الجزائر عضو غير دائم بمجلس الأمن: اللاحدث الذي حوله تبون إلى «نجاح ديبلوماسي»

Le Conseil de sécurité de l'ONU.

مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة

في 07/06/2023 على الساعة 11:54

في الوقت الذي كانت فيه دولتان فقط، الجزائر وسيراليون، تتنافسان لشغل مقعدي الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المخصصين لإفريقيا للفترة 2024-2025، حولت الرئاسة الجزائرية دخولها إلى هذه الهيئة إلى « نجاح دبلوماسي » حققه الرئيس عبد المجيد تبون. هذا الانتخاب يعكس، بحسب الرئاسة الجزائرية، « التقدير والاحترام الذي يحظى به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من قبل المجتمع الدولي »! مرحبا بكم في «البلد الذي يسير على رأسه».

انتخبت الجزائر يوم الثلاثاء 6 يونيو لعضوية مجلس الأمن الدولي كعضو غير دائم للفترة من فاتح يناير 2024 إلى 31 دجنبر 2025. وهذه هي المرة الرابعة في تاريخها (1968-1969، و1988-1989، و2004-2005) الذي تصبح فيه الجزائر عضوا غير دائم في مجلس الأمن. لكن هذه المرة، واستنادا إلى البيان الصحفي الصادر عن الرئاسة الجزائرية، فإن المرء يخرج بانطباع بأنها حققت نصرا عظيما أو تغلبت على خصم قوي، والحال أنه لم يكن أمامها أي منافس.

وأكد بيان قصر المرادية بكل فخفخة قائلا: «تقديرا لدورها المحوري في منطقتها، تم إنتخاب الجزائر اليوم في الجولة الأولى وبالأغلبية الساحقة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، عضوا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لمدة سنتين بدءا من فاتح يناير2024 وذلك على إثر تصويت 193 دولة عضو في الأمم المتحدة».

بيان تقريظي

من يقرأ عبارة انتخاب في « الجولة الأولى » وبـ »أغلبية ساحقة » الواردة في هذا البيان الصحفي سيعتقد أن الجزائر تغلبت على خصمها (أو خصومها)، والحال أنه لم يكن هناك أي منافس إفريقي في السباق، باستثناء سيراليون، المنتخبة في نفس الوقت، بنتيجة أفضل من الجزائر لشغل المقعد الثاني المخصص لإفريقيا. تم انتخاب هذا البلد الواقع في غرب إفريقيا بأغلبية 188 صوتا من أصل 193.

ويعزى هذا « النجاح » المزعوم الذي حققته الجزائر ضد طواحين الهواء إلى المكانة الدولية المزعومة لتبون. وهكذا أشار البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية إلى «أن هذا الانتخاب الذي يمثل مكسبا ثمينا يضاف إلى رصيد السياسة الخارجية لبلادنا، يعكس التقدير والاحترام الذي يحظى به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من قبل المجتمع الدولي، وعرفانا لمساهمته في إحلال السلم والأمن الدوليين».

وأشار أيضا إلى أن «هذا النجاح الدبلوماسي وبوضوح، عودة الجزائر الجديدة إلى الساحة الدولية ويؤيد رؤية ونهج رئيس الجمهورية للحفاظ على السلم والأمن في العالم على أساس التعايش السلمي والتسوية السلمية للنزاعات وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ». هذه الوثيقة الأخيرة لها على الأقل ميزة إخبار الجزائريين بأن تبون هو الآن وزير الخارجية الحقيقي، بعد إزاحته على التوالي « الدبلوماسي المخضرم » رمطان لعمامرة، والأمين العام للوزارة، «الدبلوماسي المزيف» عمار بلاني.

وأوضح بيان قصر المرادية التقريظي أن « هذه السياسة الخارجية تحظى اليوم بتوجه ورؤية يعود الفضل فيها للرئيس عبد المجيد تبون الذي أمدها بمشروع شامل ومنسجم يتمسك بشدة بالدفاع عن المصالح الوطنية بكل أشكالها وفي كل الظروف ». وتجدر الإشارة إلى أنه لإضفاء طابع فولكلوري على انضمامها إلى مجلس الأمن خلال العامين المقبلين، أوفدت الجزائر وزير خارجيتها أحمد عطاف للإقامة في نيويورك لعدة أيام، من أجل التظاهر بقيادة حملة لا هوادة فيها من أجل ترشيح بلاده، في حين كان متأكدا من انضمامه إلى مجلس الأمن.

لأن مسطرة انتخاب أعضاء جدد في مجلس الأمن إلزامية، حتى بدون منافسة، على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، يتم انتخاب عشرة أعضاء غير دائمين لمدة عامين، يتم تجديد نصفهم كل عام، مما يضمن تمثيلية جميع المناطق الجغرافية في العالم. وهكذا تم التصويت على أربع دول هذا العام على الرغم من أنها لم تواجه أي منافس في منطقتها.

فقط تم انتخاب دولة خامسة بعد سحق منافسها. ويتعلق الأمر بمقعد منطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية، إذ حصلت دولة غيانا الصغيرة، التي يبلغ عدد سكانها 200 ألف كيلومتر مربع و 805 ألف نسمة، على 191 صوتا من أصل 193، تليها دولة صغيرة أخرى في غرب إفريقيا، وهي سيراليون، بحصولها على 188 صوتا، والجزائر بـ184 صوتا، ثم كوريا الجنوبية (آسيا والمحيط الهادئ) بـ180 صوتا. لا يتعلق الأمر، إذن، بأغلبية ساحقة، لأنه كان انتخابا شكليا من دون منافسة.

«فوز» شكلي

على العكس من ذلك، فإن الانتخابات الحقيقية الوحيدة هي تلك التي جرت بين سلوفينيا وبيلاروسيا للظفر بالمقعد المخصص لدول أوروبا الشرقية. في النهاية، حصلت سلوفينيا على 153 صوتا، مقابل 38 صوتا فقط لحليف روسيا الرئيسي في حربها ضد أوكرانيا.

هذا التصويت العقابي ضد مينسك جعل لويس شاربونو، مدير قسم الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش، يقول إن « تصويت اليوم في الجمعية العامة يظهر أهمية المنافسة في الانتخابات بالأمم المتحدة. لا شك أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قررت أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها بيلاروسيا في بلادها ومحاولات التستر على الفظائع الروسية في أوكرانيا تجعلها غير مؤهلة للعمل في مجلس الأمن، وهو هيئة مهمة لضمان حقوق الإنسان « . وهذا يعني أنه إذا كان هناك منافس أفريقي آخر قد ترشح في وجه الجزائر، لمنيت بهزيمة بسبب التقارير العديدة الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والتي كشفت عن انتهاكات صارخة وخطيرة لحقوق الإنسان وحرية التعبير في الجزائر.

سنرى كيف ستتصرف الجزائر في مجلس الأمن خلال دراسته لملف الصحراء. وهل ستختبئ وراء صفتها الزائفة كـ« مراقب » في نزاع الصحراء من أجل المشاركة، بشكل سلبي ومن موقع أقلية، في التصويت السنوي على قرارات مجلس الأمن؟

الاستعداد لتجرع النكسات

أم أن مجلس الأمن، الذي يدعو مبعوثه الخاص إلى الصحراء إلى العودة إلى مسلسل الموائدة المستديرة التي تجمع الجزائر والمغرب وموريتانيا والبوليساريو، سيعتبر الجزائر طرفًا في النزاع ويمنع التصويت على القرارات الخاصة بالملف؟ وهكذا، وفقا لمجلس الأمن، « كل عضو من أعضاء « الأمم المتحدة » ليس بعضو في مجلس الأمن، وأية دولة ليست عضواً في «الأمم المتحدة» إذا كان أيهما طرفاً في نزاع معروض على مجلس الأمن لبحثه يدعى إلى الاشتراك في المناقشات المتعلقة بهذا النزاع دون أن يكون له حق في التصويت».

وعلى كل حال، يتعين أن تستعد الجزائر، التي نددت رسميا بقرارات مجلس الأمن بشأن الصحراء على مدى العامين الماضيين، لتجرع النكسات في أكتوبر إذا كانت لا تريد زيادة عزلتها. لكن في « البلد الذي يمشي على رأسه »، وفقا لتعبير جون لويس لوفيت وبول توليلا، مؤلف كتاب « الداء الجزائري »، يجب توقع كل شيء من نظام مهيكل كنظام وليس كدولة.

يجب مقاربة بيان الرئاسة الجزائرية من زاوية طبية. يكشف لنا كيف أن تبون يحتاج أية قشة ليعلق عليها النجاح، وهو الذي استقبله جزائريون بالبيض في شوارع لشبونة ولم يتمكن من تحقيق أي من زيارات الدولة المعلنة، سواء إلى باريس أو إلى موسكو. وهكذا لم يتبق لتبون سوى إصدار بيان تقريظي يخفي به نكساته والصفعات التي يتلقاها من كل جانب.

الجزائر ليست دولة بل هي نظام. هذا ما وصفه بكل دقة الخبيران الفرنسيان جون لويس لوفيت وبول توليلا، اللذين أرسلا في إطار مهمة رسمية استمرت خمس سنوات ونصف في الجزائر، في كتابهما-الحدث « الداء الجزائري ». هذا العمل، الذي يتجاوز في التحليل والوصف جميع الكتب التي شخصت أمراض النظام الجزائري، يجب أن يكون كتابا مرجعيا لكل من يهتم بالجارة الشرقية.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 07/06/2023 على الساعة 11:54