة.
غضب دولي وإدانة حقوقية
أدانت منظمة « شعاع » لحقوق الإنسان ما وصفته بـ »توظيف السلطات الجزائرية لتهم فضفاضة من أجل تكميم الأفواه وقمع الأصوات المعارضة »، مؤكدةً أن « الممارسات القمعية في الجزائر آخذة في التزايد، حيث يُوظَّف القضاء كأداة لإسكات الأصوات المعارضة ومنع أي شكل من أشكال الحراك السلمي ».
كما واجه النظام الجزائري انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان الدولية، مثل « هيومن رايتس ووتش » و« أمنستي »، التي أدانت القمع المتزايد واعتبرت أن الممارسات القمعية في الجزائر تجاوزت كل الحدود.
وفي ظل هذا القمع المستمر، يعتقد النظام الجزائري أنه قادر على وأد كل حركة احتجاجية وإسكات كل صرخة تطالب بالحرية والعدالة. لكن التاريخ أثبت مرارا أن القمع، مهما بلغ، لا يمكنه إخماد تطلعات الشعوب إلى التغيير. وكما قال الشاعر الشيلي بابلو نيرودا: «قد تستطيعون قطف كل الزهور، لكنكم لا تستطيعون وقف زحف الربيع »، فحتى لو أفلح النظام الدكتاتوري في قمع حملة « مانيش راضي »، فإن الغضب الشعبي المتراكم قد يتحول إلى موجة جديدة من الحراك لن يستطيع أحد كبح جماحها.
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا