تحت عنوان «دراسة تشخيصية للخصائص الاجتماعية والاقتصادية وظروف احتجاز السجينات بالمغرب»، سلط المرصد المغربي للسجون، وهو هيئة غير حكومية تأسست عام 1999، الضوء على أوضاع النساء السجينات في المغرب، وذلك استنادا إلى نتائج دراسة تشخيصية شاملة أجريت حول عينة من النساء السجينات في مختلف سجون المملكة.
وكشفت نتائج الدراسة عن وجود 2351 امرأة بمختلف سجون المغرب إلى غاية تاريخ 31 دجنبر 2022، بنسبة 2.42% من مجموع الساكنة السجنية بالمغرب، قبل أن تخلص إلى أن النساء السجينات «يعشن تحت ظروف تعسفية بسبب النقص في المرافق المخصصة لهن وعدم تلبية احتياجاتهن الخاصة».

وقال عبد اللطيف رفوع، رئيس المرصد المغربي للسجون، إن هدف الدراسة هو توفير المعلومات الضرورية للأفراد والجهات المعنية لزيادة الوعي حول هذه القضية ودعم الجهود للتصدي للتمييز وتحسين الظروف داخل المؤسسات السجنية.
وأوضح أن العينة التي خضعت للدراسة تتكون من حوالي 357 سجينة، أي أكثر من 25 في المائة من الساكنة السجنية المتعلقة بالسجينات، بهدف معرفة هل يتم احترام البعدين الحقوقي والقانوني في وضعية السجينات داخل المؤسسة السجنية.

خصائص النساء السجينات
أكدت الدراسة أن أوضاع النساء في السجن تختلف اختلافا كبيرا عن وضع الرجال: «غالبا ما تتعرض النساء المعتقلات في السجن للاعتداء الجسدي أو الجنسي؛ وغالبا ما يعانين من مشاكل صحية مختلفة غير معالجة. كما أن عواقب سجن المرأة تكون أخيم من سجن الرجل، لأنهن يتحملن المسؤولية الرئيسية في الأسرة، خاصة عندما يكون لديهن أطفال..».

وخلصت الدراسة إلى أن «النساء السجينات يعانين من التمييز كما لا يمكن تجاهل أن هذه الفئة المحرومة من حريتها لها احتياجات خاصة مرتبطة بطبيعتها كامرأة، حيث تعيش وضعية الهشاشة انطلاقا من نظرة المجتمع والثقافة السائدة التي تنعت المرأة بالدونية».

وسجل المرصد المغربي للسجون أن المشاكل الكبرى التي تعاني منها المرأة السجينة «لا تحظى بالاهتمام اللازم، وليست ضمن سلم الأولويات في السياسات العمومية، سواء على الصعيد العالمي أو الإقليمي أو الوطني».
إقرأ أيضا : قصتي مع الحبس (الحلقة الأولى) - لطيفة: «ولدي جرّني معاه للحبس عشر سنين»
احتجاز امرأة.. سجن أسرة
من بين أولى مظاهر التمييز التي رصدتها الدراسة في حق النساء السجينات، كون المؤسسات السجنية مصممة لتلبية احتياجات السجناء الذكور الذين يمثلون الأغلبية، وهو ما يعرّض السجينات لـ »الاحتجاز وفق تصنيف أمني صرامته غير مبررة من خلال تقييم المخاطر الفردية التي يمثلنها ».

ووفق الدراسة، فإن قلة عدد السجينات أو قلة عدد الزنازين، غالبا ما يؤثر سلبا على استفادة النساء من الأنشطة مقارنة بالرجال (فرص أقل للتعليم أو التكوين المهني).

ورصدت الدراسة أن السجينات المرفقات بأطفالهن لا يتمتعن إلا بإمكانية ضئيلة للحفاظ على الروابط مع أطفالهن. في حين وصفت الدراسة سجن المرأة الحامل بـ »الأكثر مأساوية »، داعية إلى عدم حبس الحوامل إلا في « أكثر الظروف خطورة أو في حالة لم يكن هناك بديل عن السجن على الإطلاق ». وقالت الدراسة إنه « ينبغي اتخاذ ترتيبات خاصة بهذه النساء أثناء الحمل وأثناء فترة الرضاعة الطبيعية، إذ يجب أن يحصلن على المستوى نفسه من الرعاية الطبية كما هو الحال في المجتمع المدني».

وأضاف: « يثير تطبيق القيود الأمنية أثناء الولادة قضايا حساسة بشكل خاص ». ودعت الدراسة إلى « ضرورة التسليم بألا تلد أية امرأة حامل في السجن. وعندما يحين موعد الولادة، يجب نقل هذه النساء، إذا أمكن، إلى مستشفى مدني ».
كما دعت إلى ضرورة ضمان السلامة الجسدية للنساء أثناء حبسهن: « ينبغي دائما فصلهن عن السجناء الذكور، ولا ينبغي أبدا أن يخضعن للإشراف من قبل الموظفين الذكور ».
تحديات وتوصيات
خلصت دراسة المرصد المغربي للسجون حول أوضاع السجينات بالمملكة، إلى أن هاته الفئة تعاني، رغم كل الجهود المبذولة لتحسين وضعيتهن، من صعوبات عديدة إضافية تنضاف الى الصعوبات المرتبطة بوضعيتهن كنساء، أبرزها التمييز، حيث أنه من أصل 77 مؤسسة سجنية بالمغرب لا توجد سوى مؤسستان سجنيتان مخصصتان للنساء.
ومن خلال هذه الدراسة، يمكن للمرصد المغربي للسجون والمساهمين والجهات المعنية أن يحددوا القضايا والمشكلات المتعلقة بالنساء السجينات واحتياجاتهن.
ويتوخى المرصد المغربي للسجون من هاته الدراسة، وفق تصريح عبد اللطيف فروع، تحقيق المساواة وتحسين ظروف الاعتقال للنساء السجينات في المغرب، مؤكدا أن تسليط الضوء على هذه القضية يمكن أن يساهم في إصلاح المؤسسات السجنية وتحسين وضع هذه الفئة الهشة من السجناء.




