منذ مساء 29 يوليوز ، أطلق سراح توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي. وأنهى عفو ملكي عقوبتهم، على الرغم من أنه كان يتعين عليهم قضاء سنوات أخرى وراء القضبان. ومباشرة بعد ذلك، قدمت الجمعية المغربية لحقوق الضحايا توضيحات قيمة، مذكرة بأسس التشريع الوطني. توضيحات تقدمها على التوالي رئيسة ونائبة رئيسة الجمعية، المحاميتان عائشة كلاع وفاطمة الزهراء الشاوي، في مقابلة مع Le360.
منذ البداية، أكدت عائشة كلاع أن العفو الملكي الممنوح للصحفيين الثلاث لا يبرئهم بأي حال من الأحوال، كل في ما يخصه، من جرائم الاغتصاب والاتجار بالبشر التي أدينوا بها. وأوضحت المحامية أن «هذا يدخل ضمن صلاحيات الملك وقد رحبنا بهذا العفو، لكن القانون واضح في هذا الصدد، وعلينا أن نتوقف عن الخلط»، موضحة أن العفو الملكي الذي استفاد منه الصحفيون الثلاثة مثل باقي سجناء الحق العام البالغ عددهم 2473.
أما فاطمة الزهراء الشاوي، فتستغرب من تركيز العديد من المراقبين على الصحفيين الثلاثة، إلى حد الحديث عن «الانفتاح السياسي». وأشارت قائلة: «على حد علمي، لم نكن نواجه أزمة سياسية حتى نتحدث عن الانفتاح السياسي، وذلك بكل بساطة لأنه تم إطلاق سراح ثلاثة صحفيين حوكموا بتهم تتعلق بجرائم الحق العام».
جبر الضرر وإعادة التأهيل
بالنسبة لقياديتي الجمعية المغربية لحقوق الضحايا، يجب ألا ننسى الضحايا الذين يعيشون كابوسا جديدا، والذين يحق لهم، بعد الإفراج عن الصحفيين، الحصول على اعتذار علني، وهو ما قدمه أحد الصحفيين الثلاثة المدانين بمجرد إطلاق سراحه.
وذكرت المحاميتان أيضا أن كبار المسؤولين السياسيين تصرفوا بالطريقة نفسها. واستشهدت المحامية عائشة كلاع على وجه الخصوص بمثالي الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، والرئيس السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس كان. وقالت: «في ذلك الوقت، لم يؤكد أي أحد أن دومينيك شتراوس، المرشح الرئاسي الفرنسي، كان قد دفع ثمن المؤامرة التي دبرها منافسه نيكولا ساركوزي! ».
بالإضافة إلى الاعتذار العلني، تطالب الجمعية المغربية لحقوق الضحايا بتحقيق العدالة للضحايا من حيث تعويض الطرف المدني. لأن العفو الملكي، بحسب الجمعية، لا يعفي من هذا الالتزام بالتعويض، الذي تبلغ قيمته 3 ملايين درهم للضحايا الستة لأحد الصحفيين الثلاثة.
تأسفت فاطمة الزهراء الشاوي قائلة: «لأسباب مختلفة، كان من المستحيل تنفيذ هذا الجزء من الحكم. وإلى اليوم، لم يتلق الضحايا درهما واحدا». والسبب أن أحد الصحفيين الثلاثة قام، خلال فترة سجنه، بنقل ملكية جميع ممتلكاته وأصوله إلى أفراد عائلته، ولم يتمكن الطرف المدني من الحجز على الحسابات البنكية للاثنين الآخرين. لكن المسطرة واضحة: يجب دفع التعويض، وفي حالة عدم دفعه، على العدالة أن تلجأ إلى تدابير أخرى مثل الإكراه البدني.
وصم وردع
أشارت القياديتان في الجمعية المغربية لحقوق الضحايا إلى أمر خطِرٍ آخر: وصم الضحايا. «عندما حكمت محكمة الاستئناف بطنجة على العديد من الأشخاص المتواطئين مع رجل الأعمال جاك بوتيي، بالسجن لمدة 36 سنة، لم يتضامن معهم أحد في فرنسا أو يشكك في حكم العدالة المغربية»، هذا ما قالته الأستاذة كلاع التي دافعت أيضا عن أحد ضحايا رجل الأعمال الفرنسي. وأضافت المحامية قائلة: «الغريب أن بعض الأصوات في المغرب استغلت شبكات التواصل الاجتماعي لوصم الضحايا. إنه أمر سريالي»، مذكرة بأن ضحايا توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي عانوا من المصير نفسه.
وكان لهذا الوصم عواقب وخيمة للغاية. وتأسفت الأستاذة الشاوي قائلة: «إنها ببساطة طريقة لردع أي ضحية عن إدانة المغتصبين». أما الأستاذة كلاع، فقد قالت باحتداد: «تم وصف ضحية أحد الصحفيين الذين تم العفو عنهم بأبشع النعوت. يجب ألا ننسى أنها ماتت وهي تلد طفلا لم تتمكن من رؤيته ولو لدقيقة واحدة!»، في إشارة واضحة إلى أسماء الحلاوي، إحدى ضحايا توفيق بوعشرين.
وختمت المحامية بهيئة بالدار البيضاء: «كيف يكمن للمرء أن ينعم براحة البال ويفرح عندما يعود إلى زوجته وأطفاله وما زال هذا الحمل يثقل ضميره؟».