لطالما كان لمراكش صورة نمطية للترحال الراقي ليست متناغمة حقا مع الواقع. لكن منذ خمسة عشر عاما، تعزز هذا العرض باكتشاف أكفاي، وهي بقعة فريدة تقع على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا جنوب غرب المدينة الحمراء، حيث تمتد التلال القاحلة والصخرية على عدة مئات من الهكتارات.
هذه الجوهرة الطبيعية، المعروفة بـ"صحراء مراكش"، تقع على الطريق المؤدي إلى آيت إيمور، توفر لمرتادها مكانا مثاليا عند سفح الأطلس وشعورا بالعزلة عن العالم. هنا، كما يتضح من حالة واد نفيس الواقع على مقربة منها، فإن الممرات المائية جافة ويلجأ السكان المحليون إلى تخزين مياه الشرب في الصهاريج لمواجهة الجفاف الحاد الذي تعرفه المنطقة حاليا.
وخلافا للصورة التي تنقلها بعض الكتيبات الإشهارية، لا يوجد رمل في أكفاي. إنها صحراء صخرية. مناخ جاف وتربة صخرية تتناسب مع ركوب دراجات الرباعية "كواد" أو الجمال، بالإضافة إلى إطلالة خلابة. وفي نهاية المطاف، فرضت أكفاي نفسها كواحدة من الوجهات الاستكشافية الرائدة على منصات السفر عبر الإنترنت، ولكن أيضا كوجهة مفضلة للعلامات التجارية المحلية.
بعد جائحة كوفيد، أصبحت المنطقة أكثر طلبا، إذ لاحظ بعض مهنيو قطاع السياحة الذيم كانوا متوقفين عن العمل بسبب الإغلاق القسري الطويل الذي فرضته الجائحة، أنها المنطقة السياحية الوحيدة التي تجذب السياح، سواء المحليين قبل استئناف الرحلات الجوية، أو الدولية. وهكذا، تشهد صحراء مراكش إقبالا قياسيا، بحسب وكالات الأسفار.
لكن هذا الإقبال الهائل للوجهة بات مصحوبا بانتشار المخيمات والأنشطة، التي تكون في بعض الأحيان عشوائية، والتي تضر بالمنعشين العاملين بالفعل في المنطقة منذ سنوات. "لقد حظيت المنطقة بإعجاب العديد من السياح. لكن منذ عودة الحركة، استقر العديد من الأشخاص هناك في تجاهل تام للخصوصيات المحلية، والمنعشين الذين استثمروا لسنوات لإرضاء الزبناء الباحثين عن الهدوء"، بقول بيير إيف ماري وهو مستثمر سياحي مقيم في أكفاي.
في الواقع، هناك نوعان من السياحة متعارضان: الترحال الراقي الذي تجسده أحيانا المخيمات وأحيانا النزل البيئي بالمفهوم الأنجلو ساكسوني المألوف والذي يتميز بالهدوء وتجربة الصحراء من خلال المشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات في الجبال واستكشاف القرى المجاورة. وهناك عرض غير مهيكل يقدم رحلات على الجمال، ولكن أيضا تأجير دراجات كواد وغيرها على طول المسار أو الطريق المعبد الذي يتقاطع مع تلال أكفاي.
من الصعب الاستمتاع بغروب الشمس دون سماع أصوات دراجات كواد مع مسارات تمر بجانب المخيمات المؤقتة. هناك موضوع آخر مثير للجدل وهو إقامة أمسيات موسيقية ومهرجانات باتت مصدر ضوضاء ليلية لزبناء المخيمات وغيرها من النزل البيئية. "في ليلة مهرجان Lost Nomad، لدي زبناء لم يستطيعوا النوم حتى السادسة صباحا. وهو ما يفقد المكان كل أصالته..."، يعبر بأسف شديد بيير إيف ماري.
أمام الوافدين الجدد، يتساءل المهنيون بقطاع السياحة المقيمون منذ سنوات عن الهوية الحقيقية لأكفاي. لكن وفقا لمهنيين آخرين، تظل هذه الأحداث متقطعة ولا يوجد ما يدعو للقلق. "تشغل هذه المهرجانات العمال المحليين وبالتالي لا يمكن أن تفيد إلا أكفاي"، يؤكد نور الدين بوناجي، منعش سياحي.
لكن أمام هذه الزيادة الأخيرة في الأنشطة غير المهيكلة، لا تتفاعل السلطات بنوع من السرعة، وفقا للبعض. هو ما يثير الشكوك حول الطابع السياحي لهذه المنطقة التي من شأنها أن يعزز الجاذبية السياحية لمراكش.