بعد مرور سنة كاملة على اعتقال الطبيب حسن التازي وزوجته وشقيقه ومستخدمات بالمصحة، عقدت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، اليوم الخميس، أولى جلسات محاكمة المتهمين في هذا الملف الذي يحظى باهتمام بالغ من طرف الرأي العام.
مشاهد من جلسة المحاكمة
وسط حضور مكثف من طرف المحامين والصحفيين، غصت جنبات القاعة 8 بمحكمة الاستئناف بعدد من أقارب المتهمين في ملف «الدكتور التازي ومن معه»، الذين كانت أعينهم مشدوهة إلى شاشة العرض، التي سيظهر عبرها المتهمون المعتقلون في سجن عكاشة، بواسطة تقنية التناظر المرئي.
وما إن شرع القاضي علي الطرشي في المناداة على أسماء المتهمين، حتى ظهر في شاشة العرض وسط القاعة «الدكتور التازي» بابتسامته المعهودة، وهو يرتدي «جاكيتا» أسود وسروال «جينز» ويتأبط تحت يده اليسرى مجلدا أصفر يضم بين دفتيه أوراقا غير مرتبة.
إقرأ أيضا : القصة الكاملة لسقوط طبيب التجميل التازي رفقة زوجته وشقيقه
وبينما بدا الطبيب هادئا والابتسامة لا تفارق مُحياه، ظهرت زوجته مونية بنشقرون من خلفه متوترة وهي تغالب دموعها وتنبس شفتاها بكلمات غير مسموعة. أما شقيقه عبد الرزاق التازي، فقد بدا متعبا ولم يستطع المكوث طويلا أمام عين الكاميرا التي كانت تنقل المشاهد من سجن عكاسة، وكان يهم -لفرط تعبه وتقدم سنه- باقتعاد الأرض لولا أن مده شرطي الحراسة بكرسي.
ومثلت ثلاث متهمات أخريات أمام هيئة الحكم، في حالة اعتقال، بينما حضرت الجلسة متهمة واحدة (فاطمة الزهراء) في حالة سراح.
مطالب بالإفراج المؤقت
بعدما قرر القاضي علي الطرشي الاستجابة لطلب هيئة الدفاع بتأجيل البث في الموضوع إلى جلسة 4 ماي من أجل تمكين المحامين من إعداد ملفاتهم، شرعت الهيئة في الاستماع إلى ملتمسات تتعلق بطلب الإفراج عن المتهمين المتابعين في حالة اعتقال.
وطالب المحامي مبارك المسكيني، دفاع الطبيب حسن التازي، بالإفراج عن موكله ومتابعته في حالة سراح، مؤكدا على أنه يتوفر على ضمانات كاملة لامتثاله أمام القضاء، مشددا على أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته».
وتقدم المسكيني صوب القاضي ثم رفع يده اليمنى وأشار بسبابته إلى الشاشة التي يظهر فيها «الدكتور التازي»، ثم قال بصوت عال: «سيدي القاضي.. إن هذا الرجل الذي سارت بركبه الشجعان نظير ما كان يقوم به من مبادرات إحسانية لفائدة آلاف المرضى.. يقبع اليوم في السجن دون مراعاة ما كان يقوم به من إحسان...».
«احتجت المحامية ضد «إقحام» موكلتها مونية بنشقرون في هذا الملف، واستعرضت «معاناة» موكلتها خلف القضبان بعيدا عن أبنائها، الذين بينهم طفل قاصر، مطالبة المحكمة بالإفراج عنها فورا»
— المحامية فاطمة الزهراء الإبراهيمي
أما المحامية فاطمة الزهراء الإبراهيمي، التي تؤازر كلا من التازي وزوجته، فقد احتجت خلال مرافعتها على طول فترة الاعتقال الاحتياطي للمتهمين، التي امتدت إلى سنة كاملة، معتبرة الأمر «خرقا للقانون في ظل انعدام التلبس الموجب للاعتقال».
كما احتجت الإبراهيمي ضد «إقحام» موكلتها مونية بنشقرون في هذا الملف، واستعرضت المحامية «معاناة» موكلتها خلف القضبان بعيدا عن أبنائها، الذين بينهم طفل قاصر، مطالبة المحكمة بالإفراج عنها فورا.
بدوره، التمس دفاع المتهم عبد الرزاق التازي من المحكمة مراعاة «الوضع الصحي المتدهور» إلى جانب تقدم سن موكله، مؤكدا على أن العارض سيضمن مواكبة سير جلسات محاكمته بعد الإفراج عنه.
ورفض ممثل النيابة العامة هذه المطالب الرامية إلى الإفراج عن المتهمين المعتقلين، معتبرا أنها طلبات «غير مُنتجة»، بينما أخر رئيس الهيئة البث في هاته الطلبات إلى آخر الجلسة.
إقرأ أيضا : جنائية الدار البيضاء ترفض الإفراج عن «الدكتور التازي ومن معه»
سقوط طبيب الفقراء
يقبع الحسن التازي، طبيب التجميل بالدار البيضاء الشهير بلقب «طبيب الفقراء»، في السجن منذ يوم 2 أبريل 2022، بناء على تهم سطرتها النيابة العامة، وتتعلق بـ«جناية الاتجار بالبشر، عن طريق استدراج أشخاص واستغلال حالة ضعفهم وحاجتهم وهشاشتهم لغرض الاستغلال في القيام بأعمال إجرامية بواسطة عصابة إجرامية، عن طريق التعدد والاعتياد، وارتكابها ضد قاصرين دون سن 18 سنة ممن يعانون من المرض».
وكان قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف قد استمع إلى مجموعة من المصرحين الذين تم التواصل معهم من طرف امرأة تدعي قيامها بأعمال خيرية للمرضى الموجودين في مصحة الشفاء المملوكة للتازي، وكذا المتهمين الموقوفين، وعمل على إجراء مواجهة فيما بينهم.