أثارت الحادثة تساؤلات حول مسؤولية القاصرين من الناحية القانونية، وتأثير غياب التربية الجنسية على انتشار مثل هذه التصرفات.
الحادثة تصنف ضمن هتك العرض وليس التحرش
في تصريح لـle360 ، أوضحت مريم جمال الإدريسي، محامية بهيئة الدار البيضاء، أن الحادثة لا تندرج تحت مفهوم التحرش الجنسي كما قد يعتقد البعض، بل هي أقرب إلى جريمة « هتك العرض »، والتي ينظمها القانون الجنائي المغربي بموجب المادة 484.
وأشارت المحامية إلى أن العقوبات تختلف حسب طبيعة الفعل. فإذا كان هتك العرض قد تم دون عنف، فإن العقوبة تتراوح بين سنة وخمس سنوات سجنا. أما إذا كان الفعل مصحوبا بالعنف، فتصبح العقوبة أشد وتصل إلى عشر سنوات، وفقا للمادة 485 من القانون الجنائي.
وأضافت الإدريسي أنه حتى وإن كان المتهمون في هذه القضية قاصرين، فإن ذلك لا يغير من طبيعة الفعل الجرمي المرتكب. إلا أن المسؤولية الجنائية للقاصرين تكون غير كاملة، وبالتالي، يتم تخفيف العقوبة إلى النصف وفقا لما ينص عليه القانون بالنسبة للقاصرين.
غياب التربية الجنسية أساس المشكلة
وبخصوص الجانب النفسي والاجتماعي، قدم الباحث في علم النفس الاجتماعي، الدكتور محسن بنزاكور تحليلا معمقا لأسباب انتشار مثل هذه التصرفات بين القاصرين. وقال في تصريح لـ Le360 إلى أن المجتمع المغربي يعاني من « علاقة مرضية » مع الجسد، سواء تعلق الأمر بجسد الفرد نفسه أو بجسد الآخرين.
وأضاف: « ويعزى ذلك إلى عاملين رئيسيين، أولهما أن الحديث عن الجسد والجنس داخل الأسرة يعتبر من « الطابوهات »، وثانيهما غياب التربية الجنسية في المدارس ».
أوضح الباحث نفسه أن التربية الجنسية لا تعني فقط معرفة الوظائف البيولوجية للجسد، بل تشمل أيضا فهم أدوار الأعضاء الجسدية وكيفية احترام الذات والآخرين.
وتابع: « غياب هذا النوع من التعليم يؤدي إلى تكون « علاقة مرضية » لدى الطفل مع جسده، حيث ينظر إلى استكشافه لأعضائه التناسلية كأمر « مخجل »، مما يجعل الطفل ينمو وهو يشعر بالعار تجاه جسده ».
وأشار بنزاكور إلى أن أول اكتشاف للمراهقين أو القاصرين لجسدهم غالبا ما يتم من خلال وسائل إعلام غير ملائمة، مثل المواقع الإباحية أو المحتويات الخاطئة المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي. ومن هنا، تتكون لديهم تصورات مشوهة عن الجنس، مما يدفعهم للاعتقاد بأن لديهم الحق في السيطرة على جسد الآخرين أو التحرش بمن لا يرضون عن مظهرهم أو لباسهم.
القاصرين والتحرش: من الضحية إلى الجاني
أوضح بنزاكور في تصريحه أن القاصرين الذين لم يتلقوا التربية الجنسية السليمة يصبحون ضحية لأفكار مغلوطة، مما يدفعهم إلى ارتكاب أفعال قد تصل إلى التحرش وهتك العرض. وأضاف أن هذه التصرفات تعززها بيئة اجتماعية تعاني من الهوس الجنسي، حيث يشعر القاصر بأنه يمتلك الشارع العام وله الحق في الحكم على الآخرين أو حتى مهاجمتهم.
كما تطرق الباحث إلى العوامل الخارجية التي قد تسهم في هذه السلوكيات، مثل تعاطي المهلوسات أو المنشطات، بالإضافة إلى ظروف النمو في بيئات فقيرة أو مهمشة.
دراسة: الشباب المهمش يشكل خطرا على الاستقرار الاجتماعي
استنادا إلى دراسة حديثة أجراها المركز المغربي للدراسات الاجتماعية والاقتصادية، أشار بنزاكور إلى أن هناك أكثر من مليون ونصف مغربي تتراوح أعمارهم بين 15 و25 سنة لا يعملون ولا يدرسون. وأوضح أن هؤلاء الشباب قد يشكلون قاعدة للمتحرشين أو أولئك الذين ينخرطون في سلوكيات عنيفة مثل الشغب في الملاعب أو الجرائم الأخرى. واعتبر الباحث أن هذه الفئة تشكل تهديدا حقيقيً للاستقرار الاجتماعي.
الحل: التربية الجنسية وإعادة الإدماج
وأكد بنزاكور أن الحل يكمن في إدماج التربية الجنسية بشكل صحيح في المناهج التعليمية منذ سن مبكرة، حتى يتعلم الأطفال والمراهقون كيفية احترام أجسادهم وأجساد الآخرين. كما دعا إلى ضرورة إعادة النظر في فئة الشباب المهمشين الذين لا يدرسون أو يعملون، عبر إدماجهم من جديد في المجتمع من خلال برامج تعليمية وتربوية، لأنهم يعيشون في « سجن مجتمعي مفتوح » وفق تعبيره.
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا