توقف في تحصيل الرسوم المحلية: شلل غير مسبوق يغرق الإصلاح في أزمة

تحصيل نحو اثنتي عشرة ضريبة محلية متوقف اليوم عمليا، ما يحرم الدولة والجماعات الترابية مؤقتا من مليارات الدراهم من المداخيل

في 28/11/2025 على الساعة 20:15

أدى التطبيق المتسرع لإصلاح تحصيل الرسوم المحلية إلى توقف شبه كامل لعمليات التحصيل، وكشف، وفقا للنقابات، عن صراع مفتوح بين وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، والخازن العام للمملكة، نور الدين بنسودة. بين هذه التوترات وغياب إطار انتقالي، يجد موظفو الخزينة العامة للمملكة أنفسهم في منطقة رمادية من اللايقين، مما يؤشر على مأزق مؤسساتي غير مسبوق.

يمثل إصلاح تحصيل الضرائب في المغرب، المنصوص عليه في القانون رقم 14.25 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية، ورشا مهما للدولة. فهو ينص على نقل تدبير وتحصيل الرسوم المحلية، التي كانت تدار سابقا من قبل الخزينة العامة للمملكة، إلى 92 قباضة جماعية موزعة في جميع أنحاء البلاد. والهدف هو تحديث تحصيل الرسوم، وزيادة المداخيل المحلية، وتعزيز اللامركزية.

وإذا كان الإصلاح طموحا، إلا أن تطبيقه كشف عن خلاف عميق بين وزارتي الداخلية والمالية. وقد اعتبر العديد من المسؤولين منشور وزارة الداخلية الصادر في 11 نونبر 2025، والمطالب بالتطبيق الفوري للقانون ونقل ملفات ومقرات الخزينة العامة للمملكة إلى الجماعات، قرارا متسرعا فرض دون تحضير كاف. وقد أدى هذا الوضع إلى حالة من الارتباك والفوضى والقلق داخل المصالح الجهوية والإقليمية للخزينة العامة للمملكة، حيث يشعر بعض المسؤولين بأن الوضع قد تجاوزهم.

وفي مداخلته مؤخرا أمام أعضاء النقابة الديمقراطية للمالية (النقابة الوطنية الديمقراطية-الكنفدرالية الديمقراطية للشغل)، لخص محمد اعيدعة حالة القلق السائدة داخل هذا القطاع. وحسب قوله، يعكس هذا الوضع «صراعا حقيقيا بين وزارتي الداخلية والمالية، وخاصة بين عبد الوافي لفتيت ونور الدين بنسودة»، وهي مواجهة وصلت إلى حد التساؤل «من سيكسر عظام الآخر في النهاية؟».

وشدد محمد اعيدعة، القيادي في النقابة الوطنية الديمقراطية، على أن القانون لا ينص على آلية انتقالية قبل إنشاء قباضات جماعية، مما خلق فراغا إداريا غير مسبوق. ونتيجة لذلك، فإن تحصيل أكثر من 14 رسما متوقف عمليا، مما يحرم الدولة والجماعات الترابية مؤقتا من مليارات الدراهم من المداخيل.

ولتفعيل هذا الإصلاح، يتعين على وزارة الداخلية توظيف 92 قابضا جماعيا على وجه السرعة. ومع ذلك، يؤكد ادعيدعة أنه «لا يمكن للمرء أن يصبح قابضا بين عشية وضحاها». فالوقت اللازم لتكوين عدد كاف من الموظفين يجعل هذا الخيار صعبا، إن لم يكن مستحيلا. فعمليا، يبدو أن اللجوء إلى القباض وموظفي الخزينة العامة للمملكة هو الحل الوحيد القابل للتطبيق على المدى القصير.

بدأ بعض العمال بالفعل بالتواصل مع قباض الخزينة العامة للمملكة. ففي الدار البيضاء، وافق اثنان فقط حتى الآن على الإشراف على العملية الانتقالية، لكن تفاصيل مهامهما الجديدة –إلحاق أو تغيير الوزارة- لا تزال غامضة.

تثير خريطة القباضات الجديدة إشكالية أيضا. ففي عمالة الحي الحسني بالدار البيضاء، على سبيل المثال، من المقرر استبدال أربعة قباضات تابعة للخزينة العامة للمملكة بقباضة جماعية واحدة. وأشارت عدة مصادر إلى أن «موظفي القباضات الثلاثة الأخرى تركوا دون مهمة واضحة»، مما يثير تساؤلات حول مستقبلهم المهني ومساراتهم وتقاعدهم وآفاق ترقيتهم، وفقا لما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل في وزارة المالية.

مأزق مؤسساتي غير مسبوق

أمام هذه الوضعية الرمادية، عقدت النقابة الوطنية للمالية (التابعة للكنفدرالية الديمقراطية للشغل) والنقابة الوطنية الديمقراطية للمالية (التابعة للاتحاد المغربي للشغل) اجتماعات عديدة مع وزارة الاقتصاد والمالية للحصول على ضمانات. وأكدت الوزيرة نادية فتاح العلوي الحفاظ على الحقوق المكتسبة، ووعدت بنشر مذكرة توضيحية قريبا تفصل الإجراءات والسيناريوهات المحتملة لهذا الانتقال.

مع ذلك، ذكر محمد ادعيدعة بأن هذه الحقوق لا تقتصر على الأجور والمنح، بل تشمل أيضا الاستقرار النفسي، وتدبير المسار المهني، والتقاعد، والترقية بناءً على الدبلومات. وشدد، قبل كل شيء، على ضرورة تمكين القباض وموظفي الخزينة العامة للمملكة من اختيار مهامهم المستقبلية.

ووفقا للنقابة الوطنية الديمقراطية للمالية، تكشف الأزمة الحالية عن صراع مفتوح بين وزارتي الداخلية والمالية. إن منشور وزارة الداخلية، والشلل في تحصيل الرسوم في قباضات الخزينة العامة للمملكة، واستمرار الموظفين في تلقي رواتبهم ومنحهم دون أداء واجباتهم، وغياب المواكبة من الخازن العام للمملكة، نور الدين بنسودة -الذي يتهمه ادعيدعة بـ«التخلي عن موظفيه»- تتسبب في خلق مأزق مؤسساتي غير مسبوق.

وفي محاولة لتهدئة الوضع، علقت النقابات مؤقتا بعض تحركاتها الاحتجاجية. وتطالب الآن بحوار واضح، وتنسيق فعال بين الوزارتين، ونشر مذكرة عاجلة تحدد خارطة طريق دقيقة وإجراءات انتقالية. كما تعتزم النقابة الوطنية الديمقراطية للمالية تنظيم اعتصامات محلية خلال الأسبوعين المقبلين أمام مقرات الخزينة العامة للمملكة، قبل إطلاق حركة احتجاجية وطنية إذا استمر الوضع على حاله.

تحرير من طرف وديع المودن
في 28/11/2025 على الساعة 20:15