وأوضح المجلس ضمن تقرير أصدره اليوم الخميس 24 غشت 2023، أن أحد الاختلالات يكمن في الحد الأدنى المطلوب من حيث الرأسمال الاجتماعي أو الرأسمال التأسيسي، معتبرا إياه حاجزا يحول دون ولوج المقاولات الصغرى والمتوسطة بالخصوص (المقاولات الناشئة) إلى السوق، والراغبة مثلا في التخصص في منتجات محددة، أو طرح منتوج مبتكر في السوق لا يتطلب قاعدة مالية هامة، حيث تشمل هذه المتطلبات رأس مال لشركات التأمين وإعادة التأمين (EAR)، والذي يجب أن لا يقل عن 50 مليون درهم، بالإضافة إلى حد أدنى لصندوق التأسيس قدره 50 مليون درهم، وعدد أعضاء لا يقل عن 10.000 عضو.
وأكد مجلس المنافسة في تقريره المكون من 87 صفحة، على أن عروض التأمين بالمغرب محدودة، حيث تتعلق أساسا بالمنتوجات التقليدية، ولا ترقى إلى مستوى طلب فئات معينة من السكان، خصوصا في مجال توفير منتجات شمولية ومبتكرة للتأمين، مبرزا أن القطاع بالبلاد يتوفر على إمكانيات غير مستغلة، بإمكانها أن تجعله رائدا إفريقيا وعربيا، وذلك عبر النهوض بالتأمين الشمولي، والذي يُعٓرّٓف على أنه « مفهوم تأمين يستهدف الشرائح السكانية التي لا تلج بما يكفي إلى خدمات التأمين، ويمكن إقصاؤها كليا أو جزئيا من السوق ».
وأشار الرأي ذاته، إلى أنه على المستوى العالمي، يعتبر سوق التأمين المغربي مركزا للغاية، نظرا لأن الشركات الثلاث الأولى تركز 46% إنتاج القطاع، والأربعة الأولى حوالي 57.20% والستة الأولى حوالي 80%، حسبما يؤكد رأي المجلس، حيث يكون التركيز أكبر في بعض الفروع، إذ يتم توفير 70٪ من سوق التأمين على الحياة من خلال الثلاث الشركات الأولى (Mutuelle Attamine Chaabi وWafa Assurance وRMA)، وفيما يتعلق بالتأمين على غير الحياة، فإن أفضل 5 شركات تأمين تمثل 75% من السوق (Sanlam Maroc، Wafa Assurance، AtlantaSanad، RMA، AXA Assurance Maroc).
ويرى مجلس المنافسة أن المستهلك هو « الحلقة الأضعف » في العلاقة التعاقدية مع شركات التأمين، حيث شدد على أن « عقد التأمين هو عقد رضائي، وحتى عقد عضوية للزبائن، ولا سيما المستهلك الذي لا يملك القدرة على المساومة »، مبرزا وفقا لتحليله أن كتابة عقود التأمين تتم بطريقة معقدة للغاية، مما يترك حتى المستهلك الأكثر اطلاعا في حيرة بشأن الحقوق والاستثناءات الحقيقية الناشئة عن العقد الموقع، مضيفا أن هذا الوضع الذي يستفيد منه المؤمِّن يعود بالأساس إلى قوته الاقتصادية، رغم تدخل المشرع لضمان شفافية شروط العقد وحماية المؤمن له.
كما توقف المجلس عند مسار معالجة ملفات حوادث السير، والذي وصفه ب « الثقيل، ويتأثر بتعدد المتدخلين »، حيث يصطدم المستهلك في بعض الأحيان بعدة متدخلين، على غرار مقاولات التأمين وإعادة التأمين، والوسطاء والخبراء والميكانيكي وغيرهم، معتبرا أن مقاولات التأمين غير متطورة بما يكفي لمقارنة أسعار التأمين، بحيث يقتصر تحليل العروض، المقدمة من لدن المقاولات المختصة في مقارنة أسعار التأمين عبر مواقعها الإلكترونية، فقط على عروض مقاولات التأمين التي ترعاها، مما يحرم المستهلك من أداة موثوقة وحاسمة لممارسة المنافسة بين مختلف مقدمي العروض.
تجدر الإشارة إلى أن استثمارات شركات التأمين بلغت نهاية سنة 2021، وفق ما جاء في رأي المجلس، 210,3 مليار درهم (بقيمة الجرد)، واستقرت في 221,3 مليار درهم بعد إدماج استثمارات شركات إعادة التأمين الحصرية، حيث يوفر هذا القطاع للفاعلين الاقتصاديين، تغطية الأخطار مقابل أداء قسط قانوني بشكل منتظم محدد مسبقا، إضافة إلى قيامه بدور اجتماعي من خلال الخدمات المقدمة في مجال التأمين على الحياة، إذ يساهم في ضمان الأخطار التي تقع خلال حياة الشخص أو في حالة الوفاة.