علم Le360 من مصادر موثوقة أن قرار رفع دعوى ضد شركة اتصالات المغرب (IAM) قد اتخذ خلال الاجتماع الأخير لمجلس إدارة شركة إنوي، الذي انعقد يوم الاثنين 13 دجنبر. وتشير مصادرنا إلى أن الدعوى رفعت أمس الخميس 16 دجنبر 2021 بالمحكمة التجارية بالرباط، تطالب فيها اتصالات المغرب بدفع تعويضات عن الضرر بقيمة 6.8 مليار درهم.
هذه الدعوى ليست الأولى ضد الفاعل التاريخي في قطاع الاتصالات بالمغرب. فهذا الأخير، كما أكدت العديد من التقارير الوطنية والدولية (مجلس الحسابات، البنك الدولي، إلخ)، رفض دائما وضع حد لممارساته التي تعتبر تمييزية، لا سيما فيما يتعلق بتقاسم شبكتها النحاسية التي ورثتها عن الدولة المغربية مع فاعلين آخرين في المجال (إنوي وأورونج)، على الرغم من الإنذارات والتحذيرات الرسمية التي تعرضت لها. والنتيجة أنه بعد أكثر من 15 عاما من فتحه للمنافسة، ظل سوق خدمات الاتصالات الثابتة محتكرا من قبل اتصالات المغرب، الذي يصر على انتهاك القواعد التي تحكم تفكيك الحلقة المحلية (ADSL).
هذه الوضعية دفعت إنوي إلى رفع شكاية، في دجنبر 2016، إلى الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات ضد شركة اتصالات المغرب لاستغلالها موقعا مهيمنا في سوق الخطوط الثابتة. في الوقت نفسه، رفعت إنوي دعوى قضائية أمام المحكمة التجارية بالرباط، مطالبة بتعويض قدره 5.5 مليار درهم عن الأضرار التي لحقت بها.
وفي يناير 2020، فرضت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، في قرار تاريخي، غرامة قياسية قدرها 3.3 مليار درهم على اتصالات المغرب، مع فرض عقوبات يومية تصل إلى عدة ملايين درهم في حالة عدم امتثال الشركة لأحكام هذا القرار.
اتصالات المغرب لم تغير ممارساتها المنافية لقواعة المنافسة
في 20 فبراير 2020، قرر مجلس إدارة شركة إنوي، بناء على اقتراح من مسيري الشركة القابضة المدى، سحب الدعوى المرفوعة في 2018 ضد اتصالات المغرب أمام المحكمة التجارية بالرباط. "لا يساور مجلس إدارة شركة إنوي أي شك في أن التدابير والأوامر المتخذة في هذا السياق ستعيد المنافسة الشريفة في سوق الاتصالات السلكية واللاسلكية، لصالح المستهلكين والشركات وفي إطار الامتثال الصارم للقانون والتنظيمات المعمول بها"، بحسب ما أوضحته إنوي في بيان صحفي أعلنت فيه سحب دعواها.
وقال أحد الخبراء في مجال الاتصالات، طلب عدم الكشف عن هويته في اتصال مع Le360: "الدعوى الجديدة المرفوعة في 16 دجنبر 2021 من قبل إنوي تجد بالتأكيد تفسيرها في السلوك المستمر المنافي لقواعد المنافسة لشركة اتصالات المغرب في سوق الهاتف الثابت، على الرغم من دفع الغرامة في عام 2020".
ولتوضيح فكرته، أشار هذا الخبير المستقل إلى أحدث الأرقام التي نشرتها الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، والتي تم وضعها في نهاية شتنبر 2021، والتي تظهر أن اتصالات المغرب تواصل استحواذها على أكثر من 97 ٪ في سوق الحلقة المحلية (ADSL). بعبارة أخرى، لم يتغير الوضع المهيمن لشركة اتصالات المغرب، بعد أكثر من عشرين شهرا من قرار وكالة تقنين المواصلات.
غرامة وكالة تقنين المواصلات لا تشكل إلا 2.7 % من إجمالي مبلغ الأرباح الموزعة من طرف اتصالات المغرب.
قد يبدو سلوك اتصالات المغرب صادما للوهلة الأولى، ولكن عند التدقيق، يرى محاورنا أنه نتيجة "حساب مالي بسيط، من خلال مقارنة غير صحية بين، من ناحية، المخاطر المتكبدة نتيجة الغرامات المدفوعة، ومن ناحية أخرى، المكاسب التي تحققت من خلال الوضع الاحتكاري ".
وأشار قائلا: "على سبيل المثال، مبلغ الغرامة التي دفعتها اتصالات المغرب في عام 2020، أي 3.3 مليار درهم، تمثل فقط 2.7 ٪ من المبلغ الإجمالي للأرباح الموزعة من قبل الشركة في ما يقرب من 20 عاما لمساهميها (120 مليار درهم)"، مؤكدا أن اتصالات المغرب تفضل دفع غرامات على قبول قواعد المنافسة الشريفة.
وأضاف أن هذا المستوى من الأداء، نتيجة الاحتكار الفعلي وعدم الامتثال للقوانين والتنظيمات الجاري بها العمل، أعلى بأربع مرات من المستوى الملاحظ بين الفاعلين الأوروبيين الحاليين في مجال المواصلات.
وفي مقال نشر مؤخرا، أشار Le360 إلى مخاطر هذا الكرم الشديد الذي أظهرته إدارة شركة اتصالات المغرب تجاه المساهمين من خلال التوزيع المنتظم لجميع الأرباح تقريبا كل عام. قد يعتبر البعض ذلك إنجازا يسمح لها بإدارة الشركة وكأنها كازينو يخدم مصالح مساهميها، بينما يتمكن منافسوها بصعوبة من تحقيق أرباح تسمح لها بالبقاء في السوق.
لكن المثير بالنسبة لهذا الخبير المستقل، بغض النظر عن الضرر الذي يلحق بالمنافسين، هو أن اتصالات المغرب، بسلوكها المنافي لقواعد المنافسة، تجعل بلدا بأكمله رهينة بمنع تطوير خدمات الإنترنت الثابت، وهي ركيزة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في عالم أصبح أكثر فأكثر رقميا.
تتقاطع هذه الملاحظة مع ملاحظات مؤسسة التمويل الدولية، التي حذرت في تقرير نشر في أكتوبر 2019، من الآثار الضارة لاحتكار شركة اتصالات المغرب لخدمات الحلقة المحلية (ADSL). "تباطأ معدل نمو قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المغرب، الذي تخلف عن البلدان التي يعتبرها منافسة في هذا المجال، لا سيما فيما يتعلق بتغلغل النطاق العريض (...). لا يزال سوق النطاق العريض في المغرب يقتصر على المراكز الحضرية والطرق الرئيسية في البلاد، مما يؤدي إلى تفاقم الفجوة الرقمية.
معدل انتشار النطاق العريض هو من أدنى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، بحسب ما ورد في التقرير الصادر عن هذه المؤسسة التابعة للبنك الدولي.
يبقى أن نرى إلى متى سيظل "الباطرون" الخالد لاتصالات المغرب، عبد السلام أحيزون، مستمرا في دفع الغرامات، التي لا تؤثر في نهاية المطاف على الأرباح الموزعة على المساهمين، بدلا من قبول لعبة المنافسة الشريفة التي تعد شرطا أساسيا لتطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البلاد.