خلال ندوة الإعلان عن تنظيم دورة هذا العام من مهرجان مولاي عبد الله أمغار، سئل الغيثومي عن سبب عدم استضافة فرق فنية أمازيغية، فأجاب بطريقة مستفزة بأنه لا يفهم الأمازيغية ولا يرغب في استضافة الفنانين الأمازيغ خشية أن يتم رشقهم بالحجارة من قبل المتفرجين بدعوى أنهم لا يفهمون اللغة الأمازيغية.
هذا الرد أثار استياءً كبيرًا بين النشطاء الأمازيغ والجمعيات الحقوقية، الذين اعتبروه عنصريا ويهدف إلى إقصاء الفنانين الأمازيغ من المهرجانات الثقافية.
نشطاء غاضبون
اعتبر عدد من النشطاء تصريحات الغيثومي « مسّاً من العنصرية والتمييز »، خاصةً أنه يشغل منصبًا مسؤولًا عن إدارة مهرجان يحمل اسماً أمازيغياً في الأصل، ومن المفترض أن يكون التعاطي مع الفنانين والفرق الأمازيغية بحسب قدراتهم الفنية وليس على أساس عرقي.
ووصف الناشط الإعلامي الأمازيغي لحسن باكريم تصريحات الغيثومي بأنها « تحمل رائحة العنصرية » وتعد « خرقًا لدستور المملكة » الذي يعترف بالأمازيغية كمكون رئيسي في الهوية المغربية ومسؤولية وطنية لجميع المواطنين.
واستنكر باكريم، في تصريح لـLe360، ما وصفه بـ »غياب الوعي والمعرفة لدى المدير حيال المبادرات الملكية العديدة التي تدعم وتنصف اللغة والثقافة الأمازيغية منذ تولي الملك عرش المملكة »، مذكرا ببعض هذه المبادرات مثل إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وتدريس اللغة الأمازيغية بالمدارس المغربية وإطلاق قناة تمازيغت قبل ترسيم اللغة الأمازيغية في دستور عام 2011.
وتساءل باكريم عن معنى اللقب الأمازيغي « أمغار » الذي يستند إليه تنظيم الموسم السنوي بالجديدة، واعتبر أن من يتجاهل معاني هذا اللقب هم ضد الإرادة الملكية في تعزيز الطابع الرسمي للأمازيغية في المغرب.
وأكد هذا الناشط الأمازيغي أن قاطني مدينة الجديدة ومنطقة دكالة بشكل عام، وكذلك زوار المهرجان من المغاربة، يحبون ويفضلون الفن الأمازيغي. وأشار إلى أن الملك المغربي هو من دعم هذا الفن ودعم الثقافة الأمازيغية من خلال مجموعة من المبادرات الهامة.
واختتم باكريم حديثه بالتأكيد على أن إدارة المهرجان والشركة المنظمة والمسؤولين من السلطات والمنتخبين بدكالة، إذا كانوا لا يعلمون بكل هذه المبادرات والجهود الملكية لتعزيز الأمازيغية، فهم يسعون للإقصاء الممنهج ويخالفون قوانين البلاد وقوانين الدستور.
من جانبهم، أبدى عدد من ممثلي المنابر الإعلامية الاستياء من إقصاء الأمازيغية فنا ولغة من برامج ولافتات المهرجان. وأعربوا عن دعمهم لتعزيز دور الأمازيغية كجزء أساسي من الهوية المغربية، وطالبوا بإدراجها بشكل ملائم في برامج وفعاليات المهرجان.
وتأتي هذه التصريحات في ظل الجدل الذي يدور حول الحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ في المغرب. وتطالب الجمعيات الحقوقية والنشطاء بمعالجة هذه القضية ومحاسبة المسؤولين عن التصريحات العنصرية وتعزيز التسامح والاحترام المتبادل بين جميع المكونات الثقافية في المملكة المغربية.
إدانة حقوقية لتصريحات الغيثومي
عبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان - فرع الجديدة عن إدانتها الصارخة والشديدة للتصريح « العنصري » الذي أدلى به مدير مهرجان مولاي عبد الله أمغار، نجيب الغيثومي. وأكدت الجمعية في بيان لها « استياءها الشديد » من هذه التصريحات التي استهدفت الهوية واللغة والثقافة الأمازيغية.
ووصفت الجمعية التصريحات بأنها « عنصرية وبغيضة ومقيتة »، وتتعارض مع الدستور المغربي الذي يُعترف فيه بالهوية الأمازيغية للشعب المغربي وتعتبر اللغة الأمازيغية لغة رسمية للدولة، وذلك دون استثناء. وفقاً للجمعية الحقوقية فإن تلك التصريحات « تنافي مع مبادئ حقوق الإنسان وتخالف العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية المرتبطة بحقوق اللغة والثقافة ».
وأشارت الجمعية إلى أن « مثل هذا التصريح ينم عن جهل تام بالتاريخ الأمازيغي للمنطقة، كما أنه يمثل تصرفاً مخالفاً للتماسك الاجتماعي في المجتمع المغربي المتنوع ».
وعلى إثر هذا الحدث، طالبت الجمعية المسؤولين وكيل الملك لدى ابتدائية الجديدة بفتح تحقيق فوري في الموضوع واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لترتيب الجزاءات. كما أعربت الجمعية عن حقها في اتخاذ الخطوات القانونية والنضالية لمواجهة التمييز العنصري وحماية حقوق الإنسان.
الجدل يصل إلى البرلمان
لم يقتصر الجدل فقط على الأوساط الإعلامية والثقافية والحقوقية، بل تعداها إلى المجال السياسي، حيث وجه النائب البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية، سعيد ادبعلي، سؤالًا كتابيًا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، يستفسر من خلاله عن التدابير التي ستتخذها الوزارة للتحقيق في تصريحات مدير الجهة المنظمة لموسم مولاي عبد الله أمغار بالجديدة، وطبيعة المساطر التي ستعتمدها الوزارة لترتيب الآثار القانونية على هذه النازلة.
وأعرب النائب البرلماني عن استنكاره للتصريحات المثيرة للجدل، ووصفها بأنها « مستفزة لمشاعر الملايين من المغاربة المعتزين بهويتهم المغربية الأصيلة، بمن فيهم العديد من الفرق الفنية المغربية، وكذلك جمهور موسم مولاي عبد الله المهتم بالفن الأمازيغي المغربي ».
وأضاف ادبعلي قائلاً: « تصريحات بهذا المستوى من الخطورة، والتي تعتبر تحريضًا على الكراهية والتفرقة والعنف والفوضى، لا يجب أن تمر مرور الكرام، وتتطلب فتح تحقيق فوري، ومساءلة صاحب التصريح، وترتيب الآثار القانونية على ذلك، بالإضافة إلى إلزامه بتفسير كلامه غير المسؤول، والاعتذار للشعب المغربي ».