مساءلة وزير الخارجية الفرنسي عن مصير 250 معتقل رأي في الجزائر

أعلام فرنسا والجزائر (صورة تعبيرية)

في 06/04/2025 على الساعة 16:45

بمناسبة زيارة جون نويل بارو إلى الجزائر، وجهت ثلاث منظمات للجالية الجزائرية في فرنسا رسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية الفرنسي، تدعو فيها إلى أن تكون مسألة احترام حقوق الإنسان في قلب العلاقات مع الجزائر التي يتعين إعادة كتابتها.

في الوقت الذي يلتقي فيه وزير الخارجية الفرنسي بالسلطات الجزائرية هذا الأحد، في إطار استئناف العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر، تحركت منظمات «ريبوست أنترناسيونال» (Riposte internationale) و«من أجل بديل ديمقراطي في الجزائر» (Pour une alternative démocratique en Algérie) و«ثورة الابتسامة» (Révolution du sourie)، التي تضم جزائريي الخارج، ووجهت للوزير الفرنسي رسالة مفتوحة.

وإذا كان تحسن العلاقات بين البلدين يهدف إلى إنهاء الأزمة التي استمرت عدة أشهر بين البلدين، فإن الموقعين على هذه الرسالة المفتوحة يريدون التأكيد على بعض المبادئ التي لا يمكن أن تكون ضحية استئناف العلاقات الدبلوماسية.

وبنفس المقاربة التي تم اتباعها في عام 2022، بمناسبة زيارة إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، تضع المنظمات الثلاث احترام حقوق الإنسان في الجزائر في قلب ندائها، في الوقت الذي لم تعد فيه العدالة والكرامة الإنسانية سوى ذكريات في أرض الشهداء.

بوعلام صنصال و250 معتقل رأي آخرين

الشخصية الرئيسية التي تدفع ثمن «الانحراف الاستبدادي للنظام الجزائري» هو الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، الذي أصبح ورقة مساومة منذ اعتقاله التعسفي في نونبر الماضي، كما كشفت قناة فرانس 2 في الجزء الثاني من روبورتاج «L’œil du 20 heures»، المخصص للضغوط التي يعاني منها معارضو النظام الجزائري في فرنسا. وقد طلبت الجزائر تسليم عدد من المعارضين الجزائريين اللاجئين في فرنسا، مثل أكسل بلعباسي، مقابل إطلاق سراح الكاتب البالغ من العمر 80 عاما. ابتزاز بغيض رفضته فرنسا بطبيعة الحال... ولكن يشار إلى أنه إذا كان إطلاق سراح بوعلام صنصال يعد أحد مطالب فرنسا لاستئناف العلاقات مع الجزائر، كما اقترح الوزير الأول فرانسوا بايرو، فمن المرجح أن تكون هذه حالة معزولة.

وهكذا، يوضح أصحاب الرسالة المفتوحة، إذا كانت المشاعر القوية التي أثارها اعتقال بوعلام صنصال داخل الطبقة السياسية والمشهد الثقافي ووسائل الإعلام الفرنسية قد أدت إلى تعبئة كبيرة، فإن هذا يتناقض بشكل كبير مع «الصمت المستمر المحيط باعتقال العديد من المواطنين الجزائريين الآخرين، بما في ذلك العديد من المواطنين مزدوجي الجنسية، الذين هم أيضا ضحايا للقمع التعسفي، ولكنهم أصبحوا في طي النسيان».

ولكن بوعلام صنصال ليس استثناء في الجزائر. على العكس من ذلك، فهو رمز الاحتجاج الذي يتم إسكاته وسيستمر هذا الوضع. من خلال هذا التذكير، يضع موقعو هذه الرسالة المفتوحة الدبلوماسية الفرنسية أمام سياسة المعايير المزدوجة المطبقة حتى الآن، والتي لم يعد من الممكن قبولها في وقت يجب فيه إعادة التفكير في العلاقات الفرنسية-الجزائرية.

بعد إشارتها إلى الشاعر الشاب محمد تجاديت، والأستاذة الجامعية ميرا مقناش، والناشطة عبلة قماري، والإعلامي عبد الوكيل بلام، تذكر الرسالة المفتوحة أن هؤلاء «ليسوا سوى عدد قليل من المائتين والخمسين معتقل رأي القابعين حاليا في سجون الجزائر، إلى جانب بوعلام صنصال»، وكثير منهم «محتجزون بشكل غير قانوني في الحبس الاحتياطي لفترات طويلة، في انتهاك صارخ لإجراءات قانون العقوبات الجزائري».

ويأتي هذا التذكير الهام في أعقاب القرار الذي اعتمده البرلمان الأوروبي في 23 يناير الماضي لإدانة الحملة القمعية التي تستهدف حرية التعبير في الجزائر، والمطالبة بالإفراج الفوري عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، وكذلك الشاعر محمد تجاديت والصحافي عبد الوكيل بلام.

الجزائر، البلد الذي يغرق يوما بعد يوم في الاستبداد

لكن المنظمات الثلاث لا تتوقف عند هذه الحالة، بل تسعى أيضا إلى رسم صورة لبلد يغرق يوما بعد يوم في الاستبداد ويشبه سجنا مفتوحا، حيث «لم تعد حرية التنقل مضمونة» وحيث «يمنع المواطنون الجزائريون من العودة إلى بلدهم، وفي كثير من الأحيان، يمنع المواطنون من مغادرته». وهكذا، في مواجهة قرارات مغادرة الأراضي الفرنسية التي تعمل فرنسا على تطبيقها، تقوم الجزائر بتوزيع إشعارات حظر مغادرة التراب الوطني حسب رغبتها، ولكن ليس على أي شخص... وإذا لم يكن لدى المؤثرين التابعين للنظام الجزائري أي مشكلة في مغادرة التراب الوطني من أجل الاستقرار في فرنسا ونشر إيديولوجية النظام الذي يخضعون له، فإن هذا ليس هو الحال بالنسبة لأولئك الذين لا يتملقون لهذا النظام نفسه. يمنع هؤلاء المحتجون من مغادرة البلاد لمنعهم من قول حقيقة مختلفة تماما عن دعايات النظام. ويذكر أصحاب الرسالة المفتوحة أن الضحايا الرئيسيين لهذه الإجراءات غير القانونية التي «تطبق خارج أي قرار قضائي» هم الجزائريون، أو الفرنسيون الجزائريون المقيمون في فرنسا، والذين «يمكن احتجازهم لعدة أشهر، مما يؤدي إلى فقدان وظائفهم ووضع عائلاتهم في وضع صعب».

وسلطت المنظمات الثلاث للجالية الجزائرية الضوء على مصير المعارضين الذين يعيشون في المنفى، مؤكدة في رسالتها ما كشفته قناة فرانس 2 في استطلاعها. ولإدانة «الابتزاز غير المقبول» الذي يتعرضون له، وإجبارهم على اتخاذ خيار غير إنساني: «التخلي عن قناعاتهم السياسية مقابل احترام حقهم في حرية التنقل».

فرنسا عند مفترق طرق

لكن هذا المثال لا يمثل إلا عينة من مجموعة واسعة من الاستراتيجيات التي يستخدمها النظام الجزائري لتنفيذ هذا المشروع الرامي إلى إسكات وسحق كل أشكال الاحتجاج. ويذكر أصحاب الرسالة المفتوحة أن النظام الجزائري ذهب إلى حد إصدار إصلاحات للقوانين التنظيمية من أجل «تقييد جميع الحريات ومراقبة المجتمع وضبطه في جميع المجالات: الجمعوية والنقابية والصحفية والسياسية والثقافية». إنها عملية تطهير تؤتي ثمارها للأسف من خلال قمع المعارضة السياسية، وحظر وسائل الإعلام المستقلة، ومضايقة دور النشر، والرقابة والمراقبة والسيطرة على المؤتمرات الفكرية والبحوث الجامعية.

وتدعو المنظمات السلطات الفرنسية إلى عدم ارتكاب أي خطأ: «إن هذه الهجمات على الحريات الأساسية ليست أخطاء معزولة أو تجاوزات عرضية»، بل على العكس من ذلك تندرج في إطار «استراتيجية مقصودة للسياسة القمعية ضد كل احتجاج، بدأت في عام 2019، وتميزت في عام 2021 باعتماد ترسانة من القوانين القمعية».

اليوم وأكثر من أي وقت مضى، «يتطلب مستقبل العلاقات الفرنسية-الجزائرية إعادة توازن عميقة: حوار بين دولة ودولة يقوم على الاحترام المتبادل والشفافية والمعاملة بالمثل، بعيدا عن أي مزايدة سياسوية أو مزايدة بالذاكرة»، تذكر المنظمات التي تمثل الجالية الجزائرية. فكيف يمكن للعلاقات بين البلدين اللذين يربطهما التاريخ أن تتطور في الاتجاه الصحيح دون «دبلوماسية مسؤولة، مبنية على مصالح الشعبين، ووضوح الالتزامات، وغياب الامتيازات غير المستحقة، واحترام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك النصوص الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان»، يضيف المصدر ذاته.

وهكذا، إذا كانت بوادر انتعاش العلاقات قد بدأت، فإن المشاكل التي تواجهها فرنسا مع الجزائر، والتي تغذيها على وجه الخصوص المسألة الشائكة المتعلقة بقرارات مغادرة التراب الفرنسي، لن تتوقف بطريقة سحرية. ويذكر أن جزءً من هذه المشكلة «يعود أصلها إلى حرمان الشباب اليائسين من الحقوق والحريات والذين يغادرون البلاد بالآلاف، سواء من خلال الهجرة النظامية أو غير النظامية». وبالتالي، فإن قرارات مغادرة التراب الفرنسي ليست بأي حال من الأحوال العلاج للمشكلة الحقيقية التي لم يعد بإمكان فرنسا أن تغمض عينيها عليها، وهي «الانغلاق المعمم الذي يعرض حيوية المجتمع المدني للخطر، والذي هو أمر ضروري لأي عملية ديمقراطية».

والاحتمال الوحيد الذي يبرز هو التزام الجزائر بالانتقال السياسي الديمقراطي، والذي بدونه «لن يكون أمام المواطنات والمواطنين خيار آخر سوى السجن أو المنفى». ولم يعد بإمكان فرنسا أن تتجاهل هذا الأمر.

تحرير من طرف زينب ابن زاهير
في 06/04/2025 على الساعة 16:45

مرحبا بكم في فضاء التعليق

نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.

اقرأ ميثاقنا

تعليقاتكم

0/800