وفي كلمة الغلاف نقرأ « لا لأجلِ الثِّمارْ / لأجلِ الطّيور/ يَسقي الأشجارْ. ». فبمثل هذا التكثيف والانزياح عن المألوف، يختزل الشاعر سعد سرحان، في كتابه هذا، ما يفوق نظريات في الفلسفة دارت وتدور حول « الغائيّة »، وما قيل عن كون « الغاية تبرّر الوسيلة » في (الميكافيليّة). وهو يفارق الغاية و« النفعية »، ويسمو إلى الجَمال والمتعة ».
وحسب نفس المصدر أنه « ما بين الفن، بروح الشعر والنثر، وبين الفلسفة والحِكمة، يطوف بنا الشاعر في محطّات الحياة، متّكئًا على « التجربة »، حينًا، وعلى ثقافته حينًا آخر، وهي كلّها استخلاصاته وتأمّلاته الخاصّة والمميّزة، في الأحوال جميعًا. لننظر كيف يجعل من الماء نحّاتًا، أو إزميلًا في يد النحّات: « الماءُ إزميلٌ/ انظروا/ إلى منحوتاتِه ». ونحن هنا إزاء مؤثّرات عدّة، سمعيّة وبصريّة أساسًا، لكنّها تحفر في النفس والمشاعر ».
وفي « ما يتعلّق بالتقاطاته من عالم الشعر، تلفت انتباهنا مرجعيّات شاعرنا المتعدّدة، ما بين التراث، وتحديدًا ما يحيل إلى القرآن، أو من الشعر العربي، السيّاب مثلًا في أنششودة المطر (مطرٌ مطرٌ مطرْ/ لكأنَّ روحَ بدرٍ/ قدِ انفطرْ)، والعالميّ، كما في استلهام قصيدة ت. إس. إليوت « الأرض اليباب » في استدعاء شهر نيسان في قوله (شكرًا لأبريل:/ لأقسى الشّهور/ لشاعر السّنة ».
وبالتالي، فهذه نماذج تعبّر عن الرّوح التي تحكم انشغالات الشاعر، وتحيل على أسلوبه في التقاط جوهر الأشياء، وتدعونا إلى الغوص في أعماق العالم من حولنا.