ويعد المنتدى نفسه واجهة أخرى مكنت مغرب الشراكات الاستراتيجية والتوازنات من دفع العجلة العربية نحو دوران مربح، على غرار ما يفعله على الواجهة الإفريقية.
كان دور المغرب فاعلا في هذا المنتدى العربي الروسي الذي يكتسي أهمية بالغة في الظرفية التي تمر منها المنطقة. ويرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي ادريس لكريني أن المنتدى أتى بالفعل في ظرفية إقليمية ودولية حبلى بالتحديات، مؤكدا في الوقت نفسه في تصريح لـle360 أن « مخرجات المنتدى كانت في حجم الظرفية، وفي حجم الانتظارات خصوصا ما يتعلق بالوعي بحجم التحديات المرتبطة بالإمكانيات المتاحة للجانبين سواء تعلق الأمر بروسيا أو بالعالم العربي ».
وفي تصريح خص به أحمد نورالدين الخبير في العلاقات الدولية le360 قال: « إن احتضان المغرب للنسخة السادسة لهذا المنتدى الدولي، دليل آخر على المكانة الدولية للمملكة والدور الريادي المتصاعد الذي تحظى به على المستوى العربي والإفريقي والدولي. كما يؤكد رصيد الثقة والمصداقية الذي يتوفر عليه المغرب لدى مختلف الأطراف في هذا المنتدى.
وقد ترجم المغرب هذا الرصيد من خلال مقترحات تطمح للمساهمة في تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والتشاور السياسي بين الدول العربية وروسيا من خلال الرقي بمنتدى التعاون العربي الروسي إلى مستوى حوار استراتيجي فعلي وفاعل، يستجيب للتحديات الدولية ويساهم بفعالية في الحلول ويستفيد من الممارسات الفضلى لمنتديات مشابهة ».
ومضى نورالدين يقول إن « المنتدى العربي الروسي يعتبر آلية من آليات الدبلوماسية متعددة الأطراف، وفضاء لمناقشة القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية بهدف تعزيز التعاون بين الدول العربية وروسيا وتنسيق المواقف في أفق بناء تصور مشترك وشراكة بين الجانبين ».
وأشاد نور الدين بالدور المغربي في الدفع بفضل سياسته الخارجية بالحوار وتأمين النتائج المهمة وأضاف: « يمكن اعتبار هذا المنتدى أيضاً ألية من آليات القوة الناعمة التي يريد من خلالها كلا الطرفين التأثير على القضايا الدولية ومواجهة التحديات أو الضغوطات التي تمارسها بعض القوى الدولية الكبرى التي أبانت في العشرية الأخيرة عن نُزوع أحادي القطبية وطموح للهيمنة على النظام الدولي وفرض تصورها للعالم على باقي الدول ».
ويرى نور الدين أن ما قاله " تجلى بالخصوص في الانسحاب من معاهدات واتفاقات دولية متعددة الأطراف من بكيفية أحادية ودون مبررات مقنعة، كما برز أيضاً من خلال عرقلة عمل بعض المنظمات الدولية وعلى راسها الأمم المتحدة من خلال استعمال امتياز « الفيتو »، وكذلك من خلال التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو الاعتداء على وحدة أراضيها وعلى سيادتها الوطنية. وهو ما يرفضه الطرفان الروسي والعربي ».
ونوه إلى سعي الطرفين « إلى تنسيق العمل من أجل الاحترام الكامل لسيادة الدول وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو محاولة فرض إصلاحات من الخارج بالقوة، وهذه المبادئ التي تحترم التعدد الثقافي والخصوصية الحضارية لكل بلد، هي الأسس من بين أخرى، التي قامت عليها الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وتشكل القاعدة الصلبة للنظام الدولي، وأي اخلال بها قد يؤدي إلى انهيار المنظومة الدولية بأكملها، مما قد يهدد السلام والأمن العالميين ».
ويرى إدريس لكريني أن روسيا لها مكانتها الدولية الوازنة باعتبارها « قطبا دوليا يسعى إلى إرساء نظام تعددي دولي، وقطب يهتم بالمنطقة العربية، في حين للدول العربية موقعها الاستراتيجي ولها مؤهلاتها النفطية، ولها مكوناتها البشرية الكبيرة، ولديها أيضا، الإمكانات الاقتصادية والتجارية الكبيرة، التي تغري الطرف الروسي.
وأضاف المحلل السياسي « طبعا المغرب من منطلق أنه بلد تربطه علاقات جيدة مع روسيا، ومنطلق حرصه على تنويع شراكاته والانفتاح على مختلف القوى الدولية، والاشتغال سواء على مستوى جنوب ـ جنوب أو جنوب شمال، وكذلك له علاقات مهمة مع الدائرة العربية وكذلك لحرصه على تعزيز التنسيق والتعاون العربي وكذلك حرصه على تدبير مجموعة من الأزمات، وتطوير العلاقات العربية العربية بعيدا عن الخطابات والشعارات. وقد ساهمت هذه المقومات في إنجاح المنتدى العربي الروسي. وبينت أن هناك وعيا بهذه الإمكانيات.
والمغرب، أيضا، انطلاقا من انفتاحه على محيطه الإقليمي والدولي بإمكانه أن يلعب هذا الدور في سبيل تعزيز هذا التعاون، وإرساء وتعزيز العلاقات المغربية الروسية في إطار علاقات ثنائية، وكذلك استثمار هذا الانفتاح، وهذه الدينامية التي تشهدها السياسة الخارجية المغربية على مستوى تعزيز العلاقات الإفريقية ـ الروسية، والعلاقات العربية ـ الروسية والعلاقات العربية ـ الإفريقية على اعتبار أن أن تنويع هذه العلاقات وتطويرها وإعطاءها بعدا مصلحيا بإمكانه أن يخدم القضايا العربية ويخدم المغرب الذي يراهن على روسيا، ليس في ما يخص التعاون الاقتصادي فحسب، ولكن أيضا للوزن الروسي داخل مجلس الأمن لصالح قضية الصحراء المغربية ».
ويرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عبد العزيز قراقي في تصريح لـle360 أن المغرب « طور تجربة كبيرة على مستوى الشراكات الاستراتيجية، ونعلم أن له شراكة استراتيجية على مستوى متقدم مع الاتحاد الأوروبي، وله اتفاقية في إطار التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية وله شراكات مع الصين والهند واليابان وعدد من الدول العربية خاصة دول الخليج العربي، وبالتالي يمكن القول إن المغرب طور شراكات كثيرة ».
وأضاف قراقي « نعلم أن المغرب في عهد الملك محمد السادس عزز كثيرا علاقاته وشراكاته مع الكثير من الدول الإفريقية، وبالتالي فإن المغرب في إطار المنتدى العربي الروسي المنعقد في مراكش، يضع تجربته الكاملة رهن إشارة الدول العربية، وطبعا ما فتئ يضعها رهن إشارة الدول الإفريقية قصد الاستفادة من هذه الشراكات بمنطق رابح رابح رابح، وألا تكون شراكات تستفيد منها، كما كان الأمر في الماضي، الدول القوية بشكل خاص ».
وواصل عبد العزيز قراقي حديثه قائلا « إن المغرب أصبح قبلة لعدد من المنتديات الدولية ولديه قدرة على تقريب وجهات النظر، والدفع في اتجاه تطوير العلاقات بين الدول.
لابد من الإشارة إلى أن القوات المسلحة المغربية في هذه السنوات الأخيرة أضحى لها حضور فاعل من أجل السلام ما أعطى صورة حضارية عن المغرب. ويمكن في هذا الصدد أن نشير إلى إقامة مستشفى ميداني في الأردن لمساعدة اللاجئين السوريين ومستشفيات في بقاع مختلفة.
أضحى المغرب حاضرا على عدة واجهات وله استراتيجيات وشراكات متطورة، ويضع كل ذلك رهن إشارة الدول العربية والإفريقية من أجل خلق دينامية اقتصادية تقوم حول مصير مشترك ».