وتناولت يومية «الأخبار»، في عددها الصادر ليوم الخميس 7شتنبر 2023, مضامين تقرير مجلس المنافسة الذي ذكر أن الوضعية السابق ذكرها أسفرت عن اعتماد تدابير لإعادة التوازنات وتقليص تأثير التضخم، وأعادت كذلك تجسيد أهمية سياسات إعادة التوزيع، التي تهدف إلى إعادة تخصيص الموارد لفائدة المقاولات الهشة والأسر منخفضة الدخل.
وحسب الجريدة ذاتها، فقد أفضى التضخم إلى الضغط على القدرات الميزانياتية للحكومة، إذ اضطرت إلى الرفع من النفقات العادية، بما فيها تكاليف المقاصة الخاصة بغاز البوتان والسكر والدقيق والتكاليف ذات الصلة باستقرار أسعار بيع الكهرباء من قبل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، مقابل تسجيل استقرار أو تراجع في نفقات الاستثمار.
ويضيف التقرير أن التضخم مكّن من تحقيق مداخيل إضافية لفائدة الخزينة، تم استخلاصها من الرسوم والضرائب المفروضة على استيراد وتصدير الفوسفاط ومشتقاته على حد سواء. وبالرغم من ذلك، فقد تفاقمت متطلبات تمويل الخزينة، ما اضطر مديرية الخزينة إلى تعزيز اللجوء إلى سوق التمويل الدولية قصد تفادي أي ضغوطات على السيولة الداخلية. وأشار التقرير إلى أن التضخم الكلي ارتفع من نسبة 3.1 في المائة عند بداية سنة 2022 إلى نسبة 8,3 في المائة عند متمها.
واتخذ هذا التضخم طابعاً أقل تقلبا مقارنة بالفترة التي بلغت فيها الأزمة الوبائية ذروتها، حيث سار المكون الأساسي للتضخم على التضخم الكلي نفسه، مسجلا في سنة 2022 مستوى متوسطا بلغ نسبة 6,6 في المائة، وهي القيمة نفسها المسجلة بالنسبة للتضخم الكلي، حيث تعكس هذه الوضعية تحولاً شاملا لمستويات التضخم في اتجاه منحنى أعلى ولا ترتبط فقط ببعض السلع التجارية التي تتأثر عادة بالصدمات المنتظمة للعرض.
ويتبين، حسب التقرير الذي تناولته الجريدة بالتفصيل، أن 57 في المائة من أصل 92 نوعا من المنتجات التي تعمل المندوبية السامية للتخطيط على تتبع أسعار استهلاكها تضاعف معدل التضخم الخاص بها خلال سنة 2022، مقارنة بالمستوى ذاته المسجل قبل سنة، إضافة إلى ذلك، تربعت المواد الغذائية ومنتجات الطاقة على عرش المنتجات التي تفاقمت معدلات تضخمها السنوية، سيما الخبز والحبوب (بنسبة زائد 14,04 في المائة) والزيوت والدهون (بنسبة زائد 26.4 في المائة) والخضر (بنسبة زائد 15.7 في المائة) وكذا المحروقات وزيوت التشحيم المستعمل في عربات النقل السياحي (بنسبة زائد 42,3 في المائة).
ويتجسد القاسم المشترك لهذه المنتجات، حسب التقرير، في تأثرها الشديد بتصاعد أسعار السلع العالمية وبعوامل المناخ. غير أن ذلك لا يستبعد وجود عوامل إضافية ذات الصلة بإمدادات هذه المنتجات وتوزيعها والتي يمكن أن تفسر استفحال تضخمها بصرف النظر عن العوامل الموسمية.
وأكد التقرير أن عدة آراء صادرة عن مجلس المنافسة سلطت الضوء على هذه العوامل، سيما الرأي المتعلق بدراسة مدى احترام منتجي ومستوردي زيوت المائدة لقواعد المنافسة الحرة والمشروعة والرأي المتعلق بالارتفاع الكبير في أسعار المواد الخام والمواد الأولية في السوق العالمية، وتداعياته على السير التنافسي للأسواق الوطنية (حالة المحروقات).
وأبرز التقرير أن جموح التضخم شكّل السمة البارزة للضغوط التضخمية التي شهدها المغرب سنة 2022، وعلاوة على ارتفاعه الشديد اتخذ طابعا شبه معمم، وصعبت إمكانية التحكم فيه نسبيا، كما صاحبه تدهور القدرة الشرائية للمستهلكين.
وأضاف التقرير أنه بالرغم من تراجع الطلب الداخلي المقرون على العموم بمستوى كاف للعرض، إلا أن مستويات التضخم استفحلت وأتت في طليعتها المنتجات المتضررة من الاضطرابات المسجلة في أسواق السلع العالمية والتي قفزت أسعارها عند الاستيراد إلى مستويات قياسية واستثنائية.
ومن هذا المنطلق، يضيف مجلس المنافسة في تقريره، اتخذت الآليات المؤججة لهذا التضخم أساسا طابعا خارجيا، فأرخت بظلالها على التدفقات الاعتيادية للواردات من جهة، وعلى المنتجات التي لجأ المغرب إلى استيرادها لتغطية كمياتها غير الكافية بسبب الجفاف من جهة ثانية كما تحول التضخم الذي تفاقم بتراجع الدرهم مقابل العملات الرئيسية الأجنبية بنسبة 1,7 في المائة بالقيمة الإسمية و3,2 في المائة بالقيمة الحقيقية وفقا لمعطيات بنك المغرب (تحول) إلى تضخم لتكاليف الإنتاج اضطر من خلاله الموردون والمنتجون إلى إسقاط الزيادات في أسعار الاستيراد على الأسعار المحلية.
وخلص المجلس، تقول الجريدة، إلى أنه إذا تواصل هذا التضخم المؤثر على تكاليف الإنتاج، فقد يفضي ذلك إلى تحريك دوامة تضخمية، بمجرد أن تعقب الارتفاع المعمم للأسعار زيادة كثيفة في الأجور، وبالموازاة يظهر أن التضخم المرصود خلال السنة الماضية يقترن كذلك بمصادر داخلية وذاتية، ولكن كانت أقل حدة مقارنة بالمصادر الخارجية وترتبط المصادر الداخلية ارتباطا وثيقا بقنوات تموين الأسواق وتوزيع السلع على المستهلك النهائي.
بيد أن خطر تحول المكون الداخلي إلى المصدر الرئيسي للتضخم، يؤكد التقرير، يظل ضعيفا لكون الاقتصاد المغربي لم يسجل حالة اشتداد الفوران، ولم تحدث دوامة في الأسعار والأجور، زيادة على ذلك، تزامن تمدد التضخم مع تصاعد وتيرة التداول النقدي، فقد ارتفعت حاجيات البنوك من السيولة من 64,6 مليار درهم في المتوسط الأسبوعي خلال الفصل الأول من 2022 إلى 87,8 مليار درهم في المتوسط الأسبوعي خلال الفصل الأخير من السنة.
ولتلبية هذه الحاجيات، حسب التقرير، اضطر بنك المغرب إلى الرفع من وتيرة ضخة للسيولة، منتقلة من 834 مليار درهم إلى 102,5 مليار درهم. وفي هذا الصدد، يضيف التقرير، تبقى فرضية حدوث تضخم نقدي قائمة بالنظر لعدم استقرار العرض سيما إذا كان في مستوى أقل من الطلب.