هل سيكون هذه المرة الخبر السار؟ هناك أمل، ولكن الشك يظل قائما بشأن إنشاء محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، والتي من المتوقع أن تكون الأكبر من نوعها في إفريقيا كلها. ولكن من الضروري أن تبدأ أشغال البناء. وهذا هو على الأقل التاريخ الثاني الذي لم يتم الوفاء به، حيث من الواضح أنه لم يتم الوفاء بالتواريخ المعلنة لبدء العمل في يونيو 2023 ويناير 2024.
في اتصال مع Le360، أكد لنا مصدر مطلع في وزارة التجهيز والماء أن إطلاق المشروع سيتم يوم 15 أبريل الجاري، أي يوم الاثنين من الأسبوع المقبل. وطمأن المصدر ذاته قائلا: «كان من الضروري بعض الوقت لإعادة تعديل العقود المختلفة المرتبطة بهذا المشروع الكبير في ما يتعلق بالأهداف المحددة له. وهو الأمر الذي تم بالفعل». هل يكفي لإقناعنا بالانطلاق الفعلي للمشروع؟ ليس مؤكدا.
وفي الوقت نفسه، فإن الوقت يمر وليس هناك أية إشارة توحي بأن أشغال إنشاء محطة تحلية المياه المستقبلية، التي تعد لها أهمية كبرى بالنسبة للمدينة، سيتم البدء فيها في وقت قريب. محطة تهدف إلى تخفيف الضغط على احتياطيات حوض أم الربيع، المصدر الرئيسي للتزود بالمياه الصالحة للشرب بالجهة، التي تعاني من عجز مائي كبير بعد ست سنوات متتالية من الجفاف.
ويتكون المشروع، الذي أطلقه المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، من تصميم وتمويل وبناء وتشغيل، لمدة 30 سنة (مقسمة على 3 سنوات للتنفيذ، و 27 سنة للاستغلال)، ومحطة تحلية بقدرة 548.000 متر مكعب يوميا (200 مليون متر مكعب سنويا)، وقد تصل إلى إلى 822.000 متر مكعب يوميا من المياه المعالجة (300 مليون متر مكعب سنويا). وبالموازاة مع ذلك، يتضمن المشروع الأشغال البحرية لسحب وتصريف مياه البحر، فضلا عن تزويد المحطة بالطاقة، خاصة عبر مصادر الطاقة المتجددة.
ومن المنتظر أن توفر المحطة، عند دخولها الخدمة، الماء الصالح للشرب لساكنة مدينة الدار البيضاء البالغ عددهم 3.34 مليون نسمة، وتوسيع شبكة الري على مساحة 8000 هكتار. وكل ذلك باستثمارات تبلغ نحو 8.8 مليار درهم.
إذا تسابق العديد من عمالقة القطاع العالميين، أي ست مجموعات، من أجل الظفر بطلب العروض الذي أطلقه المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، ولكن في نهاية المطاف فاز بالصفقة في نونبر الماضي اتحاد شركات مكون من شركة أكسيونا (Acciona) الإسبانية (7.1 مليار أورو من رقم الأعمال في عام 2019) وشركتا أفريقيا غاز وغرين أوف أفريقيا، الشركتان التابعتان لمجموعة أكوا، المملوكة لرئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش.
وكل ذلك بفضل عرض أقل، يعادل سعر إعادة البيع قدره 4.50 درهم للمتر مكعب، مقارنة بسعر 5.88 درهم للمتر مكعب لمحطة مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، و10 دراهم للمتر مكعب لمحطة تحلية المياه بأكادير.
وهو السعر الذي لم تتمكن المجموعات المنافسة، بقيادة اتحاد شركات ناريفا (Nareva) المغربية وشركة إنجي الفرنسية وإيتوشو (Itochu) اليابانية والصندوق المهني المغربي للتقاعد، من مجاراته. أما اتحاد شركات ثالث مكون من الشركة العامة للأشغال المغربية (SGTM) وصوماجيك (Somagec) وميسوي (Misui) و »IDE Technologies » لم يتقدم لطلب العروض وذلك خوفا من...عدم القدرة على الوفاء بالمواعيد النهائية لتشغيل المحطة التي من المفترض أن تكون جاهزة في 2027.
من جهتها، تبدو مجموعة أكوا مطمئنة أمام الطوارئ الكبرى التي تلوح في الأفق. وقد امتنعت عن الرد على طلباتنا العديدة. ومع ذلك، أكدت بعض « الأصوات الصديقة » إن انطلاقة أشغال البناء في محطة الدار البيضاء قد تم بالفعل يوم الثلاثاء 23 يناير. في تكتم تام. ولكن بعد التحقق، لم يكن الأمر كذلك، وكان الأمل الذي أثاره هذا الإعلان قصير الأجل.
من خارج المجموعة، أكد مصدر مطلع على مجريات الأمور في اتصال مع Le360، إلى أن أكوا بصدد تغيير جلدها. وتستشهد بالتغييرات التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي في الهيكل التنظيمي للمجموعة، في أفق التغييرات المستقبلية و »التحولات الاستراتيجية للمجموعة التي أحدثها أخنوش وواكريم منذ أكثر من نصف قرن ». وهكذا أصبح لدى شركة أكوا أفريقيا رئيس جديد، وهو عادل زيادي، الذي كان حتى الآن يشغل منصب مدير قطب المحروقات والزيوت في شركة أكوا. واختارت مجموعة أكوا ترقية سعيد البغدادي، المدير العام السابق لـ »Afriquia SMDC » ليصبح مدير قطب المحروقات والزيوت. إعلان آخر، هو قرار المجموعة بإحداث قطب جديد مخصص للانتقال الطاقي والبيئة والتنمية المستدامة، والذي عين على رأسه محمد رشيد الإدريسي القيطوني، وهو إطار كبير آخر داخل الشركة القابضة.
على عاتق هذا الأخير سيقع الجزء الأكبر من المهمة فيما يتعلق بمشروع محطة تحلية المياه بالدار البيضاء. وهو يواجه بالفعل أول عقبة كبرى. لأنه إذا تأخر المشروع فذلك بسبب الصعوبات التي واجهته للوصول إلى مصادر الطاقة الكهربائية النظيفة التي من المفترض أن تزود المحطة بالطاقة، كما ينص على ذلك دفتر التحملات، بحسب ما أشار إليه الموقع المطلع جدا « Africa Intelligence ». وبعبارة أخرى، فإن اتحاد الشركات الفائز بصفقة المشروع العملاق ليس لديه حتى الآن مصدر للطاقة المتجددة مرتبط بالموقع.
كان الأمر في البداية يتعلق بربط المحطة بمزرعة الرياح التي تديرها « GOA Invest » بالداخلة، وهو مشروع تم تطويره بشكل مشترك من قبل أكوا وأو كابيتال (مجموعة عثمان بن جلون). وذلك من خلال خط كهربائي من الجهد العالي بقدرة 3 جيغاوات بين جنوب ووسط المملكة. المشكلة: لم تستجب أي شركة لطلب إبداء الاهتمام، الصادر في أكتوبر 2023 لهذا الغرض من قبل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. وتم الإعلان عن موعد جديد في 16 ماي الماضي.
« تعديل » يضاف إلى آخر، فالصفقة التي أسفرت عن اختيار أكوا جرت بطريقة استثنائية، مع وجود مجموعتين متنافستين فقط، فيما يشترط القانون ثلاثة على الأقل. وإذا كان المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب قد تصرف بهذا الشكل، فذلك لأنه قد تم منح هذا الاستثناء.
وحتى هنا، يبدو من الصعب تصور الانتظار حتى تاريخ 16 ماي كموعد نهائي لإطلاق طلب إبداء اهتمام جديد للتعبير بربط خط كهربائي من الداخلة إلى الدار البيضاء.
وفي المقابل، تمتلك ناريفا، رائدة المجموعة المنافسة، مزرعة رياح في بوجدور متصلة بالفعل بشبكة الكهرباء في الشمال. وفضلا عن ذلك، فازت شركة « المدى » القابضة بالفعل بعقد بناء أول محطة لتحلية المياه في الداخلة، والتي تم وضع الحجر الأول فيها ...في فبراير 2023. لذلك تطرح العديد من الأسئلة: من خلال تفضيل أقل عرض، هل تعرض الدولة للخطر إمكانية تحقيق مشروع أساسي وحيوي للعاصمة الاقتصادية وجهتها؟ متى ستقوم المجموعة المستفيدة من الصفقة بربط موقع التحلية بمصدر الطاقة المتجددة؟ هل سيتم الوفاء بالموعد النهائي لعام 2027 لتشغيل المحطة؟